اختتمت، أول أمس الأحد، في غرناطة ( جنوبإسبانيا)، أشغال القمة الأولى بين المغرب والاتحاد الأوروبي، بالمصادقة على بيان مشترك، يؤكد الطابع غير المسبوق لهذا الحدث، ويحدد خريطة طريق لتعزيز الوضع المتقدم، الذي منحه الاتحاد للمغرب سنة 2008 . وصدر هذا البيان المشترك، في ختام جلسة العمل، التي جرت بقصر كارلوس الخامس، الواقع في معلمة "الحمراء" التاريخية . وفي ختام الأشغال، عرض عباس الفاسي، الوزير الأول، وهيرمان فان رومبوي، رئيس مجلس أوروبا، وجوزي مانويل باروزو، رئيس اللجنة الأوروبية، وولويس ثباتيرو، رئيس الحكومة الإسبانية، للصحافة نتائج القمة، إذ أجمعوا على التأكيد على نجاح هذا اللقاء، الذي يدشن عهدا جديدا في الشراكة الاستراتيجية والمتميزة بين الطرفين . وتضمن البيان المشترك نقاط الاتفاق بين المغرب والاتحاد الأوروبي حول القضايا الدولية الكبرى (الأزمة المالية العالمية، والوضع في الشرق الأوسط والمغرب العربي، والاتحاد من أجل المتوسط، وتطورات قضية الصحراء، والوضع الأمني في منطقة الساحل الإفريقي). وعلى صعيد الشراكة الثنائية، حددت الوثيقة الإجراءات الملموسة الكفيلة بدعم المكتسبات، وخريطة طريق مستقبلية في إطار الوضع المتقدم، الذي يحدد العلاقة بين المغرب والاتحاد الأوروبي . وتشدد خريطة الطريق هذه على ضرورة العمل سويا من أجل وضع استراتيجية لضمان نجاح الشراكة بين الجانبين . اعتبر المغرب والاتحاد الأوروبي أن القمة الأولى التي عقدت بينهما، "تكللت بالنجاح"، وستفتح "عهدا جديدا" من شأنه تعزيز المكتسبات، التي تحققت في إطار شراكة استراتيجية مع بلدان الاتحاد السبعة والعشرين . وأعرب الوزير الأول، عباس الفاسي، خلال ندوة صحفية، عقدت عقب اختتام أشغال هذه القمة، عن "ارتياحه البالغ" لنتائج هذا اللقاء، الأول من نوعه بين المغرب والاتحاد الأوروبي، الذي "يتوج مسلسلا طويلا" من التقارب. وأشاد ب "الثقة المتبادلة"، التي ميزت أشغال القمة، وأكد عباس الفاسي أن هذه القمة غير المسبوقة في تاريخ العلاقات بين المغرب والاتحاد الأوروبي تدشن "لبداية عهد جديد من التعاون وتعزيز المكتسبات" الجلية، التي تحققت في مجال الشراكة المغربية-الأوروبية. وأشار الوزير الأول، من جهة أخرى، إلى تقارب وجهات النظر بين المغرب والاتحاد الأوروبي على أكثر من صعيد، وتطرق، بالخصوص، للتطورات التي سجلها المغرب على المستويات السياسية والديمقراطية، وفي مجال حقوق الإنسان، مسجلا أن المملكة تبنت القيم الكونية في هذه المجالات. من جهته، وقف ثاباتيرو، بصفته الرئيس الدوري للاتحاد الأوروبي، عند البعد غير المسبوق لهذه القمة بين بلد عربي والاتحاد الأوروبي. وأشاد ب"العلاقات الإيجابية والبناءة"، التي يقيمها المغرب، سواء مع إسبانيا أو مع مجموع البلدان السبعة والعشرين الأعضاء في الاتحاد، التي أتاحت عقد هذا اللقاء الرفيع المستوى. وأكد ثباتيرو أن هذه القمة تمثل "خطوة كبيرة على درب تمتين الشراكة مع بلد من بلدان الضفة الجنوبية، بلد استراتيجي بالنسبة