بينما اختار شباب من الطبقة الميسورة وجهتهم إلى باريس، وتركيا، ولندن، وشرم الشيخ، وماليزيا، والطايلاند، ولاس بالماس، والبرازيل وسيدني... للاحتفال بليلة رأس السنة، وقضاء ليال حمراء، لم يجد شباب الأسر الفقيرة سوى ركن من أركان الحي الباردة، من أجل السمر لتوديع سنة منقضية، والاحتفال بدخول سنة 2010. أحد الشمكارة اختار هؤلاء الشباب الاحتفال بعيدا عن أجواء العائلة، وصخب التلفزيون، بل هيأوا مسبقا الأجواء، وبلغة الشارع، منهم من "تناقشوا" في قنينات الخمر والمخدرات و"القطعة"، إضافة إلى تأثيث مائدة بلاستيكية بالدجاج والسمك، طبخا في مكان الاحتفال. اقتحمت "المغربية" عالم هؤلاء الشباب، والتقطت مقتطفات من حديثهم حول الاستعدادات الأولية للاحتفال "بالبوناني"، إذ شدنا صراع محتدم بينهم حول المبلغ المتفق عليه من أجل اقتناء كل أنواع الخمور، والمخدرات، والعشاء. "فالصباح غادي نشطب ورا دار مي زهرة، باش نحيحوا في الليل"، هذا ما ردده نور الدين، الملقب ب "ولد الصحراوية"، مضيفا " اللي ما عطاش الفلوس، والله ما يقصر معانا". وفي ركن منزو، جلس منير(عاطل) القرفصاء، وقال بنيرة حزينة "لا أحب مشاهدة التلفاز في هذه الليلة، بل أفضل قضاءها رفقة أولاد الدرب، بالقرب من محطة الكهرباء، لاسامدي". أما سعيد، فردد بصوت عال "ما تنساونيش، أنا نعطيكم الدوبل ،غير ديروا بحسابي". "الشمكارة" و "المتسولون" و"المنحرفون" و "الشفارة"، هذه الفئة من المجتمع اختارت، بدورها، الاحتفال بليلة رأس السنة وسط الشوارع والأزقة الضيقة، وخلف المنازل، وفي المزابل، لكن، لا حديث لهؤلاء سوى عن ضرورة إحضار الخمور، والسيلسيون، والأقراص المهلوسة (القرقوبي)، والنفحة، والفتيات. بلغ سعر الماحيا ما بين 15 و 25 درهما للتر، بسبب توافد عشرات الزبناء على بائعي هذه المادة (الكرابة)، بينما بلغ سعر الحبوب المهلوسة 100 درهم للحبة. وإذا كان بعض شباب الأحياء الهامشية هيأوا الأجواء الاحتفالية بالأزقة، فإن آخرين أبوا إلا أن يقضوا ليلتهم في كباريهات وملاه، بكورنيش عين الذئاب. فمحمد، ابن السبعة عشر ربيعا (بائع موسمي)، طلب من أصدقائه الاستعداد للذهاب في وقت مبكر إلى أحد الكباريهات المشهورة بعين الذئاب، مرددا "ما تخافوش، أنا جمعت مليون في تجارة العواشر، غادي نخسر يماها". وأضاف محمد "راه باغي نعيش الحياة"، لكن صديقه حسن رفض مرافقته قائلا "شوف أخويا، أنا باغي نقضي الليلة غير سو ماناطا" (تحت الغطاء). وبعد الاستماع إلى حديث شباب الأحياء الهامشية و"الشمكارة"، انتقلت "المغربية" إلى أحد صالونات الحلاقة، حيث كان حديث الزبونات عن وجهتهن خلال ليلة رأس السنة، فمنهن من ستقضيها رفقة خليلها، بإحدى الشقق وسط المدينة، وأخريات في كباريهات وملاهي عين الذياب، ومراكش، والرباط، وأكادير. تقول ليلى (18 سنة)، دون خجل "غادي نمشي نقصر مع واحد مول البينكا (المال)، وجدت شوميز دونوي أحمر، باش يتهلى فيا"، بينما قالت سعاد (24 سنة) "أنا غادي نقصر مع ثلاثة ديال الصحاب، جاوا من الحسيمة".