هشام النخلي. مجاز في القانون الخاص. جاء خطاب الملك محمد السادس كتتويج للعديد من المبادرات الإصلاحية التي قام بها جلالته في كثير من المجالات، بالإضافة إلى إنشغاله بالعمل الميداني،والتي تهدف بالدرجة الأولى ، إلى تدعيم دولة الحق والقانون من خلال إصدار الظهير المنظم لمؤسسة ديوان المظالم ، وكذا تنصيب هيئة الإنصاف والمصالحة وإصدار مدونة الأسرة والتركيز على إصلاح القضاء، وتأسيس لجنة مهمتها وصنع تصور عام لنظام الجهوية الموسعة التي هي مبادرة جديدة تتعلق بالتفكير في إمكانيات هيكلة تدبير الشأن المحلي والحكامة الترابية . بعد ذلك أحدث المجلس الإقتصادي والإجتماعي، ورقي المجلس الإستشاري لحقوق الإنسان إلى مؤسسة وطنية، ووسعت صلاحيات مجلس المنافسة وأعطي له الضوء الأخضر للتصدي لإقتصاد الريع والإمتيازات التي تثري بلا سبب . وتضمنت التوجيهات الملكية السامية تعيين الوزير الأول من الحزب الفائز في الإنتخابات التشريعية الخاصة بمجلس النواب، والتأكيد على إعادة النظر في تركيبة مجلس المستشارين والمسؤولية التي تتحملها الأحزاب السياسية في تأطير منخرطيها . أما تعديل الدستور فيتم بأحد طريقتين : الطريقة الأولى : أن تقوم جمعية منتخبة من أجل تحضير الوثيقة الدستورية ثم يعرض بعد ذلك على الشعب، والطريقة الثانية : تتمثل في تعيين لجنة تهييء التعديلات ثم عرضها على الإستفتاء الشعبي . وأكد جلالته أيضا على تقوية مؤسسة البرلمان وتوسيع صلاحيات المجلس الدستوري ، في مقابل صلاحيات الحكومة وخصوصا الفصل 46 الذي يحدد مجال تدخل السلطة التشريعية ، والفصل 47 الذي يخول الحكومة سلطة إصدار مراسيم خارج صلاحيات البرلمان والذي في بعض الأحيان لا يدخل حيز التنفيذ، بوجود نص قانوني معارض . كما أن إعادة النظر في إختصاصات المجلس الدستوري هي بمثابة دعوة لعدم الخضوع لأي سلطة أخرى قد تفقده حياده ، وتجعله يرجح الطابع السياسي على حساب النص القانوني . بهذا يتعين على اللجنة الإستشارية مراجعة الدستور إعادة النظر في مقتضيات - 1 - الفصل 81 من الدستور التي أصبحت ضرورة حتمية من خلال تعديل النصاب القانونية لإحالة مقترحات ومشاريع القوانين قبل إصدار الأمر بتنفيذها على المجلس الدستوري، حيث ينص هذا الأخير على أنه بالإمكان إحالة القوانين العادية من قبل رفع أعضاء أحد مجلس البرلمان، قبل إصدار الأمر بتنفيذه ، حيث أن النصاب القانوني يعرقل حيوية المعارضة البرلمانية ، كما أن إحالة القوانين العادية على المجلس الدستوري في مدى دستوريتها أو عدمها ، هو إحالة اختيارية عكس النظامين الداخليين لمجلس النواب ومجلس المستشارين اللذان يجب أن يحالا إجباريا على المجلس الدستوري قبل إصدار الأمر بالتنفيذ . نقترح أيضا ضرورة تمكين المواطنين من الحق في اللجوء إلى المجلس الدستوري وعدم إقتصار هذا الحق في الخلافات المرتبطة بالمنازعات الإنتخابية، وعدم السماح للأقلية داخل مؤسسة البرلمان من اللجوء إلى المجلس بسبب نصاب الربع، إذ قد تصدر الأغلبية قانونا يخالف الدستور دون أن يكون للأقلية الحق في الطعن لدى المجلس بسبب النصاب . وظل يعاب على المجلس الدستوري طريقة إشتغاله في الطعون الإنتخابية ، واكتفائه بما يقدم أمامه من أدلة، للبث