بحلول شهر مارس الماضي تكون مرت على "منتدى شهرزاد"، الجمعية الثقافية التي تعنى بالأطفال المتمدرسين، أو المنقطعين عن الدراسة، والنساء الأميات، عشر سنوات من الاشتغال الثقافي، ومن المكابدة والمعاناة في غياب مقر للجمعية، والدعم المادي الكافي لأنشطتهالأن جمعية "منتدى شهرزاد"، المكونة من أساتذة باحثين وفنانين، تعتمد في تمويل أعمالها على انخراط أعضائها. وبهذه المناسبة، ينظم "منتدى شهرزاد"، يوم السبت 22 ماي الجاري، ب"نادي الحرية"، مؤسسة الأعمال الاجتماعية للمدرسين بعين الشق بالدارالبيضاء، برنامجا ثقافيا شاملا، يستعرض أعضاء المنتدى في صبيحته المنجزات الثقافية والاجتماعية، التي حققها منذ تأسيسه في 25 مارس سنة 2000، إلى الآن. وفي المساء، سينظم المنتدى حفلا فنيا وثقافيا، يقدم فيه المستفيدون من ورشات المنتدى، والمؤطرون، قراءات شعرية، وقصصية، وتقدم فيه مجموعة من الإصدارات، التي حرص المنتدى بإمكانياته الخاصة على إخراجها إلى أرض الوجود. وحول حصيلة العشر سنوات، ذكرت لطيفة العراقي، نائبة رئيسة "منتدى شهرزاد"، ورئيسته السابقة لدورتين، في تصريح ل"المغربية"، أن الحصيلة إيجابية، لكنها لم ترق إلى مستوى تطلعاتهم، لأنهم واجهوا صعوبات كثيرة، ولم يجدوا التمويل الكافي لإنشاء مثلا مكتبة متنقلة، ومكتبة في دار بوعزة بالدارالبيضاء، لأن الجمعية تعتمد على إمكانياتها الذاتية، وعلى انخراط أعضائها المتطوعين، لأن أغلبهم أساتذة وممارسون لمهن فنية، يساهمون في الجمعية بما أتيح لهم من إمكانيات، ويقتطعون أوقاتا ثمينة لتأطير المستفيدين وتلقينهم أسالب القراءة والكتابة، وتحرير مخيالهم. وأضافت العراقي أنه باستثناء دعم الاتحاد الأوروبي، الذي توصلت به الجمعية عن طريق "الجمعية المغربية للبحث في الأدب المقارن بالرباط"، الذي خصص لنشر الكتاب الأول للمنتدى سنة 2005 بعنوان "من متعة القراءة إلى الرغبة في الكتابة"، فإن الكتابين التاليين: "أصوات شابة خلف القضبان" سنة 2005، و"كنت أمية" سنة 2009، أصدرهما المنتدى بإمكانياته الخاصة، لتعقد المساطر الإدارية بالمغرب، وقالت " كنا نعتقد أن الكتاب الذي كان ثمرة اشتغالنا مع شباب نزلاء سجن عكاشة، كان سيحظى بدعم من مجموعة من الجهات، التي تهتم بأوضاع السجناء، لكن لا شيء من ذلك حدث، وتأكد لنا بالملموس أن مقولة دعم الجمعيات مجرد كلام فارغ". وأشارت العراقي إلى أنه رغم تلك المثبطات، فإنها لم تحد من عزيمة ومن جدية اشتغال أعضاء الجمعية، الذين يأملون مستقبلا في أن يخصص لهم الدعم الكافي، حتى يتمكنوا من تحقيق الأهداف التي رسموها للمنتدى من البداية، والتي تتمثل في مساعدة الأطفال المتمدرسين والمنقطعين عن الدراسة، وذوي الاحتياجات الخاصة، من اكتساب آليات للتعبير والتواصل، ومصاحبة المتعلمين وتعريفهم بمفاهيم المواطنة والحقوق والواجبات تجاه