انتهت الانتخابات في إسبانيا بفوز حزب "فويخو" المحافظ بأكبر عدد من مقاعد البرلمان (136 مقعدا)، وحصل حزب العمال الاشتراكي بزعامة بيدرو سانشيز على 122 مقعدا. وعلى الرغم من تفوق حزب "فويخو"، إلا أن حزب سانشيز أظهر قوة مفاجئة واحتفظ بفرصة لتشكيل التحالفات للبقاء في السلطة. وللحصول على الأغلبية المطلقة في البرلمان، يحتاج كل من الحزبين إلى الحصول على 176 مقعدا. ونظرًا لأن حزب "فوكس" حصل على 33 مقعدًا، يمكن أن يكون شريكًا محتملاً لحزب العمال الاشتراكي في تشكيل ائتلاف حكومي. وبالتالي، يجمع الحزبان ما مجموعه 169 مقعدا في البرلمان، ما يعني أنهما يحتاجان للتوصل إلى تحالفات مع أحزاب أخرى لتحقيق الأغلبية. من المتوقع أن تبدأ المداولات بين بيدرو سانشيز وألبرتو نونييس لتشكيل تحالفات حكومية قبل الاقتراع من جديد. يبدو أن سانشيز قد أدار اللعبة بمهارة ونجح في التقليل من مكاسب المعارضة اليمينية، مما يمنحه فرصة للبقاء في السلطة من خلال تشكيل ائتلافات سياسية. وحصد الحزب الاشتراكي بزعامة سانشيز 122 مقعدا، مقابل 31 لحليفه حزب سومر من أقصى اليسار. وفي وقت متأخر ليل الأحد، تجمّع ناشطون اشتراكيون أمام مقر الحزب مرددين شعار "لن يمرّوا" المناهض للفاشيين وعرف في حقبة الحرب الأهلية (1936-1939). وأكد سانشيز أمامهم قدرته على الاستمرار في تولّي السلطة. وقال رئيس الوزراء إنّ "الكتلة الرجعيّة للحزب الشعبي ولحزب فوكس هُزمت". أضاف "نحن الذين نريد أن تُواصِل إسبانيا التقدّم، عددنا أكبر بكثير". - Advertisement - ومع نيله 153 مقعدا برلمانيا، سيحتاج تحالف الحزب الاشتراكي وحزب سومر الى دعم تشكيلات إقليمية مختلفة مثل "إي آر سي" الكاتالونية أو "بيلدو" الباسكية التي تعد بمثابة وريثة الواجهة السياسية لتنظيم "إيتا". الا أنه سيحتاج أيضا الى امتناع عدد من الأحزاب الصغيرة عن المشاركة في جلسة التصويت، بعدما توعدت هذه التشكيلات بأنها لن تسمح لسانشيز بالاستمرار في السلطة من دون مقابل. وفي حال توافرت كل العناصر، يمكن لسانشيز أن يحصل على 172 نائبا مواليا له في البرلمان، أي أكثر مما سيتوافر لزعيم الحزب الشعبي، ما سيكون كافيا في دورة ثانية من التصويت على تسمية رئيس الحكومة، اذ تكفيه غالبية بسيطة للخروج فائزا. وفي حال لم يتمّ ذلك، ستجد إسبانيا نفسها بعد إجرائها أربع انتخابات عامة بين العامين 2015 و2019، أمام أزمة انسداد في الأفق السياسي، ويرجح أن تكون مرغمة على الدعوة الى دورة اقتراع جديدة من أجل الخروج منها. - Advertisement - ومع خروجه متفوقا نسبيا في انتخابات الأحد، شدد نونييس فيخو على أحقية اليمين بتشكيل الحكومة المقبلة. وقال أمام مقر الحزب في مدريد، إن الحزب الشعبي "فاز في الانتخابات"، مضيفا "بصفتي مرشح الحزب الذي حصل على أكبر عدد من الأصوات، أعتقد أن من واجبي" محاولة "تشكيل حكومة". وأكد فيخو أنه سيشرع "في حوار" مع القوى الممثّلة في البرلمان من أجل "تشكيل حكومة"، داعيا الاشتراكيين الى عدم عرقلة جهوده. وتابع "سنتحدث كثيرا خلال الأيام والأسابيع المقبلة"، مشددا في الوقت عينه على أن المرحلة "لن تكون سهلة". وفي ظل عدم حصوله و"فوكس" على الغالبية المطلقة، يرغب فيخو في تولي السلطة من موقع الأقلية. لكن لتحقيق ذلك، يحتاج الى أن يمتنع الاشتراكيون عن المشاركة في تصويت منح الثقة في البرلمان، هو ما سبق لهؤلاء التأكيد أنهم لا يعتزمون القيام به. وجعل سانشيز (51 عاما) الذي دفعته هزيمة اليسار في انتخابات محلية أواخر ماي للدعوة إلى هذه الانتخابات العامة المبكرة، من التحذير من وصول اليمين المتطرف إلى السلطة محور حملته الانتخابية. وسجّلت هذه الاستراتيجية نجاحا في عملية الاقتراع، اذ ناهزت نسبة المشاركة 70 بالمئة، أي بزيادة 3,5 بالمئة عن الانتخابات الأخيرة التي أجريت في نونبر 2019. وأثارت انتخابات 2023 اهتماما واسعا خارج إسبانيا بسبب احتمال وصول تحالف يميني يضم الحزب الشعبي و"فوكس" الى السلطة في بلد أوروبي يعدّ رائدا في مجال حقوق النساء ومجتمع الميم. وكان من شأن سيناريو كهذا، في حال حصوله، أن يعيد اليمين المتطرف إلى السلطة في إسبانيا للمرة الأولى منذ نهاية ديكتاتورية فرانكو عام 1975. ومع اقتراب الانتخابات الأوروبية المقررة في 2024، كان لفوز اليمين، وربما مشاركة اليمين المتطرف في الحكم في رابع اقتصاد في منطقة اليورو، بعد انتصاره في إيطاليا العام الماضي، ضربة قاسية لأحزاب اليسار في القارة.