أثار إعلان عن إحدى ندوات الدورة 18 من مهرجان ثويزا، والتي ستنطلق مساء يومه الخميس بمدينة طنجة، وتستمر حتى الأحد 28 يوليو 2024 تحت شعار "إنما الأمم الأخلاق.."، جدلا واسعا في الأوساط الثقافية، عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي . وقد اشتعل النقاش حول عنوان ندوة من المقرر أن تعقد يوم الجمعة 26 يوليو 2024 بفضاء رياض السلطان بالقصبة، "شكري "اللاأخلاقي"" (بين معقوفتين). "عنوان غير مناسب" وكتب الكاتب والقاص، مصطفى المودن، تدوينة قائلا: "عنوان غير مناسب لندوة تخص الكاتب محمد شكري، ليس الناس كلهم لهم دراية بعلامات الكتابة، حتى يفهموا أن صيغة "اللاأخلاقي" وردت بين مزدوجتين، باعتبارها استعارة". وأوضح المتحدث ذاته، أن "تأثير هذا الملصق على الأذهان سيكون شيئا آخر غير ما ابتغاه المنظمون. من ذلك ما يمثل محاكمة رمزية لإرث الكاتب محمد شكري على مقصلة غير نقدية. وهو ما يروق مدعيي "الأخلاق"، ومن يتخذونها خلفية لمحاصرة المختلف والجريء والمبدع الذي يسبق زمنه، كما وقع له مع وزير الأوقاف السابق الذي كان وراء منع "الخبز الحافي" من التداول، كان عليهم مثلا وضع "شكري الفاضح"، للأسف هناك سوء فهم في مجال التواصل". "عنوان الندوة الذي جرح أكثر من غيور" أستاذ التعليم العالي بالمعهد العالي للإعلام والاتصال، عبد الوهاب الرامي، أورد في تدوينة مطولة: "... شكري قرأت له ولم ألتقه. شاهدته بفخر وإعجاب في التلفزيون الفرنسي محتفى به وهو ينظر إلى العالم من أعلى رماد سيجارته المحترقة داخل الأستوديو. أكيد أن عنوان الندوة الذي جرح أكثر من غيور على أدب وكرامة رجل أقبل من الهامش مجرد خطأ في التقدير. سقط سهوا من زوادة القيم، لكنه خطأ كبير". وشدد على أن "تبرير نعت "اللاأخلاقي" (من الأصوب أن يكتب التوصيف في كلمة واحدة) يعني شيئا آخر غير معناه المتداول، رعونة تدخلنا في جذبة الكلام الأجوف. وليس لأن من تحت التراب لا لسان لهم للرد، يجوز أن نستغفلهم هم والناس الذين تركوا خلفهم". وأبرز أن "شكري لا يحتاج لا لمن يرمي على قبره الورود ولا لمن يشعل النار في جثمانه الراقد. وربما هو نسي كل ما كتبه، من الخبز الحافي إلى زمن الأخطاء. وربما، أيضا، كان محمد شكري وهو يخرج كتابه "زمن الأخطاء" يقصد عنوان النشاط المعد لتخليد الذكرى 16 لابتعاده عن دنيا البشر. ثم ما موقع ترجمة عنوان الندوة باللغة الأمازيغية في الإعلان الترويجي، وهي ندوة باللغة العربية الفصيحة حسب فهمي. "زمن الأخطاء"! قالها شكري قبل أن يحمل هواجسه ويرحل". "وضع كلمة "اللاأخلاقي" بين معقوفتين تعني استنكارنا المطلق" في هذا الصدد، قال عبد اللطيف بنيحيى، الإعلامي والشاعر، حول الموضوع، "عندما نشر أندريه جيد "اللاأخلاقي" L'Immoraliste سنة 1902، تم اعتبار صدور هذا العمل حدثا ثقافيا بارزا في حياة الكاتب الذي حاز على جائزة نوبل للآداب سنة 1947، والمعروف بقوله المأثور: "إنه بالعواطف الجميلة ننتج أدبا سيئا" (C'est avec les beaux sentiments qu'on fait de la mauvaise littérature)". وأضاف في منشور له، أن "صدور هذا الكتاب أثار نقاشا حول تصنيفه ضمن الأجناس الأدبية المعروفة، بين الرواية والقصة والسيرة الذاتية. وفي المحصلة، تم اعتبار إصدار "اللاأخلاقي"، سردا بصيغة الفرد المتكلم". وتابع: "نعود إلى محمد شكري، كاتب "الخبز الحافي" و"زمن الأخطاء". وهما مؤلفان يصنفهما النقاد والقراء في جنس السيرة الذاتية، وهما نصان سرديان بصيغة الفرد المتكلم. وما كتبه الكاتب الكبير محمد شكري، ليس ملكا لأحد، بل هو إرث أدبي مرموق، يحق للمغاربة والمشارقة وسائر البشرية، أن تقرأه وتعيد قراءته، وتنتقده وتقيمه وفق زوايا مختلفة. ولا نحتاج إلى التذكير، بأن ما كتب عن شكري في أروقة الجامعات العريقة في العالم، وفي أشهر المجلات والمنشورات المتخصصة". وأبرز أن "اللاأخلاقي" هو اللعنة التي كانت تطارد محمد شكري، على امتداد حياته الإنسانية والإبداعية، والتي تولت شرطة الأخلاق، والآداب بكل تلويناتها السلطوية والثقافية إدانته وملاحقته بها أنى حل وارتحل، لا لشيء، إلا لأنه أخذ على عاتقه مسؤولية إسقاط أقنعة أجهزة الرقابة، كي تظهر على حقيقتها بوجوهها البشعة، التي تنخرها ديدان الانحراف، وتنهشها كل أصناف المسخ والعاهات اللاإنسانية التي لا صلة لها بأي اعتبار أخلاقي أو بشري". ونبه إلى أنه "بحكم انتماء شكري إلى تلك الشرائح المجتمعية المقهورة، التي تعاني الأمرين من كيد هذه الأجهزة، والتي لا أثر في دمها لأية قطرة من الأخلاق المفترى عليها، كان من الطبيعي أن يتصدى لها بالفضح والتشهير، عبر تكريس طاقاته الإبداعية لغاية أساسية تتمثل في تشريح طويتها الشريرة والحربائية بمشرط النقد والتنديد، كي تظهر عارية ومكشوفة أمام عيان كل من يرى، وأمام كل من يكتفي بالسماع". وأوضح أنه "بحكم العناد المبدئي الذي جبل عليه كاتب كبير من عيار محمد شكري، فإنه أصبح ملزما بالتصالح مع لعنة "اللاأخلاقي" ما دامت وسيلته الوحيدة، والأخيرة، لتحقيق الحق الأدنى من العدالة، من خلال الإصرار على مطاردة هؤلاء وأولئك المتخصصين في المتاجرة بالقيم الأخلاقية". وأشار إلى أنه "بحكم اقتناع اللجنة المنظمة، بأن المكانة الاستثنائية التي تحظى بها أعمال محمد شكري على المستوى العالمي، تعود أصلا لهذه المطاردة اللاأخلاقية التي تتزعمها إلى يومنا هذا، كائنات غارقة حتى الأذنين في مستنقعات الفساد والزيف والانحراف، فإنها آلت إلا أن تضع هذه الكائنات أمام مرآة اللاأخلاقي، كي تتأكد من تآكل وبؤس قناعها الآيل للسقوط". ونبه إلى أن "وضع كلمة "اللاأخلاقي" بين معقوفتين تعني استنكارنا المطلق لهذه الصفة بالنسبة لشكري الرائع". https://www.almaghreb24.com/dkv6