لا يمكن لأحد أن ينكر عظمة مصر، التي طالما تحدث عنها حفدة الفراعنة، وعن حضارة تصل إلى 7 آلاف سنة، وعظمة تبدو، أيضا، من خلال التعداد السكاني، الذي يبلغ حوالي 80 مليون نسمة. وبمجرد أن تطأ قدما الزائر أرض القاهرة، بعد تجاوز حوالي ساعة من الزمن بين مطارها الدولي ووسط المدينة، يكتشف تلك العظمة من جانب آخر، عظمة مدينة تضم 20 مليون نسمة، وتعد من أكبر عواصم العالم من حيث عدد السكان. وتراهن السياحة المصرية كثيرا على مدينة القاهرة في جلب أكبر عدد من السياح، بالنظر إلى كثرة المزارات التاريخية بها، من قصور ومساجد، والعديد من المواقع الأثرية، والمناطق التاريخية والسياحية والثقافية. وتضم الآثار الفرعونية والأهرامات الثلاثة الكبرى وأبو الهول في منطقة الجيزة، والهرم المدرج في سقارة، والعديد من المعابد، بينما تضم الآثار الإسلامية الآلاف من المساجد والقصور والقلاع والبوابات والمباني التاريخية، وبقايا أسوار المدينة القديمة، إلا أن عوامل كثيرة تهدد ذلك الرهان، وتشغل بال المسؤولين عن تنشيط السياحة، الذين يعملون على التقليص من العراقيل، في أفق جذب 14 مليون سائح في 2011. ويشكل عامل الازدحام أهم المعيقات، التي تحول دون شعور السائح العربي أو الأجنبي بنوع من الراحة، والسهولة في التنقل بين المواقع الأثرية في القاهرة، على النقيض من مدينة الأقصر، التي تعتبر من أهم المدن السياحية الهادئة في مصر. ويعود ذلك الازدحام، حسب مصادر مسؤولة في القاهرة، إلى سوء التوزيع الجغرافي، إذ يفضل سكان القاهرة البحث عن مساكن قريبة من ذويهم، دون التفكير في تعمير الأحياء الجديدة، التي يبنى أغلبها بعيدا عن وسط القاهرة، مثل مدينة 6 أكتوبر، ومدينة النصر. وعبر العديد من المواطنين المصريين، من سائقي سيارات الأجرة، وتجار المحلات التجارية، وموظفين، عن رفضهم الاستقرار في أماكن بعيدة عن مناطق عملهم، الأمر الذي سيزيد الوضع سوءا بالنسبة إليهم، خاصة أن أغلب المصالح الإدارية والأسواق التجارية توجد وسط المدينة. وتحاول وزارة السياحة المصرية زيادة عدد العاملين في هذا القطاع، ولا يتجاوز عددهم مليونين و830 ألف عامل، ويشكل 16 في المائة من العمالة المصرية، ولا يكفي لاستيعاب عدد السياح الزائرين لمصر. وتركز مصر، أيضا، من خلال مخططها المستقبلي لإنعاش قطاع السياحة، الذي عرفت بعض أسواقه التقليدية نوعا من التراجع بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية، على أسواق السياحة العربية، خاصة السوق المغربي، إلى جانب كل من السوق التونسي والليبي، على اعتبار أن أسواق البلدان الثلاثة تعتبر الأهم في منطقة شمال إفريقيا. والجدير بالذكر، أن عمران القاهرة يشكل مزيجا من القديم والحديث، وتقع معظم الأحياء القديمة والتاريخية على الضفة الشرقية لنهر النيل، في حين، تنتشر المباني والأحياء الأحدث على امتداد الضفة الغربية للنهر، التي تتميز بوفرة الحدائق والميادين العامة والشوارع الواسعة، ما يجعلها أقل ازدحاما وضوضاء من الأجزاء القديمة، رغم أن الأخيرة، التي تتميز بجمالية مبانيها وأصالتها، هي التي تثير انتباه السائح وتجذبه إلى زيارة المدينة، إذ وصل عدد السياح العرب والأجانب، سنة 2009، إلى 12.5 مليون.