تستطيع دراجة هوائية أن تغير مسار حياة العديد من الفتيات في العالم القروي، والمناطق النائية في المغرب العميق، لما لوسيلة التنقل هذه من أهمية في وصول التلميذات إلى الإعداديات، أو الثانويات، وفي غيابها، تنقطع العديد منهن عن الدراسة في نهاية المرحلة الابتداية، ليكون مصيرهن السقوط في الأمية، والزواج المبكر. فتيات في الطريق إلى الثانوية بناحية أزرو في الأطلس المتوسط (سوري) وثبتت نجاعة الدراجة الهوائية في محاربة الانقطاع عن الدراسة، خاصة بين الفتيات، في العديد من المناطق، بمساهمة هيئات منتخبة، أو جمعيات وطنية وأجنبية، كما هو الشأن في بلدة محاميد الغزلان، بإقليم زاكورة، حيث سلمت، الشهر الماضي، دراجات هوائية لعدد من تلميذات وتلاميذ ثانوية تأهيلية، من طرف المجلس الإقليمي لعمالة زاكورة. تحلقت التلميذات والتلاميذ وسط ساحة الثانوية التأهيلية بالمحاميد، وهم يحدقون في الدراجات الهوائية، ذات اللون الرمادي البراق، الذي زادته أشعة الشمس الدافئة لمعانا، يغري بالتأمل في هذه الناقلات، التي اقتنيت من أجل تشجيع تمدرس الفتيات. وتستقطب هذه المؤسسة العشرات من التلاميذ والتلميذات من أماكن مختلفة بالجماعة القروية لمحاميد الغزلان، بإقليم زاكورة، الذين أسعفتهم الظروف في متابعة تعليمهم إلى ما بعد الطور الإعدادي. وضمن هذا الحشد من التلاميذ، يوجد من يتهدده شبح الانقطاع عن الدراسة، خاصة الفتيات، نظرا لتخوف أسرهن على سلامتهن الجسدية، إما بسبب البعد الجغرافي عن المؤسسة التعليمية، أو بسبب ضيق ذات اليد، أو غيرها من الأسباب، التي حكمت، في السنوات الماضية، على الآلاف من الفتيات والفتيان، عبر التراب الوطني، بأن يصبحوا رقما مخيفا ضمن الإحصائيات الراصدة لظاهرة الهدر المدرسي. وسلمت لطيفة العابدة، كاتبة الدولة المكلفة بالتعليم المدرسي، مائة دراجة لتلميذات وتلاميذ من مناطق بعيدة عن ثانوية محاميد الغزلان. وساد في ساحة الثانوية، أثناء حفل تسليم الدراجات، التي اقتناها المجلس الإقليمي لزاكورة، شعور اختلطت فيه غبطة التلاميذ المستفيدين، بارتياح مختلف المسؤولين، في تأكيد أن الالتقائية والإرادة وسيلة لتوفير فرص التعليم للفتيات في الوسط القروي، الخاضع للكثير من الإكراهات الاقتصادية والسوسيوثقافية، التي تبقي المرأة في وضعية الدونية، رغم ما تؤديه من أعمال. قبل ذلك، عرفت منطقة تزنيت تجربة متميزة، استطاعت، رغم بساطة الإمكانيات المعتمدة لها، تقليص نسبة الفتيات المنقطعات عن الدراسة. ففي نونبر 2008، استفادت تلميذات المؤسسات الإعدادية في العالم القروي بنيابة تيزنيت، من منح على شكل دراجات هوائية، بتوزيع 250 دراجة هوائية، ساهمت في توفيرها شراكة مبرمة بين المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ونيابة التعليم، وفدرالية جمعيات الآباء والأمهات، ووصل الغلاف المالي المخصص لهذه العملية قرابة 40 مليون سنتيم. وتحددت معايير انتقاء التلميذات المستفيدات في بعد المسافة الفاصلة بين المدرسة ومقر السكنى، التي يجب ألا تقل عن 3 كلم، بالإضافة إلى معيار فقر الأسرة وعوزها، وعدم حصول التلميذة المستفيدة على أي منحة دراسية، برسم الموسم المشار إليه، زيادة على ضرورة أن تكون الطريق بين المؤسسة ومقر السكنى ملائمة لاستعمال الدراجة الهوائية. وتتحدر التلميذات المستفيدات من العملية من 21 جماعة قروية بإقليم تيزنيت. كما وزعت 200 دراجة هوائية سنة 2007، هبة من قبل الجمعية الفرنسية من أجلهن، لتلميذات عدد من المؤسسات التعليمية، الملتحقات لأول مرة بالمؤسسات الإعدادية، في 15 جماعة قروية، بإشراف رمزي من البطل العالمي في ألعاب القوى، هشام الكروج. وحصلت كل تلميذة متمدرسة على دراجة هوائية من النوع الرفيع، وخوذة وقائية، ومعطف، وشارات ملونة توضع في العضد، لتوفير السلامة من أخطار الطريق للمستفيدات. وتعتبر الإناث أكثر عرضة للهدر المدرسي من الذكور، إذ بلغ عدد حالات الهدر، سنة 2007-2008، في السلك الابتدائي، بين التلاميذ المسجلين الذين انقطعوا عن الدراسة، 216 ألفا و176، منهم 114 ألفا و674 إناث، بينما وصل مجموع معدل الهدر المدرسي إلى 5.6 في المائة، بنسبة 6.8 في المائة من الإناث. وبلغت حالات الهدر بالسلك الإعدادي، برسم الفترة ذاتها، 167 ألفا و929، منها 67 ألفا و391 حالة تخص الإناث، أما من ناحية المعدل، فإن الذكور يمثلون 13.2 في المائة، والإناث 11.8 في المائة. أما عدد حالات الهدر المدرسي على مستوى التعليم الثانوي التأهيلي، فبلغت 75 ألفا و861، بينها 35 ألفا و981 تهم الإناث. وناهز معدل الهدر في هذه الشريحة 12.3 في المائة بالنسبة للذكور، و12.1 في المائة. وكان تقرير الأممالمتحدة حول التنمية البشرية لسنة 1998 صنف المغرب في الرتبة 125، مشيرا إلى أن نصيب المرأة في تكوين الدخل الناتج عن العمل هو 28 في المائة، وبذالك احتل المغرب، آنذاك، الرتبة 82 من حيث مؤشر مشاركة المرأة في الحياة العامة، ويفترض أن تكون هذه النسبة ارتفعت في السنوات الموالية.