شهدت أفغانستان، خلال العام 2009، تصعيدا عسكريا غير مسبوق، منذ الإطاحة بنظام طالبان، وحققت قوات هذه الأخيرة زحفا منقطع النظير على مجموعة من المقاطعات الأفغانية، وسط تزايد شعبيتها وسط القبائل، الأمر الذي استدعى إرسال مزيد من القوات الدولية.وبعد ترقب طويل، أعلن الرئيس الأميركي، باراك أوباما، خطة طموحة ومحفوفة بالمخاطر لإنهاء الحرب في أفغانستان «بنجاح»، تقضي بتصعيد عسكري عبر إرسال 30 ألف جندي أميركي إضافي إلى أفغانستان، في إطار استراتيجية جديدة لكبح الزخم، الذي اكتسبته مليشيات طالبان. على أن يبدأ انسحاب تلك القوات من هناك في منتصف 2011. وسيجري إرسال القوات الإضافية على مدى ستة أشهر، ابتداء من أوائل عام 2010، لتكون بذلك أسرع عملية نشر لقوات أميركية في بلد تدور فيه أطول حرب أميركية حتى الآن. أبرز ما جاء في خطاب أوباما، الذي ألقاه في كلية ويست بوينت العسكرية في نيويورك (أقدم كلية عسكرية في البلاد) إعلانه أن نشر ثلاثين ألف جندي إضافي في أفغانستان سيكون من أجل «خلق الظروف الأمنية والسياسية الملائمة» لتنفيذ جدول زمني لانسحاب «مسؤول» في يوليوز 2011، يسبقه نقل الصلاحيات والمسؤوليات إلى السلطات الأفغانية. ولم يتضمن الخطاب (الخطة) كلاما حول «نشر الديموقراطية» في أفغانستان، وبناء الدولة وأمن الأمة هناك، بقدر ما كان التركيز على ضرورة التصعيد العسكري ضد طالبان «لإنهاء المهمة» بأسرع وقت يسمح بجدولة الانسحاب. من هنا، اعتبر المراقبون أن «الخطاب» هو الأهم بين تلك الخطب التي ألقاها أوباما منذ انتخابه، ويمكن أن يؤثر جذريا على مستقبله السياسي. وأن «الخطة» الجديدة «محاولة ضغط» على الحكومة الأفغانية الجديدة لتحمل أعباء مكافحة حركة طالبان، واستئصال الفساد المستشري في أجهزتها. فقد أكد أوباما، خلال خطابه، أنه يرفض التورط في «حرب مفتوحة»، أو الدخول في عملية بناء للدولة الأفغانية، تستغرق عقدا من الزمن والبقاء هناك مقابل أهداف «غير قابلة للتحقيق» بكلفة معقولة. وسعى الرئيس الأميركي للقول بوضوح- لجمهور الداخل والخارج- إن استراتيجيته الجديدة تمثل «بداية النهاية» لحرب طويلة ومنهكة. جاء ذلك بعد 92 يوما من مراجعة مكثفة ومضنية ومشاورات طويلة مع مستشاريه وقادة الكونغرس وحلفاء أميركا للخيارات العملية المتوفرة أمام إدارة البيت الأبيض حول إمكانية إنهاء الحرب الدائرة في أفغانستان، منذ تسع سنوات خلال ولاية أوباما. وتابع «بصفتي القائد العام للقوات المسلحة، قررت أن مصلحة أمننا القومي تقضي بإرسال 30 ألف جندي إضافي الى أفغانستان. وبعد 18 شهرا ستبدأ قواتنا بالعودة الى الوطن. هذه هي الموارد التي توفر لنا المجال لاستعادة المبادرة، في الوقت الذي نعيد فيه بناء القدرات الأفغانية»