عينت سنة 1974 مديرا للإعلام بوزارة الإعلام، فكيف كان ولوجك لدواليب السلطة؟ كنت مقربا من الطيبي بنهيمة، الذي عين في ذلك الوقت وزير دولة مكلف بالإعلام. ومن المعلوم أن الطيبي بنهيمة جرى تعيينه في ذلك المنصب لأن المغرب كان يعتزم إطلاق حملة بخصوص قضية الصحراء المغربية، خاصة نحو إسبانيا. بالنظر إلى أن فرانكو. كان أعلن عن تنظيم استفتاء لتقرير المصير، لقد كان واضحا أن فرانكو كان يريد استقلالا خالصا وبسيطا للمجال الترابي، الذي كانت إسبانيا تحتله. كان عدد العاملين في وزارة الإعلام قليلا، والديوان كان يتولى تدبير الأشياء المهمة تحت إشراف أحمد الطيبي بنهيمة، وهو شخصية متميزة تتمتع بثقافة واسعة وماض معتبر في النضال الوطني. كانت هناك في الحقيقة أشياء كثيرة، فمن جهة، تميزت تلك الفترة بالانكباب على ملف الصحراء، غير أن وزارة الإعلام كان يتوجب عليها أن تهتم بأمور أخرى ذات علاقة بالراديو والتلفزة والصحف الوطنية. ومن جهة ثانية، كان ينبغي وضع نصوص قانونية، أذكر منها، على سبيل المثال، تلك التي تؤسس للمركز السينمائي المغربي، الذي لم يكن إلى حدود تلك الفترة سوى مكتب بسيط، وكذلك تلك التي تعيد هيكلة مدرسة الصحافة، التي كانت تعاني من نقص الموارد المالية وغياب الهاجس المهني. كيف دبر التواصل في المغرب عندما كان النزاع حول ملف الصحراء في بداياته ؟ كان ذلك يتمثل بالأساس في العلاقات مع الصحافة الأجنبية، عربية كانت أو أوروبية أو أمريكية، دون الصحافة الإسبانية، خاصة أن عددا كبيرا من صحافيي الوكالة والتلفزة والصحافة المكتوبة حلوا بالمغرب، ولم يكن يمر أسبوع دون أن يصل عشرات منهم إلى بلادنا، والحدث هو المسيرة الخضراء، بطبيعة الحال. كان يجب تدبير هذا الحشد الكبير من الصحافيين، وهو ما حاولنا القيام به بموارد بشرية محدودة، رغم أننا استعنا بكفاءات من الإذاعة والتلفزة المغربية، إذ نادينا، بالخصوص، على الصديق معنينو، الذي أصبح في ما بعد كاتبا عاما لوزارة الإعلام. إن قضية الصحراء المغربية معقدة للغاية، خصوصا في بداياتها، وسوف أتذكر جيدا تاريخا محددا، ما يمكن أن نسميه بدء المرحلة النهائية لإسبانيا فرانكو، وجزائر بومدين، في شتنبر 1974، بفضل رسالة من الملك الحسن الثاني، بعثها إلى الأمين العام للأمم المتحدة، ينبهه فيها بمحاولات مدريد الالتفاف حول الحقوق المغربية في الساقية الحمراء ووادي الذهب، ويطالب فيها بمنحهما الاستقلال. وتلك قصة أخرى تنطوي على عدد من التفاصيل لا يسع المجال لتناولها هنا. يمكن القول إن كل هذا بدأ، بكل تأكيد، كمفاجأة سارة بالتعبئة الشاملة والتلقائية للجميع. هناك العديد من الأشياء يمكن قولها بهذا الخصوص، أظن أن هذا لا يمكن أن يحدث إلا مرة واحدة.