شرع المجلس البلدي لمدينة القصر الكبير، ماي الماضي، في تهيئة ساحة مولاي المهدي وحديقة السلام، وسيجري إنجاز كل مشروع معد من قبل وكالة إنعاش وتنمية أقاليم الشمال في ظرف ستة أشهرأشغال تهيئة الحدائق انطلقت في ماي الماضي (خاص) في إطار سلسلة من المشاريع الرامية إلى تهيئة ساحات وحدائق المدينة بتكلفة إجمالية 18.586.898 درهما. وقد خلفت عملية التهيئة ردود فعل متباينة بين هيئات المجتمع المدني والسكان في ما يتعلق بالجانب التاريخي والايكولوجي، سيما أن التهيئة سبقتها عملية قطع الأشجار، وتدمير لشكل وهندسة الساحة والحديقة المرتبطة بالذاكرة المحلية لسكانها. تفاءل السكان خيرا مع انطلاق عملية التهيئة، لأن من شأن ذلك أن يرد الاعتبار لأهم ساحات وحدائق المدينة، لارتباطهما بالذاكرة التاريخية للسكان، لكن ذلك لم يدم طويلا ، إذ سرعان ما تحول هذا التفاؤل إلى أسى للسكان، وهم يرون الجرافات تحطم ما ارتبط بذاكرتهم لسنين عديدة، لتجعلها مجرد أنقاض. تسترجع فاطمة (45 سنة) ذكرياتها في الحديقة قائلة ل "المغربية": "حديقة السلام هي أكثر من مجرد حديقة، قضيت فيها طفولتي وأسعد أيام حياتي، وكل ركن من أركانها يذكرني بالماضي الجميل. لا أعلم لماذا دمروها هكذا؟" وإذا كانت حديقة السلام قد طالها الإهمال والتخريب لسنوات، وأصبحت مرتعا خصبا لمدمني المخدرات والكحول، رغم تردد أسر محترمة عليها بشكل يومي، فإن ساحة مولاي المهدي، التي ارتبطت، هي الأخرى، بالذاكرة المحلية، فلم تكن في حالة تستدعي قطع أشجارها وهدمها، وهذا ما عبر عنه بعض السكان الذين أعربوا عن استغرابهم الشديد لسبب إقدام المجلس البلدي على ذلك، وإن كانت الساحة تحتاج فعلا إلى التفاتة وإصلاح، وليس إلى تدمير كلي. ساحة مولاي المهدي تتميز أشجار ساحة مولاي المهدي، التي عمرت سنين عديدة، بقيمة إيكولوجية عالية، إلا أن ذلك لم يشفع لها أمام المجلس البلدي، الذي أمر باجتثاث مجموعة منها، منتصف ماي الماضي. وعارضت ذلك خمس جمعيات، هي جمعية البيئة والتنمية، وجمعية الخضراء للتربية والتنمية الاجتماعية، وجمعية أوراش للتنمية، وجمعية الأصالة بحي الطابية للتنمية والثقافة والرياضة، الفرع المحلي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، إضافة إلى مستشارين جماعيين من المعارضة، إذ طالبوا بوقف عملية قطع الأشجار، وتوجهوا إلى السلطة الإقليمية مطالبين بالتدخل العاجل، إذ جرى وقف العملية بأمر من عامل إقليمالعرائش. وأفاد بلاغ توضيحي، صادر الاثنين الماضي، حصلت "المغربية" على نسخة منه، أن الجمعيات الخمس قامت ب"بمكاتبة السلطة الإقليمية والمحلية ورئاسة المجلس البلدي، لإثارة انتباههم لمسار الأشغال من أجل المطالبة بالتوقف النهائي لعملية تقطيع هذه الأشجار..." وأضاف البلاغ أن الجمعيات اقتنعت بالمسار الصحيح لتلك الأشغال، وعدم معارضتها لها، بعد أن عقدت مع رئيس المجلس البلدي لقاء أكد فيه أن "عملية القلع هذه ستتبعها مباشرة عملية غرس أشجار أخرى بتصفيف جيد، بالقيمة نفسها، لإعطاء جمالية أكبر للساحة". يأتي البلاغ التوضيحي للجمعيات الخمس الموقعة عليه ردا على ما تناقلته بعض الجرائد الوطنية والمواقع الالكترونية من قيام الجمعيات بوقفة احتجاجية، وإصدار بيانات استنكارية، لعمليات قطع الأشجار، خصوصا ما أثير حول انضمام المعارضة، إذ أشار البلاغ إلى أن مبادرة الجمعيات "نابعة من حس الانتماء والغيرة على هذه المدينة، ومن فعلنا المدني المستقل عن كل توجه سياسي أو حزبي، كما نرفض حشرنا في أي عملية سياسية انتخابوية"، كما جاء في نص البلاغ.