في القضايا دون الفحص والتحقيق، وعدم التنصيص على الأحكام المنصوص عليها قانونا الملزمة لإصدار أحكامه، لذا يراهن على المجلس الدستوري لمعالجة هاته الإشكالات. وحسب اعتقادنا، فإن تخفيض النصاب القانوني سيعطي دفعة قوية للمعارضة ، مما سيعطي سلاسة الإنتقال الدستوري بالبلاد . إن التكريس الدستوري لخيار الجهوية المتقدمة يعتبر عقدا جديدا بين المركز والوحدات اللامركزية مما سيطلق العنان لتدبير الشؤون المحلية بشكل أوسع يخدم مصلحة الساكنة الجهوية، وسيؤدي إلى ظهور مشاكل تتمحور حول تنازع الإختصاصات التي سيسند صلاحية البث فيها إلى المجلس الدستوري باعتباره مؤسسة مستقلة عن المؤسسة التنفيذية والتشريعية . إن الخطاب الملكي الجريء والقوي أعطى دفعة للنظام السياسي، وستصبح الحكومة في الدستور القادم مسؤولة على الإشراف على التدبير السياسي في المغرب وعلى تنفيذه إذ أنه سيكرس تعيين الوزير الأول من الحزب الذي حصل على الرتبة الأولى في الإستحقاقات النيابية. ومصطلح الوزير الأول ثم تداوله لأول مرة في دستور 1962، أما قبل ذلك فكان يسمى الصدر الأعظم، والوزير الأكبر، ورئيس الوزراء، هذا التعبير الأخير - 2 - يعني أن الملك هو الذي يترأس المجلس الوزاري، أما اختصاص الوزير الأول فهو اختصاص المنفذ وبقية طاقمه الوزاري لسياسة الملك في إطار السياسة العامة للحكومة . فكما قلنا، فإن تعيين الوزير الأول من الحزب الذي حصل على الرتبة الأولى في الإنتخابات، سيخلق التنافسية والمثابرة مما سيضطر الأحزاب إلى تأهيل أطرها وتخليق منخرطيها، لتعزيز نخبا ذووا كفاءة عالية وجرأة في اتخاذ القرار تستجيب لتطلعات مختلف شرائح الشعب المغربي، وليس استنبات مرتشين مستغلين لنفوذهم، أهدافهم المصالح الخاصة الضيقة الدنيئة بدل خدمة المصالح العليا النبيلة . إن الإصلاحات ، حسب اعتقادنا ، يجب أن تمس بالدرجة الأولى قطاعين مهمين هما : 1- دسترة وتخليق الحياة العامة : لقد حرص جلالة الملك في أغلب خطبه على الدعوة إلى تخليق الحياة العامة، لهذا نعتقد أنه من بين النقاط التي يجب أن يرتكز عليها التعديل الدستوري في هذا المجال : - النص على دسترة حقل تخليق الحياة العامة . - مراقبة ومحاسبة تصرفات وممارسات السلطة في ظل سيادة دولة الحق والمؤسسات. - محاربة إفساد العمليات الإنتخابية والحد من إقتصاد الريع والإمتيازات والإحتكارات . - التنصيص في الدستور القادم على تعزيز موقع بعض الهيئات المتخصصة في مجال تخليق الحياة العامة مثل الهيئة الوطنية للوقاية من الرشوة، ومجلس المنافسة وإحداث هيئات وطنية كالمجلس الوطني لمراقبة المباريات والإمتحانات الوطنية، ومجلس أعلى للتشغيل و خلق مجلس اعلى للشباب والمستقبل مهمته ضمان مقضيات الدستور في الحق في الشغل و الكرامة وهيئة مراقبة تفويت الأراضي العامة، ومجلس أعلى للهندسة العمرانية لإعطاء عمران رونقا حضاريا يزاوج بين التراث والحداثة، ومجلس اجتماعي يقوي ضمانات إستفادة الأجير من مدونة الشغل وتطبيق مضامينها. هذه التعديلات تبقى مهمة لإكتساب المناعة الفعالة في مواجهة سلوكيات الفساد المالي والإداري وكذلك إهدار المال العام والرشوة وسوء التدبير، ليبقى القانون فوق الجميع . 