: متابعة شهد الجزائر موجة جديدة من المهاجرين الذين دفعهم اليأس من التغيير والإحباط الاجتماعي إلى ركوب مغامرة غير محسوبة العواقب مع قوارب الموت، ما دفع الحكومة إلى الاستعانة بالمؤسسة الدينية لثني الشباب عن الهجرة. وكشف تقرير نشره المكتب المكلف بالملفات الخاصة في الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، مساء أمس الأحد، عن رقم قياسي جديد في عدد المهاجرين السريين الجزائريين الذين تم إيقافهم في عرض البحر من قبل قوات خفر السواحل، عندما كانوا بصدد الهروب من البلاد والهجرة إلى السواحل الأوروبية. وسجل إحباط السلطات الجزائرية محاولة أكثر من 3109 أشخاص جزائريين الهجرة عبر البحر باتجاه أوروبا سنة 2017، من بينهم 186 امرأة و840 قاصرا، استنادا إلى إحصائيات لقيادة حرس السواحل التابعة للقوات البحرية، مشيرا إلى أن ما يفوق الخمسة آلاف مهاجر آخر نجحوا في الوصول إلى السواحل الأوروبية، الإسبانية أو الإيطالية تحديدا، انطلاقا من السواحل الجزائرية. وأكد التقرير أنّ شبكات الهجرة السرية التي تنشط في الجزائر تجني آلاف الدولارات من هذا النشاط، إذ لا يقل ثمن ما يدفعه كل مهاجر عن الألفي دولار أميركي، متهما الحكومة بالفشل في الحدّ من تزايد تدفق المهاجرين السريين من الجزائر، بسبب ما يعتبره “فشل السياسات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وانتشار الفساد مع احتكار الثروة في يد فئة لا تتجاوز 10 في المائة من الأشخاص، وتجاوز نسبة البطالة 35 في المائة في أوساط الشباب”. وبرغم تشديد السلطات الجزائرية منذ عام 2009 قوانين محاربة الهجرة غير الشرعية، وتجريم الشباب المهاجر بالسجن لفترة بين ثلاثة إلى تسعة أشهر، وتجريم عناصر شبكات الهجرة غير الشرعية بالسجن لمدة خمس سنوات، إلا أن ذلك، بحسب التقرير، لم يوقف استمرار تدفق موجات الهجرة السرية، ولم يثن الشباب عن المخاطرة بالهجرة في عرض البحر، كما لم تثنهم عمليات إعادة المهاجرين من أوروبا إلى الجزائر عن الهجرة، إذ كشفت الهيئة الوطنية لمنع التعذيب الإسبانية أنّ عدد المهاجرين السريين الجزائريين الذين أعيدوا منذ العام الماضي إلى الجزائر، بلغ 868 جزائريا كانوا على متن 86 قاربا. وفي الفترة الأخيرة تبدي السلطات الجزائرية قلقاً بالغا إزاء تزايد حالات الهجرة السرية، واضطرت إلى الاستعانة بالمؤسسة الدينية، إذ أصدر مجلس الإفتاء التابع لوزارة الشؤون الدينية والأوقاف فتوى حول الهجرة السرية أو ما يعرف في الجزائر ب”الحرقة”، وطالب الوزير محمد عيسى أئمة المساجد بلعب دور على هذا الصعيد، وإلقاء خطب تحذر من مخاطر الهجرة السرية وآثارها على النسيج الاجتماعي، واتهم الوزير قوى المعارضة السياسية بتحريض الشباب ودفعهم إلى الهجرة السرية.