لأوروبا، نأمل أن يحقق أفضل تطور لمواطنيه". وأعرب رئيس المجلس الأوروبي، هيرمان فان رومبوي، الذي يمثل لأول مرة الاتحاد الأوروبي في قمة مع بلد من خارج الاتحاد، عن ارتياحه لهذا اللقاء الأول من مستوى عال، الذي "لم يسبق عقده" مع المغرب. وقال إن هذه القمة ستتيح "مزيدا من تعزيز العلاقات الممتازة مع المغرب" البلد "المهم" بالنسبة للاتحاد الأوروبي. كما أكد فان رومبوي أن الاتحاد الأوروبي "مهتم بنجاح المغرب في إصلاحاته من أجل تحقيق مزيد من التقدم والحرية وحقوق الإنسان لفائدة كافة مواطنيه". وفي السياق نفسه، أعرب رئيس اللجنة الأوروبية باروزو عن ثقته في "قدرة المغرب على مواصلة الدينامية التي بدأها سواء في المجال الاقتصادي أو في مجال القضاء وصيانة حقوق الإنسان". واعتبر أن هذه القمة كانت "ناجحة"، وقال إن الطرفين سيشرعان منذ الآن في العمل معا على وضع "استراتيجية تلاقي" مع شريك "اختار قيم الديمقراطية". وأشار إلى تزايد الدعم المالي الذي يخصصه الاتحاد الأوروبي للمغرب، واستعرض الاتفاقيات المبرمة أو التي هي قيد المفاوضات، لاسيما المفاوضات التجارية التي "ينبغي أن يجري إبرامهما في أقرب وقت ممكن". كما أكد رئيس اللجنة الأوروبية على الإرادة التي تحذو الطرفين في أن تكلل شراكتهما ب"النجاح". وفي ما يتعلق بقضية الصحراء، دعا الاتحاد الأوروبي، إلى إيجاد حل "سياسي ونهائي ودائم ومقبول من الأطراف" لقضية الصحراء. وعبر الاتحاد في تصريح مشترك صودق عليه في غرناطة، في اختتام القمة الأولى بين المغرب والاتحاد الأوروبي، عن "دعمه لجهود مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والأمين العام، ولمبعوثه الشخصي للصحراء، بهدف التوصل إلى حل سياسي نهائي ودائم ومقبول من الأطراف" لقضية الصحراء. وأعرب الاتحاد عن دعمه كذلك لمسلسل المفاوضات الجارية، في إطار قرارات مجلس الأمن، خصوصا القرار رقم1817 (2009 ). وأضاف التصريح أن الاتحاد أكد في هذا الاتجاه، على "دور ومسؤولية جميع الأطراف المعنية بهذا الخصوص". وكان رئيس المجلس الأوروبي هيرمان فان رومبوي أكد، دعم الاتحاد لإيجاد حل "عادل ودائم ومقبول" من قبل جميع الأطراف لقضية الصحراء. وأبرز المسؤول الأوروبي في ندوة صحفية مشتركة بقصر الحمراء بغرناطة، في أعقاب القمة الأولى الاتحاد الأوروبي المغرب أن الاتحاد "يتابع باهتمام" موضوع الصحراء، معربا عن أمله في إيجاد حل لهذه القضية. وشدد فان رومبوي على أن الاتحاد الأوروبي يدعم المجهودات، التي تبذلها منظمة الأممالمتحدة من أجل إيجاد حل سياسي لقضية الصحراء، مجددا دعمه للمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة كريستوفر روس. وأضاف رئيس المجلس الأوروبي "نشجع استمرار المفاوضات" بين الأطراف المعنية تحت رعاية الأممالمتحدة، مؤكدا على ضرورة مواصلة العمل للوصول إلى حل مقبول من قبل الأطراف. من جانبه، أعرب رئيس الحكومة الإسبانية، خوسي لويس رودريغيث ثاباتيرو، عن أمله في أن يجري التوصل قريبا إلى اتفاق حول قضية