2 – إصلاح القضاء : - يعتبر القضاء أهم ورش فتحه جلالته منذ إعتلاءه العرش ، إلا أن هناك العديد من العراقيل تجعله يراوح مكانه من أهمها: - خضوع المجلس الأعلى لتعليمات وزير العدل، الذي يعتبر الرئيس الفعلي للمجلس المذكور، ويتولى تدبير مشوار القضاء المهني، وهو كذلك الرئيس المباشر للنيابة العامة. - 3 - - ضعف التكوين القانوني والقضائي في مجالات اللغات والتكنولوجيا المتطورة والإستثمار والتشريعات المقارنة وفي القطاعات التجارية المالية والمصرفية . - غياب سياسة جنائية واضحة المعالم ترسم خارطة طريق حقوقية وغياب الطرق القضائية البديلة ( التحكيم ، الوساطة ، الصلح ، العقوبات البديلة ........). - غياب تنظيم محكم لمهن مساعدي العدالة وصعوبة تنفيذ الأحكام، وسهولة ولوج المتقاضين إلى الخدمة القضائية، وغياب جودة الخدمات القضائية بما فيها الأحكام . لهذا ، نقترح ، وفقا للإرادة الملكية السامية : - التنصيص دستوريا على أن القضاء سلطة مستقلة عن السلطة التنفيذية والتنصيص على ضمانات هذا الإستقلال بعيدا عن أية ضغوط أو تعليمات أو إبتزازات . - إبعاد وزير العدل عن تسيير المؤسسة القضائية باعتباره سلطة تنفيذية منقطعة تماما عنها، و إسناد مهام الرقابة والإشراف الهرمي إلى المجلس الأعلى للقضاء الذي له وحدة صلاحية النظر في كل ما يتعلق بالوضعية الإدارية والتأديبية للقضاة . - الدور الجديد لوزارة العدل يجب أن يقتصر فقط على تهيئة الموارد البشرية والمادية ، وتوظيف وتأطير المساعدين القضائيين في اتجاه دعم الإحترافية والكفاءة والجودة وتوفير وسائل العمل، دون التدخل في سير المحاكم وقرارات القضاة . - نهج سياسة جنائية واضحة المعالم مواكبة للتطورات والمستجدات والعمل على تطوير المؤسسات السجنية والعقابية الهادفة إلى إصلاح المنحرف ليندمج في المجتمع . - تطوير الطرق البديلة في حل المنازعات، وتبني سياسة قضائية للقرب . - تأهيل المؤسسات القضائية والإدارية، وذلك بنهج حكامة جيدة للمصالح المركزية لوزارة العدل والمحاكم، تعتمد اللاتمركز، لتمكين المسؤولين القضائيين من القيام بمهام التفتيش ، بكل حزم ونزاهة ومسؤولية . - العمل على تحسين الأوضاع المادية للقضاة وموظفي العدل، وإيلاء الإهتمام اللازم للجانب الإجتماعي . - الرفع من المردودية القضائية وتفعيل سرعة إنجاز الملفات القضائية، عبر تبسيط المساطر والرفع من جودة الخدمات القضائية والتعليل السليم للأحكام، وتسهيل ولوج المتقاضين إلى قصر العدالة ، وتنفيذ الأحكام في أقرب الآجال . - تخليق القضاء من الضغوط المادية والنفسية . - تسهيل ولوج مجازي الحقوق نحو المهن القضائية خصوصا المتضررين من مرسوم 1997 3-التربية و التعليم: -دعم التعليم الأساسي بالمدارس العمومية. -توفير البنية التحتية و الدعم و الإمكانيات للمؤسسات التعليمية و تحسين أخلاقياتها و خلق دروس مجانية للدعم و التقوية لرصد الخلل و تأهيل التلميذ مرة أخرى. -تشجيع انفتاح المدرسة على محيطها الاجتماعي و الاقتصادي و الثقافي. -تشجيع إنشاء المطاعم المدرسية. -تدعيم البرنامج الوطني لمحو الأمية و التربية غير النظامية. -دعم النقل المدرسي بالنسبة لأبناء المناطق النائية. التصدي لظاهرة العنف بين التلاميذ و