لايزال تعليم الفتيات بالقرى والبوادي المغربية عند مرحلة الابتدائي يطرح العديد من المشاكل، فلا يبلغ أغلبهن مرحلة التعليم الثانوي، هذا في الوقت الذي لا تحظى غيرهن بفرصة التعليم منذ البداية. ويعزي العديد من الملاحظين ذلك لعدة أسباب في مقدمتها ، بعد المدرسة عن السكنى، وطغيان بعض التقاليد التي تجبر الفتاة على المكوث في البيت .. ويستفاد من معطيات رسمية أن 17 في المائة فقط من فتيات البوادي والقرى بالمغرب يلجن المدرسة بشكل عادي ومستمر، في حين تبلغ هذه النسبةحوالي 60 في المائة في الحواضر. وأفادت دراسة أن الفتيات القرويات اللواتي غادرن مقاعد الدراسة كن مكرهات بسبب ظروف فوق طاقتهن، لأنهن تضطرن لقطع كيلومترات مشيا على الأقدام من أجل الوصول إلى مدارسهن، وهو ما يعرضهن لمخاطر الطريق ويجعلهن تتراجعن خوفا على حياتهن وذاتهن من اعتداءات محتملة في كل حين. وتضيف الدراسة أن المشكلة ليست في النقل وبُعد المدرسة فحسب، فهذه مشكلة يمكن حلها بواسطة دراجة مثلا، ولكن المشكلة الرئيسية تكمن في العادات،فهاجس الزواج وليس الدراسة هو المسيطر، ومصيرالفتاة إلى بيت زوجها في نهاية المطاف»كما يقال. إضافةإلى هذه الأسباب توجد أسباب وعوائق أخرى لا تقل أهمية، منها عوائق اقتصادية وأخرى سوسيو اجتماعية، فبالنسبة للعوائق الاقتصادية، يعتبر العالم القروي يعد أكبر خزان لظاهرة الفقر بجميع مستوياته وتجلياته البنيوية والظرفية بنسبة 59 في المائة، فالفقر من بين الحواجز التي تحول دون ولوج الفتاة القروية إلى المدرسة، ذلك أن الآباء عاجزون عن تحمل مصاريف الدراسة لمجموعة من الأطفال في آن واحد، فيضطرون إلى الاختيار والذي يكون غالبا على حساب الفتيات، كما ترى الأسر في الفتيات يدا عاملة تساعدها في تحمل أعباء الحياة وفي الأعمال المنزلية وتربية المواشي، بل ترسلها أحيانا كخادمات في البيوت في المدن لتعيل أسرها». أما بالنسبة للعراقيل السوسيو ثقافية، فيحددها أحد الباحثين في «جهل الآباء لإيجابيات التعليم مما يحدو بهم إلى القول بعدم أهمية تمدرس الفتاة مادام مصيرها المكوث بالبيت، لكنهم يغفلون حقيقة مهمة حتى بالنسبة للنهوض بمسؤولية البيت بما في ذلك تربية الأطفال. فالأم تحتاج إلى قسط من التعليم ليتسنى لها الاضطلاع بمسؤولية الأمومة في ظروف حسنة». ويردف أرجدال أن الآباء يعتبرون تعليم الفتاة أمرا يحدث اضطرابا في تماسك المجتمع القروي الشيء الذي لا ينسجم مع قيم الأنوثة وخصوصياتها، بالإضافة إلى العديد من المبررات الواهية كالحرص على عرض الفتاة ورفض الاختلاط واعتبار المدرسة مضيعة لمستقبل الفتاة تحول بينها وبين مهام الزوجة والأم المستقبليتين». دراجات هوائية للفتيات وبالنسبة لتفاعل الدولة مع قضية تمدرس الفتاة القروية، فقد أحدثت وزارة التربية الوطنية منذ تسع سنوات تقريبا، لجنة الدعم الخاصة بتدريس الفتيات في العالم القروي، والتي أقرت منحا مالية لمحاربة العوامل المفضية إلى انقطاع الفتيات القرويات عن دراستهن بسبب البعد عن المدارس خاصة. وتشتغل هذه اللجنة على واجهتين، الأولى أنها تستحث دعم القطاع الخاص بالمغرب من شركات ومعامل ومؤسسات خاصة، والواجهة الثانية استدرار دعم جهات دولية مانحة للدعم المالي لهذه المبادرات الرسمية، ثم تحويلها للجمعيات العاملة في هذا المجال.