أضحى التلفظ بالكلام النابي قاعدة لدى فئة كبيرة من شباب اليوم، بحيث لم يعد يخلو أي مجمع من أحاديث سخيفة وسباب وشتم بألفاظ يندى الجبين لسماعها من فئة عمرية في حاجة إلى تهذيب للسلوك وضبط للأخلاق.هذا ما أجمع عليه عدد من الفاعلين التربويين والاجتماعيين ممن استقت " المغربية" آراءهم حول الموضوع، وأضافوا أن بعض الشباب "لا يكترثون لوجود من هم أكبر منهم، وفي ما بينهم يطلقون العنان للكلام النابي"، وأرجع محدثونا هذا الأمر إلى "عدم اشتغال الرقيب العقلي لدى هؤلاء، وذلك لأسباب متعددة قد تعود لتناولهم لمواد مخدرة، بما لها أثر سلبي على ظهور هذه السلوكات الشاذة". وأعطى العربي العطواني، فاعل جمعوي، أمثلة لذلك بما تعرفه الشوارع والممرات المؤدية إلى الملاعب، حيث "تهتف فئة من جمهور الشباب بصوت عال بشعارات ساقطة تعطي الانطباع أن ثمة خلل في تربية هذه الفئة على حسن السلوك، وهذا الخلل يبلغ حدته عندما يجد هذا الشاب في الشارع ووسطه المعيش ما يغذي لديه هذا الانحلال في اللسان والنطق الواهي بأنكر الكلام وأفحشه". ويتعدى ذلك، يضيف العربي، ما هو منطوق إلى "ما هو مكتوب في الجدران والأسوار من عبارات تخدش الحياء، ورسومات شاذة تجعل عددا من المارة يخشون أن يجوبوا هذه الشوارع والأزقة رفقة ذويهم"، بل الأنكى من هذا، يؤكد محمد فتاح، أستاذ، أن هذه العبارات والرسومات المخلة بالحياء، "نجدها مكتوبة بعناية على أبواب المدارس التعليمية، بل يمكن أن ترصع أبواب وجدران الأقسام والمراحيض وغيرها من المرافق، الشيء الذي يؤكد بأن هذا التلميذ عندما لا يجد مراقبة، وتتبعا صارما وحازما أثناء قيامه بفعلته هذه وهو في مدرسته، فحتما سلوكه هذا سيصبح ساري المفعول داخل المجتمع". وعن طبيعة هذه الأفعال والتصرفات الفاسدة يقول ثلة من شباب صادفتهم "المغربية" في جولتها في أحد الشوارع إنها توحي أن كاتب أوكاتبي هذه العبارات، لم يكونوا تحت أي ضغط، بل ما يلاحظ من كيفية رسم هذه الخطوط أنهم لم يجدوا أي مواجهة ومقاومة لا من طرف السكان ولا من طرف السلطات المعنية. وعن هذا النسق يؤكد هشام، 18 سنة، تلميذ، الذي يعيش مراهقته، يقول ويكتب ما يشاء دون قيد أو شرط ولا يمكن لأي كان أن يمنعه، مضيفا قوله "أتشجع أكثر عندما أكون رفقة أصدقائي، بغية إظهار علو كعبنا وعدم اكتراثنا بمن حولنا". وهذه الصورة، يقول العديد من الفاعلين التربويين في حديثهم ل"المغربية"، مرتبطة بطبيعة مجتمعنا، الذي كثيرا ما لايجد الشاب فيه متنفسا لتفجير ما بدواخله من طاقات ومواهب، وتساءلت مصادرنا هل كان لهؤلاء الشباب "أن يأخذوا هذا الاتجاه المنحرف، إذا ما وجدوا أرضية ملائمة لصقل مواهبهم وتصريف طاقاتهم، بالطبع الجواب لا، ونحن نعرف أن فترة المراهقة التي يعيشها الشباب هي فترة حساسة تقتضي أن تدبر بما يجب من كياسة وتبصر من طرف آباء وأولياء أمور هؤلاء الأبناء". من جانبه أكد عبدالصادق، ناشط حقوقي، أن الكتابة على الجدران والتفوه بالكلام النابي هو إحساس لهؤلاء الشباب بالفراغ وعدم وجود ناه ومانع وحائل دون اتخاذهم هذه الوجهة، ومن ثمة اعتبر المتحدث ذاته أنه من أجل مواجهة هذه السلوكات المخلة بالحياء، "ضروري أن يفعل دور المصلحين الاجتماعيين، وتعمل المؤسسات التعليمية على تكريس هذا الانضباط في مناهجها، ونجعل الإعلام العمومي يساهم في التحسيس والتوجيه، كما للأسرة دور أيضا في إكساب الشباب مناعة ضد كل ما يمكن أن يصادفه من أقوال وأفعال شاذة في الشارع العام، كما على الآباء أن يقربوا منهم أبناءهم ويصاحبوهم ويحاوروهم حتى يبددوا لديهم المشاكل والأحاسيس السيئة".