اقتربت قضية شبكة التهجير السري، التي يتابع فيها 59 متهما، أمام غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالدارالبيضاء، من مراحلها النهائية، بعد أن استمعت الغرفة ذاتها لجل مرافعات هيئة الدفاع. ومن المنتظر أن تطوي هيئة المحكمة، خلال الأسبوع المقبل، هذا الملف ابتدائيا، بعد النطق بالأحكام.واستمعت المحكمة، مساء يوم الثلاثاء الماضي، إلى مرافعة المحامي سعد أجياش، دفاع المتهم (ع. ر. ف)، المتابع من أجل جناية "تكوين عصابة إجرامية، وتنظيم وتسهيل خروج أشخاص من التراب الوطني بطريقة غير شرعية، وبصفة اعتيادية، والتزوير في وثائق إدارية واستعمالها". وتساءل الدفاع "هل يمكن، في غياب أي ضحية أو مشتك في هذه النازلة، الاعتماد في الإدانة على محضر يحتوي على تصريح للمتهم، وكذا تصريح لمتهم آخر، واجهته المحكمة به وأنكر معرفته له؟"، مضيفا أن سلطة الاتهام لم تقدم للمحكمة أدلة وقرائن تدل على آثار الجريمة. وذكر أجياش أن "التحقيق يعد مرحلة وسطى بين البحث التمهيدي والمحاكمة، وهو، بهذه الصفة، مرحلة مهمة من مراحل الدعوى العمومية"، متسائلا "لماذا لم يجر قاضي التحقيق مواجهة بين المتهم وبين من اعترف عليه، في غياب حلة التلبس؟". وتساءل المحامي عن "المحجوزات، التي وجدت رفقة الظنين، سواء كانت جوازات سفر، أو وثائق مزورة". وكان بعض أعضاء هيئة الدفاع أثاروا الدفوعات الشكلية، التي سبق أن تقدموا بها، وضمتها المحكمة إلى الجوهر. وتتعلق هذه الدفوعات بالخروقات المسطرية، والجوهرية لمسطرة الامتياز القضائي، التي لم تطبق على بعض المتهمين. واعتبر محاميان أن "قرار الإحالة، المنجز من لدن قاضي التحقيق، ليس سوى نسخة من محاضر الفرقة الوطنية، وكان عليه أن يبرز الوقائع، ويبين أسس المتابعة، عوض الاكتفاء بشهادة متهم على آخر". وكان دفاع عدد من الأظناء ناشد، خلال جلسة سابقة، الهيئة باستبعاد محاضر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، معتبرا أن "التصريحات المضمنة بها، أخذت من المتهمين عن طريق الإكراه والتعذيب"، والتمس البراءة لموكليه. وذكر محامون، في مرافعاتهم، أن اعتقال موكليهم جرى على أساس تصريحات متهمين آخرين، في غياب أدلة كافية وحجج دامغة، وتساءلوا عن "عدم إحضار المحجوزات، للوقوف على ما تدعيه النيابة العامة من تزوير للجوازات". وكان الدفاع طلب إحضار جميع المحجوزات، من جوازات سفر، ووثائق سرية، لتتضح الصورة أكثر أمام الدفاع وأمام هيئة المحكمة، مؤكدا أن قاضي التحقيق لم يطلع الدفاع على المحجوزات، التي ضبطت مع بعض المتهمين، المتعلقة بتزوير الجوازات. وشهدت جلسة أول أمس الثلاثاء،، التي انطلقت في الرابعة والنصف، حضورا أمنيا مكثفا، إلى جانب عدد كبير من أفراد أسر المتهمين، المتابعين في إطار ما يعرف بشبكة التهجير السري. وسبق لعناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية أن حققت مع 29 رجل أمن، برتب مختلفة، بينهم عميد شرطة، كان يعمل رئيس مصلحة بميناء طنجة، وشرطيتان، وضابط يعمل بولاية أمن أنفا بالدارالبيضاء. وقال مصدر أمني إن الفرقة الوطنية للشرطة القضائية تلقت تعليمات من مسؤولين أمنيين بالإدارة العامة للأمن الوطني، قصد فتح تحقيقات مباشرة مع كل رجال الأمن، الذين ذكرت أسماؤهم أثناء التحقيقات التمهيدية.