يرتبطون ببعضهم البعض في مجموعات، ويحرصون على الالتقاء، يوميا، بأماكن وزوايا، صارت متعلقة بهم وبوضعهم، أشخاص تقدمت أعمارهم، وتقاربت لتخلق بينهم لحمة اجتماعية. يقول الحاج عبد الرحمان (67 سنة)، موظف متقاعد، بنوع من التفاؤل "الإنسان في سننا يرتبط بالأشخاص في مثل سنه، ويفضل قضاء الوقت برفقتهم، خصوصا أن المتقاعد ليس لديه بعد سن الستين إلا الفراغ ليصارعه". بدرالدين عتيقي متقاعدون يمارسون لعبة الضاما في الشارع العام (كرتوش) الساعة تشير إلى التاسعة صباحا، يخرج الحاج عبد الرحمان من منزله بحي "إفريقيا"، بالدارالبيضاء، متأبطا كرسيه البلاستيكي الصغير، في اتجاه فضاء مركز البريد، ليس لتحصيل معاش التقاعد، فالشهر لا زال في بدايته. يستعجل الخطى بنوع من الحماس، كأنه يمضي باتجاه عمله، كما كان يفعل منذ سنين خلت، يتوقف بالقرب من مركز البريد، ويستظل بجداره، يضع كرسيه البلاستيكي ويجلس في هدوء، لا ينفك أن يستمتع بهذه الخلوة الصباحية حتى يتلقى تحية من بعيد، لينضم إليه أحد رفاقه، وتتوافد بقية المجموعة إلى المكان. يقول إبراهيم (70 سنة)، عامل متقاعد، بود شديد، "لا يمكن أن يمر اليوم دون أن نجتمع...".