الصحراء، مؤكدا دعمه للمهمة التي تقوم بها منظمة الأممالمتحدة في هذا الإطار. وشدد ثاباتيرو، الذي ترأس بلاده الاتحاد الأوروبي، على اقتناع بلاده بأن التفاهم يشكل أحسن سبيل في اتجاه إيجاد حل لقضية الصحراء، مبرزا أن التفاوض يعد الطريق الوحيد لإيجاد حل لهذه القضية. واعتبر رئيس الحكومة الإسبانية أن قضية الصحراء شكلت أحد المواضيع التي تدارستها القمة، مشيرا، في هذا الصدد، إلى أن بلاده حافظت دوما على ربط حوار صريح وإيجابي وبناء مع المغرب، وستستمر على هذا النهج. وعلى صعيد قضية الشرق الأوسط، أشاد الاتحاد الأوروبي، بالجهود "البناءة والتوفيقية"، التي يقوم بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس رئيس لجنة القدس، المتعلقة بالمدينة المقدسة. ونوهت بلدان الاتحاد 27، في بيان مشترك جرت المصادقة عليه بغرناطة، في ختام أشغال القمة الأولى الاتحاد الأوروبي-المغرب، ب"دور والتزام" جلالة الملك من أجل "تعزيز التسامح والتفاهم المتبادل والسلام والاستقرار بالمنطقة". واعتبر الجانبان أنه من الضروري "السهر على حماية واحترام الإرث المشترك وهوية" مدينة القدس. وبخصوص مسلسل السلام بمنطقة الشرق الأوسط، أشار البيان المشترك إلى أن الاتحاد الأوروبي والمغرب "متفقان على ضرورة التوصل بشكل عاجل إلى حل شامل وعادل ودائم" للنزاع الإسرائيلي-العربي. كما يشجعان الأطراف على الانخراط "بعزم في مفاوضات ذات مصداقية حول كافة المواضيع المرتبطة بالوضع النهائي حتى يجري تفعيل حل الدولتين على أرض الواقع" على أساس حدود سنة 1967 . من ناحية أخرى، أكد المغرب والاتحاد الأوروبي ضرورة تقديم دعم سياسي واقتصادي للسلطة الفلسطينية، والسهر على حماية واحترام الإرث المشترك وهوية مدينة القدس. وخلص الجانبان المغربي والأوروبي إلى إقامة شراكتهما في مجال العلاقات الخارجية على أساس الانخراط في القيم المشتركة للديمقراطية ودولة القانون وحقوق الإنسان. وأكد الطرفان، في تصريح مشترك أن هاته "الإرادة وهذا الطموح المشترك يعكسان تطابق وجهات النظر بين الاتحاد الأوروبي والمغرب حول سبل مواجهة التحديات الإقليمية والعالمية العديدة ". وأشار الاتحاد الأوروبي والمغرب إلى أن هذه القمة تندرج في إطار مقاربة طموحة ترمي إلى تعميق العلاقات بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط بهدف جعل هذه المنطقة "فضاء للاستقرار والسلام والرخاء المشترك". وأضاف التصريح المشترك أن الطرفين يجددان التزامهما بتوطيد الاستقرار والرخاء بالفضاء الأورو - متوسطي والنهوض بقيم التشاور والتضامن والتكامل فيها، خاصة في إطار الاتحاد من أجل المتوسط . وفي هذا السياق أشاد المغرب والاتحاد الأوروبي بالمساهمة الفعالة للجمعية البرلمانية الأورومتوسطية ولمؤسسة آنا ليند للحوار بين الثقافات في الشراكة الأورومتوسطية، كما نوها بإحداث جمعية إقليمية ومحلية أورومتوسطية. وفي مجال الهجرة اتفق المغرب والاتحاد الأوروبي على تعزيز آليات التعاون بين بلدان المصدر والعبور