محمد الحبيب ناصف بعد انتهاء كل العمليات الخاصة بمباراة توظيف الأساتذة أطر الأكاديميات دورة دجنبر 2018، وبعد إعلان النتائج النهائية والتحاق المُعلَنين ناجحين بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين لمتابعة تكوينهم خلال ما تبقى من السنة الدراسية 2018/2019؛ توصّل المفتشون بمديرية الصويرة باستفسارات مؤرخة ب 07 فبراير 2019 عن أسباب عدم مشاركتهم في عملية تصحيح أوراق تحرير المباراة في الفترة الممتدة من 24 دجنبر 2018 إلى 30 منه، بعدما قامت المديرية بتوجيه تكليفات لهم في الموضوع بتاريخ 21 دجنبر 2018. وجدير بالذكر أن نقابة مفتشي التعليم كانت قد أعلنت في إطار تنفيذ برنامج نضالي وطني، إضافة إلى تنظيم وقفتين احتجاجيتين وطنيتين أمام الوزارة ووقفات احتجاجية جهوية بالتزامن مع انعقاد المجالس الإدارية للأكاديميات، أعلنت كذلك عن مقاطعةٍ نوعيةٍ لعدد من العمليات بعد انسداد قنوات الحوار مع الوزارة منذ تعيين الوزير الجديد، وما رافق ذلك من تجميد للاتفاق الذي تم بين النقابة والوزارة على عهد الوزير محمد حصاد خلال يوليوز 2017 بخصوص تنظيم التفتيش واختصاصات الهيئة. وقد انصبت المقاطعة على المهام التي لا تدخل في اختصاصات هيئة التفتيش بالاستناد إلى المرسوم بمثابة النظام الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية 2003 وخاصة الجزء الأول الخاص بهيئة التأطير والمراقبة التربوية. وقد كانت من بين العمليات التي طالتها المقاطعة مباراة توظيف الأساتذة أطر الاكاديميات دورة دجنبر 2018 إعدادا وإجراء وتصحيحا، بما في ذلك رئاسة مراكز الامتحان ومراكز التصحيح ولجان الاختبارات الشفهية والعملية ولجان المداولات. وقد انبرت هيئة التفتيش في فترة إجراء المباراة للقيام بمهامها الأصيلة المنصوص عليها قانونا في النظام الاساسيوالمتمثلة في التأطير والمراقبة عبر الزيارات الصفيةالتأطيرية لهيئة التدريس وتنظيم اللقاءات التربوية والدروس التجريبية وغيرها… لكن، وفي خطوة غير محسوبة العواقب أبت مديرية الصويرة إلا أن تشكل الاستثناء جهويا داخل أكاديمية مراكشآسفي عبر توجيه استفسارات للمفتشين عن سبب عدم المشاركة في تصحيح أوراق تحرير المباراة بناء على تكليف في الموضوع. إن ما قامت به مديرية الصويرة ينطوي على مجموعة من التجاوزات القانونية والثغرات الإدارية يمكن إجمالها فيما يلي: 1. تُسائل المديرية هيئة التفتيش عن مهام لا تدخل في مهامها واختصاصاتها المنصوص عليها في النظام الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية 2003، في الوقت الذي كان فيه المفتشون يباشرون مهام التأطير والمراقبة في مناطقهم التربوية؛ 2. وجهت المديرية تكليفات في الموضوع مؤرخة ب 21 دجنبر 2018 لأعضاء هيئة التفتيش للقيام بعملية التصحيح ابتداء من 24 دجنبر 2018؛ لن نسائل المديرية جدلا عن المدة الزمنية القصيرة الفاصلة بين تاريخ التكليف وتاريخ المهمة خاصة إذا علمنا أن المفتش يشتغل ببرنامج عمل سنوي يبرمج فيه مختلف الأنشطة التي سينفذها.. لكننا في المقابل سنستفسر مديرية الصويرة عن المرجع الذي أسست عليه التكليف وهو مذكرة وزارية مؤرخة ب 25 دجنبر 2018؛ وهنا نطرح سؤالا مشروعا ومحيّرا: كيف لمديرية الصويرة أن تعلم بمضمون المذكرة الوزارية الصادرة بتاريخ 25 دجنبر 2018 عندما اعتمدتها مرجعا للمراسلة الإقليمية في موضوع “تكليف” بتاريخ 21 دجنبر 2018؟ وهل يمكن لمرجع المراسلة أن يكون متأخرا عنها في التاريخ بمدة أربعة أيام؟؟؟ وهل يمكنتنفيذ العملية (24 دجنبر 2018) قبل صدور المذكرة المنظمة لها (25 دجنبر 2018)؟؟؟ 3. انتظرت المديرية الإقليمية بالصويرة لأكثر من شهرين قبل توجيه الاستفسارات، وهذا التأخر يطرح أكثر من علامة استفهام: فهل كانت تنتظر الضوء الأخضر من جهة معينة؟ ربما مِمّن يبلغها بمضامين المذكرات الوزارية قبل أن تصدر؟ كما أن الاستفسار، بالإضافة للغة التهديد والوعيد الذي تضمّنها، كان له الفضل في استحداث تقويم جديد للسنة الميلادية حيث أرّخ لمراسلة التكليف ب 12/21/2018 !؟ 4. يمكن تصنيف ما أقدمت عليه مديرية الصويرة من استفسار لهيئة التفتيش عن عدم المشاركة في عمليات مباراة توظيف الأساتذة أطر الاكاديمية ضمن أساليب التضييق على ممارسة الحريات النقابية على اعتبار أن مقاطعة هذه العملية تندرج في إطار برنامج نضالي وطني أعلنت عنه مؤسسة نقابية مسؤولة هي نقابة مفتشي التعليم في انسجام تام مع كل الضمانات القانونية والإدارية المعمول بها قانونا، فهذه المهمة موضوع الاستفسار لا تدخل في اختصاصات هيئة التفتيش، وإنما كانت تقوم بها خلال المواسم السابقة عن طواعيّة لإنجاح هذا الاستحقاق، لكن دون أن يجد ذلك صدى لدى وزارة التربية الوطنية وهياكلها الجهوية والإقليمية. وقد سبّبت مقاطعة المفتشين لهذه المباراة خلال هذا الموسم حركات احتجاجية في صفوف المترشحين الذين شكّكوا في مصداقية النتائج في عدد من المناطق (زاكورة وأزيلال مثلا). وقد علمت تانسيفت 24 من مصدر موثوق بنقابة مفتشي التعليم أن مثل هذه الإجراءات الإدارية اللامسؤولة التي تقوم بها عدد من الأكاديميات والمديريات لن تزيد مناضلي النقابة إلا تكتلا وإصرارا، ولعل الهبّة الوطنية لهيئة التفتيش في اتجاه الرشيدية للمشاركة في وقفة الكرامة تضامنا مع المفتشين هناك في مواجهة الإجراءات التعسفية لأكاديمية درعة تافيلالت التي شكلت ردة قانونية وحقوقية بكل المقاييس لخير دليل على أن نقابة مفتشي التعليم تتقوّى يوما بعد يوم وقادرة على الدفاع عن منخرطيها في كل ربوع الوطن، وأن هيئة التفتيش أكثر التحاما من أي وقت مضى. هذا وقد أكد المسؤول النقابي أن النموذج التنموي الذي نريده لهذا الوطن لا يمكن أن يتحقق بمسؤولين لا يقدّرون حجم المسؤولية، ولا يلتفتون لخطورة عواقب القرارات المعيبة التي يتخذونها. كما أن طموحات الرؤية الاستراتيجية 2015/2030 من الصعب جدا أن تتحقق كليا أو جزئيا بهذا النوع من التسيير الإداري المتردد والمتذبذب.