المجتمع، إضافة إلى إعادة الاعتبار للتراث الوطني، وتشجيع النشر الموجه للشباب، ذي الأهداف الفنية والتربوية، والمساهمة في تأسيس مكتبات، خاصة في العالم القروي، وتوسيع دائرة التنشيط عبر تكوين المؤطرين، من خلال تنظيم موائد مستديرة، ودورات تكوينية، كل ذلك من أجل تحرير مخيال الشباب، وإحياء ونشر متعة القراءة والرغبة في الكتابة، وتقوية وتثمين التبادل والانفتاح على الآخر. وحول اشتغال "منتدى شهرزاد" مع الأطفال، ذكرت العراقي أنها تجربة فريدة مكنتهم من اكتشاف أن الطفل إذا جرى الاهتمام به، وقدمت له المعارف المناسبة، واعتبر كإنسان أولا، وليس كوعاء يشحن بالمعلومات، فإن مستواه يتحسن، وتجده ينخرط من نفسه في الدراسة، وتتكون لديه رغبة وفضول للمعرفة، وهو ما يؤشر على الخلل الذي تعرفه المنظومة التعليمية بالمغرب، والذي يساعد على الهدر المدرسي أكثر من الإنتاج والمعرفة. وعن تجربة المنتدى مع النساء الأميات، أوضحت العراقي أنها تجربة رائعة، كشفت عن الطاقات الخبيئة لدى النساء، وفضولهن اللامتناهي للمعرفة والتعلم، وقالت إن تلك النساء اللواتي استفدن من ورشات المنتدى، لم يقفن عند حدود المعطيات التي قدمت لهن، بل انخرطن في بحوث حول ما يحيط بهن، إذ اشتغلن على الحرب الأخيرة على غزة، وطورن معلوماتهن ومداركهن بالبحث، ولم يقتصرن على ما يروج في الفضائيات من أخبار فحسب. كما قمن ببحث عن تاريخ المغرب ومدنه، ومناخه، وكل ما يتعلق بالبلد، ليتعرفن أكثر على المغرب، وهي كتب جاهزة كما قالت العراقي، تتمنى أن ترى طريقها إلى النور، مثلها مثل الكتاب الذي كان ثمرة اشتغال الجمعية مع ذوي الاحتياجات الخاصة بإعداديتي غاندي وأناييس، كما تتمنى أن يتوفر مستقبلا للمنتدى مقر، ودعم مادي لمواصلة أنشطته، لأن الكتب التي تصدر عنه، ما هي إلا تتويج وثمرة لمجهودات سابقة في ورشات متنوعة في :الشعر، والحكي، والقصة، والمسرح، والتعبير التشكيلي والجسدي. يتكون المكتب الحالي ل"منتدى شهرزاد" من أمينة اليازمي، رئيسة، ولطيفة العراقي، نائبة الرئيسة، والطيب العدلوني العلمي، كاتبا عاما، وعبد الله زيزيو، نائبا للكاتب العام، ونجاة كرطوني، أمينة المال، ونائبتها لطيفة وهبي، ومن الأعضاء المستشارين: كريمة إدلوالي، وعزيزة زيوزيو، وسناء الشاوي، وحفيظة حمود، ومهدي بوجمال. ويلجأ "منتدى شهرزاد" في تأطير أنشطته المختلفة لمجموعة من الباحثين أصدقاء المنتدى مثل الراويين: جون روجي رولان، وجون فوكو، والباحثة الاجتماعية فاطمة المرنيسي، والشاعرين: محمد بوجبيري، وحفصة بكري لمراني، والأخصائيين النفسانيين: عبد الله زيزيو، وآسية أقصبي، وعزيزة زيزيو، والكتاب: إدريس بوسيف الركاب، وماحي بنبين، وعبد الحميد الغرباوي، والرسامين: عبد الله الحريري، ونبيلة باهية، والأنتروبولوجي مصطفى قديري، والباحث في التربية الشعبية جون هاجر.