أوزين: "الهمزة" تتربص بالسياسة .. و"المغرب الأخضر" بلا نحر لن يُنسى    دياز يقود ريال مدريد لهزم أتلتيكو مدريد ب 2-1 فى قمة مثيرة بدوري أبطال أوروبا    دوري أبطال أوروبا لكرة القدم.. أرسنال يتفوق بنتيجة عريضة على إيندهوفن (7-1) ويضمن بنسبة كبيرة تأهله إلى الربع    انطلاق فعاليات المعرض الدولي للسياحة ببرلين بمشاركة المغرب    الرباط تشهد وقفة احتجاجية حاشدة تضامنا مع الشعب الفلسطيني وتنديدا بالعدوان الإسرائيلي    المغرب وإسبانيا يوقعان إعلان نوايا مشترك لتعزيز التعاون القضائي استعدادا لكأس العالم 2030    إحداث أزيد من 95 ألف مقاولة بالمغرب عند متم 2024.. هيمنة القطاع التجاري والشركات ذات المسؤولية المحدودة    دياز يقود ريال للفوز 2-1 على أتليتيكو في دوري الأبطال    لقاء دبلوماسي بين المغرب ومصر    القمة العربية غير العادية تتبنى خطة شاملة لإعادة إعمار غزة    بوريطة: إعلان القاهرة يعكس موقفًا عربيًا قويًا في دعم لجنة القدس ويُبرز أهمية الدور الذي تقوم به وكالة بيت مال القدس    أسعار اللحوم في رمضان: انخفاض في أزمور وارتفاع في باقي جماعات إقليم الجديدة    نشطاء إسبان ينددون بالتجنيد العسكري لأطفال مخيمات تندوف    القمة العربية ترفض تهجير الشعب الفلسطيني وتعتمد خطة إعادة إعمار غزة    موقف واضح يعكس احترافية الكرة المغربية وتركيزها على الميدان بدل الجدل    مونديال 2030.. توقيع إعلان نوايا مشترك بين المغرب وإسبانيا في مجال العدالة    تعيين هيبيرت مديرا رياضيا للجيش    الاستئناف يرفع عقوبة آيت مهدي    انطلاق فعاليات المعرض الدولي للسياحة ببرلين بمشاركة المغرب    لقاءات بوريطة على هامش القمة    قرعة كأس العرش تفرز مباريات قوية    من بينها الحسيمة.. تعيينات جديدة في مناصب المسؤولية بمصالح الأمن الوطني    خلال أسبوع.. 15 قتيلا و2897 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية    النيابة العامة تكشف تفاصيل توقيف متهمين في قضية التشهير والابتزاز    تساقطات مطرية وثلجية في تنغير    بطمة تعود بحفل فني بالبيضاء    عمرو خالد يكشف "ثلاثية الحماية" من خداع النفس لبلوغ الطمأنينة الروحية    أخصائية حمية وتغذية تقدم نصائح لمرضى السكري لصيام صحي وآمن    المصادقة على عقد برنامج تنموي بقيمة 5.8 مليار درهم لتعزيز التنمية الجهوية بالشمال    في رمضان.. توقيف أربعة أشخاص بحوزتهم 2040 قرص مخدر وجرعات من الكوكايين    "شفت أمك بغا طول معنا".. جبرون: التلفزة تمرر عبارات وقيما مثيرة للاشمئزاز ولا تمثل أخلاق المغاربة    ارتفاع التحويلات النقدية للمغاربة المقيمين بالخارج خلال يناير    الذهب يواصل مكاسبه مع إقبال عليه بفضل الرسوم الجمركية الأمريكية    وزارة الثقافة تطلق برنامج دعم المشاريع الثقافية والفنية لسنة 2025    دراسة: البدانة ستطال ستة من كل عشرة بالغين بحلول العام 2050    في حضرة سيدنا رمضان.. هل يجوز صيام المسلم بنية التوبة عن ذنب اقترفه؟ (فيديو)    أحوال الطقس ليوم الأربعاء: برد وزخات مطرية في مناطق واسعة من البلاد    مصرع شخصين في اصطدام عنيف بين شاحنتين بطريق الخميس أنجرة بضواحي تطوان    ترامب يعلق جميع المساعدات العسكرية لأوكرانيا بعد أيام من مشادته مع زيلينسكي    وكالة بيت مال القدس تشرع في توزيع المساعدات الغذائية على مؤسسات الرعاية الاجتماعية بالقدس    بنك المغرب يحذر من أخبار مضللة ويعلن عن اتخاذ إجراءات قانونية    التفوق الأمريكي وفرضية التخلي على الأوروبيين .. هل المغرب محقا في تفضيله الحليف الأمريكي؟    