* رمضان بنسعدون منذ نحو عشرين عاما طرح الحسن الثاني فكرة حكم الإسلاميين و وضعهم على محك التجريب غداة فوز جبهة الإنقاذ بالانتخابات الجزائرية في حديث كان قد خص به جريدة الشرق الأوسط مصرحا حينها " بأنه كان على الساسة الجزائريين تسليم السلطة للإسلاميين حتى تكون بمثابة مختبر للعالم العربي حتى يرى الجميع كيف يحكمون " لكن هؤلاء لم يكترثوا لتلك الحكمة الرشيدة للحسن الثاني الذي حباه الله بعبقرية فذة قل نظيرها حتى في وقتنا الراهن استفاد من نصحه و توجيهاته حتى الرؤساء الأمريكيين الذين تعاقبوا على إدارة البيت الأبيض في فترة حكمه ، فأجهض العسكر فرصة عباسي مدني و علي بلحاج في تسيير شؤون الجزائريين فغرقت بلادهما في أعقاب ذلك في حمامات من الدماء لم تسلم منها إلى يومنا هذا .. وفي السياق ذاته كان الغرب منذ انفجار الثورة الإسلامية الإيرانية قد جعل من التيار الإسلامي فزاعة تقلق العالم و لما فجر تنظيم القاعدة المصالح الأمريكية في أكثر من موقع في العالم وصف بعض العلماء الغربيين الإسلام عقب انهيار الشيوعية باستفاقة العملاق النائم.. لكن اليوم يبدو في ظل المسار الديمقراطي الذي ستجبر الدول العربية على سلكه لم يعودوا يأخذون الصورة النمطية التي أخذت عن التيار الإسلامي من قبل في وقت أن الناخب العربي وضع ثقته في التنظيمات الإسلامية التي اتجهت لصياغة نظم سياسية في العالم العربي عقب نحو عام على انطلاق الربيع العربي إذا اتخذت العدالة و التنمية و النهضة بتونس و إسلاميو مصر الذين ستتعلق برقابهم شؤون الناس من الحكم برنامجا و ليس أيديولوجية و أن يلتزموا بالديمقراطية و التداول السلمي على السلطة و أن يتعاملوا مع الطبقات المسحوقة و همومها و أن يتفهموا أكثر بمطالبها و احتياجاتها الأساسية و المشروعة في العيش الكريم لأن هذه الشريحة المعوزة و التي تمثل غالبية الشعوب في عالمنا الإسلامي يئست من أنظمة فاسدة حرمتهم من ديمقراطية ظلوا حقب من الزمن يتشوقون إليها و يسمعون بها دون أن يلمسوها و لم يروا أثرا لها في حياتهم هم من أوصلوا الإسلاميين إلى سدة الحكم .. فهؤلاء هم أشد حاجة إلى هذه الديمقراطية بمفهومها الإنساني لأن الشعب العربي المقهور من المحيط إلى الخليج لم يجد إلا أن دعته الضرورة إلى تعميق البحث منذ مدة عانى خلالها الأمرين من القهر و الاستبداد و الفساد عن آلية للوصول إلى ديمقراطية حقيقية ترسخ في وعي الإنسان أساس و جوهر إنسانيته .. و السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هل سينقذ الإسلاميون الطبقات المسحوقة من الفقر الذي بات يهددها في ظل لا إنسانية تنشدها ليبرالية متوحشة آخذة في الاتساع أدت إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية بسبب رفع أسعار المواد الأساسية ما أدى إلى مآسي إنسانية غضت عدة دول بصرها عنها و بررتها في الكثير من الأحيان بأشكال فجة تفتقر إلى الإحساس بالعدالة الإنسانية و الحس الأخلاقي و هي أشكال براقة لم تبد منطقية و اتكأت هذه الأنظمة البائدة على ممارسات يائسة حيال المقهورين أخفت خلفها تعصبا قصر حقوق العيش في أمن و سلام على بشر دون آخر في استنفار لا إنساني ، الشيء الذي أدى إلى موجات التظاهر بالشارع العربي سياسيا و اجتماعيا ، أنهت دكتاتوريات بنعلي، مبارك و القذافي و البقية تأتي و تصاعدت التساؤلات لدى الرأي العام العربي عن وسيلة للخروج من هذا الوضع المزري فلن تجد الشعوب العربية الفقيرة على وجه الخصوص مناصا من إيصال الإسلاميين إلى كراسي الحكم عبر صناديق الاقتراع لتحقيق الديمقراطية ليس فحسب بملامحها السياسية بل بمضمونها الإنساني العميق تهدف إلى تغيير الواقع المريض و تصحيح أخطاء متراكمة و وضع حد لحالات الإذلال و القهر التي تعاني منها شعوب المنطقة التي تسعى من خلال صناديق الاقتراع إلى تأسيس نظام عربي جديد قائم على العدالة الاجتماعية و الشفافية و المحاسبة و حكم القانون من أجل احترام حقوق الإنسان العربي كإنسان و الدفاع عن حقه في الحرية و الكرامة والحياة كتلك التي نراها ماثلة بماليزيا على سبيل المثال بحيث صرح محمد مهاتير رئيس الحكومة الماليزية الأسبق عن التطور الذي شهدته بلاده فأجاب " بأننا نمينا الإنسان الماليزي و منحناه حقوقه المشروعة" و إلا فإن صناديق الاقتراع ستكون دائما في الموعد لتأخذ الإسلاميين أخذ عزيز مقتدر لأنه لم يعد هناك عاصم من غضب الشعب .. و السؤال الذي يمكن طرحه هل سيصلح بنكيران ما أفسده الآخرين ؟ و يتعين على هذا الأخير أن يستقيم و من معه و لا يطغوا.. و الأيام المقبلة كفيلة بالإجابة عن هذا السؤال و غيره..