محاربة ظاهرة تفشي المخدرات و الخمر كأسباب مباشرة للسلوك الإجرامي. إخضاع أداء منظومة التربية و التكوين لمعايير النجاعة و الجودة من أجل ضمان مستقبل زاهر يستلزم تربية جيدة نافعة لأجيال الغد. -خلق تحفيزات للأطر التربوية الناشطة التي تغرس في في نفسية التلميذ-البذرة قيم الخير و الجمال و الحق. -محاربة الهدر المدرسي. دعم الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة. 4-الصحة : -تدبير المراكز الصحية و تفعيل دورها . - تنظيم الحملات الطبية الدورية للاطمئنان على الصحة العامة و مد يد المساعدة الصحية إلى المرضى المحتاجين. -توفير المداومة الطبية. -خلق منشآت صحية بالعالم القروي. -الرفع من آليات النقل الصحي. -صياغة مخططات وقائية لضرب الحصار على الأوبئة و القضاء عليها . -دعم الجمعيات التي تعتني بالمساهمة في معالجة الأمراض المزمنة المرهقة ماديا للمرضى. 5-السكن: -تشجيع مشاريع السكن الاجتماعي و بأثمان مناسبة لذوي الخل المحدود. -محاربة السكن غير اللائق و تاهيل البناء العشوائي . -إحداث بنك للمعطيات العقارية. -ربط الأحياء العشوائية بشبكة قنوات الصرف الصحي. -تشجيع المبادرات السكانية في إطار الوداديات و التعاونيات السكنية. -خلق لجان يقظة المداومة الخاصة بكل مدينة عتيقة للحفاظ على موروثها الثقافي الأصيل. -تبسيط مساطر الحصول على رخص البناء و السكن. -إصلاح الشوارع و الأزقة بالأحياء السكنية و خلق مجلس وطني لمراقبة جودة إنجاز الشوارع. -ضرورة تدبير عقلاني للوعاء العقاري لتشجيع الاستثمار و الإنعاش العقاري و محاربة المضاربة و الاحتكار في هذا المجال. -جعل التخطيط العمراني أداة لإنعاش التنمية و لإعطاء طابع حضاري مميز و لخدمة المواطنين. -إشراك هيأة المهندسين المعماريين في بلورة مخططات الإعمار و الإسكان. -العمل على التنسيق بين الباحثين الجامعيين و الفاعلين و المهنيين بالتهيئة الحضرية و إعداد التراب قصد تنظيم التوسع العمراني. -وضع معايير للبناء المضاد للظواهر الطبيعية و تقنين استعمال مواد البناء مع مراقبة جودتها و استحضار الشروط الوقائية بالتجزئات الخاصة بإطفاء الحرائق ومجاري المياه المستعملة و مياه الأمطار و دخول سيارات الإسعاف و عربات الإطفاء. 6- الثقافة: -المساهمة في تشييد دور الثقافة و المطالعة. -دعم التجهيزات الثقافية و الوحدات القرائية المتنقلة. -تنظيم الملتقيات الثقافية و الترفيهية و الفنية. -المساهمة في خلق متاحف. -تأهيل المجالات و البنيات الثقافية. -تهيئة و إعادة ترميم المواقع الأثرية و المدن العتيقة . -. 7-البيئة: -توفير و تأهيل الفضاءات الخضراء. -الحفاظ على الثروات المائية و اعتماد تقنيات سقوية و مزروعات قليلة لاستهلاك الماء. -المساهمة في برامج إعادة التشجير و استنبات أغطية خضراء. -صيانة المناطق الرعوية و حماية الثروات الغابوية و التدخل لمكافحة الحرائق و الحفاظ على الأحزمة الخضراء. -احترام المنشات الصناعية للمعايير البيئية. -الحفاظ على الطاقة و استعمال الطاقات البديلة. -تحسين تدبير النفايات الصلبة و السائلة و اعداد مخططات للتطهير . -حماية الأنظمة البيئية بالمحافظة على الثروات الطبيعية و حسن تدبيرها بطرق عقلانية. -المساهمة