والاستقبال من خلال مواصلة الحوار بين الطرفين ودعم مسلسل تعزيز قدرات الأطراف المعنية بمحاربة الهجرة غير الشرعية، وتشجيع الهجرة القانونية، وتحفيز مساهمة المهاجرين في التنمية، ومعالجة الأسباب العميقة للهجرة. وفي ما يتعلق بالتداعيات السلبية للأزمة الاقتصادية والمالية، عبر الاتحاد الأوروبي والمغرب عن التزامهما باتخاذ تدابير فعالة في مجال السياسات الاقتصادية والمالية من أجل إعادة الثقة إلى الأسواق، تماشيا مع الالتزامات الدولية وعلى أساس توجيهات مجموعة العشرين ونهج سبل الحوار بخصوص الاستراتيجيات المتعلقة بالخروج من الأزمة. وعلى الصعيد المغاربي، دعا الاتحاد الأوروبي إلى إقامة حوار "مسؤول وبناء" بين البلدان الأعضاء في اتحاد المغرب العربي من أجل إعطاء دفعة للاندماج المغاربي. وجاء في تصريح مشترك، أن الاتحاد، الذي يأسف للصعوبات التي يجتازها اتحاد المغرب العربي حاليا، يؤكد " ضرورة إعطاء دفعة للاندماج المغاربي، عبر حوار مسؤول وبناء" بين أعضائه، "على أساس المبادئ التي كرستها المعاهدة المؤسسة لاتحاد المغرب العربي". وشدد الاتحاد الأوروبي على الأهمية "الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية لاتحاد المغرب العربي، كإطار للتعاون في مواجهة مختلف الرهانات المطروحة على الدول الأعضاء الخمس". وعلى الصعيد الأورو- متوسطي جدد الطرفان التزامهما ب"دعم الاستقرار والرخاء في المنطقة الأورو- متوسطية، وبتشجيع قيم التشاور والتضامن والتكامل، خاصة في إطار الاتحاد من أجل المتوسط". تقييما للعلاقات الثنائية عبر المغرب والاتحاد الأوروبي عن ارتياحهما للتقدم، الذي تحقق في إطار الوضع المتقدم، واعتبرا أنه ينبغي العمل على تطوير هذا الوضع ليصبح أداة جديدة تحل محل خطة العمل الحالية بينهما. وجدد الطرفان، إرادتهما في إقامة فضاء اقتصادي مشترك يتميز باندماج متطور للاقتصاد المغربي في اقتصاد الاتحاد الأوروبي . وشدد البيان على أنه لبلوغ هذا الهدف ينبغي القيام بمبادرات ملموسة حددتها الوثيقة في تقريب الإطار القانوني للمغرب من الرصيد التشريعي المشترك للاتحاد الأوروبي، وتوقيع اتفاق شامل ومعمق للتبادل الحر، وتعزيز التعاون الاقتصادي والاجتماعي، وانضمام المغرب إلى الشبكات الأوروبية المشتركة، وتعزيز التعاون القطاعي من خلال إيلاء "اهتمام خاص" للمشاريع الملموسة، خاصة إحداث لجنة برلمانية مشتركة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، ومشاركة المغرب في برامج الاتحاد، ووضع أداة جديدة تحل محل خطة العمل الحالية بين الجانبين، كما قرر الجانبان تعزيز البعد البشري للشراكة الثنائية من خلال تقوية المبادلات الثقافية وإشراك فاعلين جدد فيها وتشجيع فضاء التشاور بين مكونات المجتمع المدني. وحسب التصريح المشترك فإن المغرب والاتحاد الأوروبي يجددان التأكيد على تمسكهما بترسيخ الحقوق الاجتماعية ومحاربة الفقر والهشاشة، منوهين في هذا السياق بالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية بالمغرب.