انتخاب المغرب نائبا لرئيس مجلس الوزارء الأفارقة المكلفين بالماء بشمال إفريقيا    "مرحبا يا رمضان" أنشودة دينية لحفيظ الدوزي    مسلسل معاوية التاريخي يترنح بين المنع والانتقاد خلال العرض الرمضاني    ألباريس: العلاقات الجيدة بين المغرب وترامب لن تؤثر على وضعية سبتة ومليلية    الركراكي يوجه دعوة إلى لاعب دينامو زغرب سامي مايي للانضمام إلى منتخب المغرب قبيل مباراتي النيجر وتنزانيا    القناة الثانية (2M) تتصدر نسب المشاهدة في أول أيام رمضان    الصين تكشف عن إجراءات مضادة ردا على الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة على منتجاتها    الإفراط في تناول السكر والملح يزيد من مخاطر الإصابة بالسرطان    الفيدرالية المغربية لتسويق التمور تنفي استيراد منتجات من إسرائيل    القنوات الوطنية تهيمن على وقت الذروة خلال اليوم الأول من رمضان    عمرو خالد: هذه أضلاع "المثلث الذهبي" لسعة الأرزاق ورحابة الآفاق    كرنفال حكومي مستفز    وزارة الصحة تكشف حصيلة وفيات وإصابات بوحمرون بجهة طنجة    فيروس كورونا جديد في الخفافيش يثير القلق العالمي..    بريسول ينبه لشروط الصيام الصحيح ويستعرض أنشطة المجلس في رمضان    المياه الراكدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غزة ومصر وثوابت العلاقة
نشر في الجسور يوم 13 - 07 - 2013

(إن استمرار الاستقطاب السياسي المصري في زج الانقسام الفلسطيني في صراعاته الداخلية، أو العكس، إنما يتم على حساب ثوابت العلاقات المصرية الفلسطينية عبر قطاع غزة، وهو بالتأكيد ليس هدفا مصريا أو فلسطينيا، بل هو هدف رئيسي لدولة الاحتلال الإسرائيلي)
بقلم نقولا ناصر*
سوف يظل قطاع غزة يمثل قضية أمن وطني لمصر، أيا كان من يقود الإدارة الحكومية في القطاع، وسوف تظل مصر عمقا استراتيجيا لفلسطين والقطاع و"شريان حياة" لأهله و"عمودا فقريا" لأمنه واستقراره، أيا كان من يقود دفة الحكم فيها، فهذه ثوابت العلاقة المصرية الفلسطينية عبر القطاع المحاصر، وهي الثوابت التي تجعل غزة تتأثر، إن سلبا أو إيجابا، بالمتغيرات المصرية تأثيرا مباشرا.
لذا فإن أي استغلال انتهازي للتطورات التاريخية الجارية الآن في مصر لتحريضها ضد القطاع، أو العكس، سوف يظل زبدا سياسيا يطفو على السطح وقد يعيق إرساء العلاقات الثنائية على ثوابتها لبعض الوقت، لكن هذه العلاقات سوف تستقر ضمن ثوابتها إن عاجلا أو آجلا.
إذ مهما كانت الاختلافات بين أي حكم جديد في مصر وبين القطاع فإنها لن ترقى إلى الخلافات التي كانت قائمة بين القطاع وبين مصر إبان حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك لها، بالرغم من مفاصلها العاصفة، من دون أن تتمكن من زعزعة ثوابت العلاقات الثنائية.
وإنها لمفارقة حقا أن يتفق المحللون السياسيون للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة وفي دولة الاحتلال الإسرائيلي على كون المتغيرات التي أعقبت الثلاثين من حزيران / يونيو الماضي في مصر تمثل "كابوسا" أو "نكسة" لحركة حماس التي تقود القطاع، ليشتط بعضهم في "تمنياتهم" حد أن تراودهم توقعات غير واقعية بأن يكون التخلص من رئاسة جماعة الإخوان المسلمين لمصر، ممثلة في شخص الرئيس محمد مرسي، نذيرا ومقدمة للتخلص من المقاومة في القطاع، بالتخلص من قيادتها الإسلامية ممثلة بحركة "حماس"، بحكم العلاقة الأيديولوجية التي تربط بين هذه القيادة وبين الإخوان في مصر.
