بينما طالب محمد الناصري وزير العدل، باستقلالية هيئة الدفاع وتأهيلها والعناية بأطرها ورعاية الأطر وموظفي كتابة الضبط، دعا أحمد حرزني، رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، إلى الرقي بالمنظمة القضائية لمنحها استقلالية..أكد محمد العلمي مشيشي إدريسي، وزير العدل السابق، أن الدستور المغربي يقر أن القضاء مستقل عن السلطتين التشريعية والتنفيذية. واقترح العلمي، خلال ندوة دولية، نظمتها الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، واللجنة الدولية للحقوقيين، والشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان، حول "إصلاح السلطة القضائية بالمغرب"، أمس الجمعة بالرباط، تنظيم القضاء طبقا لمقتضيات الدستور المغربي، مبرزا أنه في ما يتعلق بالمستوى التشريعي، "لن يكون هناك مشكل، ويكفي الاحتكام إلى المرجعية الدينية". وعلى المستوى التنفيذي، طالب بعدم إلحاق القضاء كوزارة بالحكومة، وجعله كولاية، أو ديوان تابع للملك، ومستقل عن الحكومة، على اعتبار أن الدستور يمنح القضاء هذه الصلاحية، كما يقر أن الملك هو الرئيس الأعلى للمجلس الأعلى للقضاء، داعيا إلى تنظيم القضاء وفق توجه الدستور المغربي، وتوطيد علاقته بالملك. من جانبه، قال الناصري إن "الإصلاح ورش كبير، لا يتوقف عند صياغة نصوص، أو ملاءمة أخرى، أو إعادة تنظيم أو رصد إمكانيات، بل بتعبئة شاملة، ينصهر فيها كل الفاعلين لتقوية صرح العدالة، ومدها بالعطاءات، وتحصينها من الشائبات، وطبعها بأخلاقيات التعامل معها كرسالة وأمانة، ووفاء بالقيم، في تضامن شامل، من أجل إقرار أمن قضائي، يؤطر له أمن قانوني، يلتف حول إجماع حقوقي، يثريه ويغنيه، ويدافع عن شموخه كل من أؤتمن على رسالة في رحاب العدالة". وأضاف الناصري، في كلمة تلاها محمد ليديدي، الكاتب العام لوزارة العدل نيابة عنه، أن "الإصلاح، الذي نرومه، يجد مرجعيته في الإجماع الوطني، وفي الالتفاف حول الاختيار الرصين، الذي أمر به جلالة الملك، ورسم معالمه، بعدما أكد وجوب فتح حوار وطني، وتعميق النقاش بشأنه، والاهتداء إلى ما ينسجه مع الخصوصية المغربية، ويتفق مع المتعارف عليه دوليا". وأبرز أن "إصلاح القضاء موضوع يلازم المسار القضائي، لأن الدافع إليه ليس، فقط، تقويم مكامن الضعف والنقص، بل الرغبة في الارتقاء بالعمل القضائي نحو الأحسن، والبحث المتواصل عن أحسن المواقع وأفضل السبل، التي تمكن من تصريف العدالة في بعدها السامي، بالشكل الذي يعم فيه الإحساس بعدالة الأحكام، ويقوي الثقة في الجهاز"، مؤكدا أن العدالة لا يمكن تصورها إلا في نطاق استقلال القضاء، وفي فعالية جهازه، وفي سرعة تصريفها، وفي بساطة إجراءاتها، وفي كفالتها وحمايتها لحقوق الدفاع، وفي تكريسها لعدالة المحاكمة، وفي قوة وتكوين ومؤهلات الفاعلين فيها، وفي شفافية وطهارة أجوائها، وفي انفتاحها على محيطها وعلى العالم، وفي مواكبتها للمستجدات. وقال حرزني إن "خطاب جلالة الملك في ذكرى ثورة الملك والشعب، شكل خارطة طريق لإصلاح القضاء، كما انطلقت دينامية إصلاح القضاء بجدية"، مبرزا أن المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، كمؤسسة حقوقية، وكوريث لهيئة الإنصاف والمصالحة، مهتم باستقلالية القضاء. وأضاف أنه " لايكفي أن تكون هناك توجهات عامة، لأن الصعوبة تكمن في التطبيق والتنفيذ، الذي يجب أن يكون في تربة معينة، وفي إطار أوسع"، مؤكدا أنه "لا يمكن إصلاح القطاع، دون إصلاح جميع القطاعات". وبالنسبة لميشيل توبيانا، الذي تحدث نيابة عن المنظمات الثلاث المنظمة للندوة الدولية، فإن "إصلاح القضاء نقطة أساسية في كل بقاع العالم، على اعتبار أنه لا يمكن أن تكون هناك مؤسسات إنسانية في غياب مؤسسات قضائية، تعمل بشكل مستقل وفعال"، مبرزا أن المغرب انخرط في هذا التوجه. وسيناقش المشاركون في هذا المنتدى، على مدى يومين، إصلاح السلطة القضائية، من خلال محاور تهم تدعيم ضمانات استقلال السلطة القضائية، وإصلاح الإطار القانوني، وإصلاح المجلس الأعلى للقضاء، وتخليق السلطة القضائية، فضلا عن إصلاح النيابة العامة، والسلطة القضائية وحماية حقوق الإنسان. ويتوقع أن تختتم الندوة بتقديم تقرير عام حول ملاحظات واقتراحات وانتقادات المشاركات والمشاركين.