وقع أمناء خمسة أحزاب سياسية بالرباط، في الثالث والعشرين من يناير الماضي، ميثاقا، شكلوا بموجبه التحالف من أجل الديمقراطية". وفضلا عن الاسم الجميل، الذي أطلق على هذا المولود، فإن الهدف المعلن له لا يقل إشراقا، ويتمثل هذا الهدف في "دعم البناء الديمقراطي في المغرب" من قبل كل من حزب الوسط الاجتماعي، والحركة الديمقراطية الاجتماعية، والإصلاح والتنمية، والتجديد والإنصاف، والوطني الديمقراطي. وتتميز التنظيمات السياسية المذكورة، أولا، بحجمها الصغير، بما فيها حركة الكومسير محمود عرشان، وحزب الكومندار عبد الله القادري، اللذان آلا إلى الضمور، بعد رحيل المرحوم إدريس البصري. وتتميز تلك التنظيمات، ثانيا، بكونها، في مجملها، جاءت نتيجة انشقاقات، أو انشقاقات متكررة، عن أحزاب كبيرة، نسبيا. هذه، مثلا، حال الإصلاح والتنمية، المنشق عن تجمع الأحرار، وحال الوطني الديمقراطي، المنشق عن التجمع سالف الذكر، والمنشق، مرة أخرى، عن الأصالة والمعاصرة. وتتميز تلك التنظيمات، ثالثا، بتحولها إلى مجرد جسور صغيرة، يركبها الأعيان، الذين انسدت في وجوههم إمكانيات الترشح في الانتخابات التشريعية باسم الأحزاب الكبيرة، ويقفزون منها، عائدين إلى تلك الأحزاب. بالإضافة إلى ما عانته مثل هذه الأحزاب في الانتخابات النيابية الأخيرة من"بعبع" العتبة، وما يرتبط من "بعابع" الإقصاء من الاستفادة من التمويل العمومي، فقد عانت من عودة البرلمانيين القلائل، الذين فازوا باسمها، إلى عائلاتهم الأصلية، أو تلك التي تقول إنها تؤلف بين الأصالة والمعاصرة. و بالنظر إلى دور التنظيمات المذكورة، عند قيامها، في تفتيت المشهد السياسي، وعجزها عن بناء أدوات حزبية قوية وفاعلة، وتحالفها اليوم، من أجل مواصلة التفتيت، عبر المطالبة بإلغاء العتبة الانتخابية.. بالنظر إلى ذلك، وغيره، تصعب مجاراة تلك التنظيمات في القول إن تحالفها يهدف إلى "دعم البناء الديمقراطي في المغرب". ومن غير المستبعد أن تفشل في مجرد الحفاظ على وزنها الحالي، إذ ماذا يمكن أن يقدم غريق لغريق؟