المستمرة في دعم الفعاليات المدنية المهتمة بقضايا البيئة. -نشر الوعي بقضايا البيئة ووضع استراتيجية وطنية لحماية الموارد الطبيعية و تطويرها و ترشيد استهلاك الماء و الكهرباء . -الحد من العشوائية في مد قنوات التطهير و تجميع النفايات الصلبة. -وضع تدابير كفيلة بحماية الشواطئ و المياه الإقليمية من الثلوت الناجم عن صرف الواد الحار و المياه المستعملة. -اتخاد التدابير اللازمة لوقف الزحف العمراني على الأراضي الفلاحية و الغابوية . 8-التنمية الإقتصادية: -خلق مناخ مشجع للتنمي الإقتصادية و الإجتماعية بتبسيط المساطر و تأهيل فضاءات الإنتاج و خلق شروط إقلاع اقتصادي لتحقيق نمو مرتفع لامتصاص بطالة حاملي الشهادات. -البحث عن إمكانيات اقتصادية جديدة داخل المجال الترابي للجماعات المحلية القروية من خلال تحديث النشاط الفلاحي و تعدد مجالاته و القيام بشراكات مندمجة في إطار برنامج جهوي ووطني للتنمية القروية. -تشجيع المقاولات الصغرى و المتوسطة عبر تبسيط مساطر الحصول على القروض بفوائد رمزية. 9-الشباب: -الإنفتاح على الشباب من خلال توفير مختلف التجهيزات و المرافق الرياضية و الثقافية و الترفيهية التي تتطلبها التنشئة الاجتماعية وحماية هاته الفئة من الانحراف لأنه إذا لم تعمل الجهات المعنية على حماية الشبيبة فسيتم بناء مستشفيات المجانين و السجون بدل المدارس و الجامعات لدا يتوجب إعداد جيل قوي لتحمل مسؤولية مستقبل واعد. -إدماج التنمية الرياضية و الثقافية في صلب العمل الجهوي. -إدماج الشباب العاطل في برامج التأهيل التربوي و الثقافي و الرياضي.و الاجتماعي. -بعث روح جديدة في الشباب تقدس العمل الجاد المنتج و لا تسمح بالإتكالية و الكسب الحرام. إن إستمرار الورش الإصلاحي الكبير حول الجهوية المتقدمة سيكرس الدمقراطية الحقة والحكامة المحلية وسيكون الناخب هو الفاعل الجهوي والمؤثر في إرساء مؤسسات دستورية قوية ، تسهر على خلق ثقة بين المواطنين والسلطة، واحترام رغبته في بناء دولة الحقوق والمؤسسات، بعيد، عن أية إغراءات ومساومات ومصالح شخصية ، وهذا سيضع الأحزاب السياسية أمام محك جديد يعرضهم للمحاسبة والعقاب أمام الناخب المحلي كما أسلفنا سابقا . إن هذه الإصلاحات الدستورية تهدف بالأساس إلى تطوير العديد من القطاعات وتطمح بالخصوص إلى تعليم قوي وصحة جيدة وسكن لائق واقتصاد جهوي منتج ، وثقافة واعدة، وبيئة سليمة ورياضة للجميع وديمقراطية تشاركية مبنية على الحوار مع جميع الفاعلين الجهويين، وهي لحظة تاريخية شجاعة وجريئة وهادفة وسابقة في تاريخ الدساتير المغربية، تروم تحديث وتأهيل هياكل الدولة وتكرس لملكية وطنية وتوحيدية ، ولا يسعنا إلا أن نقول : إن مغرب الغد يبنى اليوم ، وانه يستوجب على جميع مكونات الشعب المغربي الواعي المسؤول أن يفهم واقع بلده والتحديات التي تواجهه وينخرط لإنجاح هذا الورش العظيم بإبراز مواهبه وبسط قدراته، ويساهم في العبور نحو مستقبل واعد، يقود قاطرته رائد الثورة الدستورية الجديدة جلالة الملك محمد السادس، كما أن اللجنة الإستشارية لمراجعة الدستور هي من خيرة أبناء الوطن أكاديميا ومروءة وتجردا . إن هذه التعديلات الدستورية تكرس لمغرب جديد ومستقبل أفضل .