ولم ولا تحاول "حماس" ولا "الإخوان" في مصر نفي هذه العلاقة أو التنصل منها، بل إنهم يعتزون بها، ويعتبرونها رصيدا دعويا وسياسيا لهما معا، ويسعيان إلى توثيقها، لكن الخصوم السياسيين لكليهما يتعمدون الخلط بين "حماس" كحركة مقاومة وتحرر وطني وبين حاضنتها "الإخوانية"، وبخاصة في مصر حيث دفنت التطورات الأخيرة طموح الحركة إلى مشروع تعاون استراتيجي بين القطاع وبين مصر قبل أن يرى النور، والهدف الحقيقي الأول والأخير هو رأس المقاومة الفلسطينية وإن كان رأس حماس ورأس الإخوان هدفا لهم كذلك.
لكن لا يمكن إنكار أن صورة حماس كحركة مقاومة وتحرر وطني قد أصابها تشويش واضح، ساهمت فيه عوامل ذاتية استغلها خصومها السياسيون فلسطينيا وعربيا بطريقة ميكافيلية لم يتورعوا فيها عن الاختلاق والتلفيق والمبالغة بهدف توسيع شقة خلافاتها مع خصومها السياسيين فلسطينيا ودق الأسافين عربيا بينها وبين حلفائها السابقين في سوريا وإيران بهدف تحويل اختلافاتها معهم إلى خلافات خصومة سياسية دائمة، وهذا ليس هدفا فلسطينيا ولا عربيا بل هو هدف إسرائيلي – أميركي.
ومن هذه العوامل الذاتية تفاؤل حماس ب"الربيع العربي" الذي قاد إخوانها إلى سدة الحكم في بعض الأقطار العربية، وبخاصة في مصر، حيث تسرعت فاعتقدت أن تحالفها مع الإخوان المتحالفين مع قطر الموجهة أميركيا بديل يعوض عن تحالفهم مع سوريا وإيران، وعدم انتظار استقرار الاستقطاب العربي الحاد الناجم عن الأزمة السورية قبل الانحياز في هذا الاستقطاب، وغير ذلك من العوامل التي سلطت الأضواء على حماس كفرع فلسطيني لجماعة الإخوان المسلمين وحجبتها عنها كحركة مقاومة وتحرر وطني تنتظر استتباب الأمر لإخوانها في مصر وغيرها قبل أن تخاطر ب"التهدئة" مع دولة الاحتلال الإسرائيلي مخاطرة تربك المرحلة الانتقالية التي يمر بها عمقها الاستراتيجي المصري.
لكن لأنها ما زالت حركة مقاومة محاصرة في رأس الاستهداف الإسرائيلي تطمح إلى ممارسة مصر لسيادتها الوطنية لدعمها وفك الحصار عنها لم تخل علاقاتها مع مصر حتى في عهد رئاسة مرسي من توترات واختلافات، ولم تخل علاقاتها مع قطر من الاختلاف معها حول تعديل مبادرة السلام العربية، فلم يمنع "البعد الإخواني" للحركة من ظهور هذه الاختلافات والخلافات إلى العلن.
وفي الانقسام الفلسطيني وجد خصوم "حماس" في التخلص من رئاسة إخوانها لمصر فرصة لاستنساخ التجربة المصرية في قطاع غزة، فبالغوا لأسباب سياسية في تعظيم العلاقة بين "حماس" وبين إخوان مصر للتغطية على كونها حركة مقاومة أولا، وفي خلط الأوراق بينها وبين "الإخوان" آملين أن يبعدها هؤلاء عن المقاومة، وهللوا لاطاحة رئاسة مرسي، واعتبروا يوم تغييره "يوما تاريخيا"، وكان محمود عباس أحد أوائل الرؤساء العرب المهنئين بتعيين الجيش للرئيس عدلي منصور خلفا له، ويستمر إعلامهم في ترويج الحملات الإعلامية لخصوم الإخوان في مصر ضدهم ومنها الادعاء بتدخل "حماس" في الشؤون الداخلية لمصر دعما للإخوان، قبل الإطاحة بمرسي وبعد الإطاحة به، بالرغم من نفي حماس المتكرر وعلى كل المستويات لأي تدخل كهذا لا في مصر ولا في غيرها من الدول العربية، وبالرغم من نفي السفير الفلسطيني بالقاهرة بركات الفرا لهذه الاتهامات بإعلانه يوم الجمعة الماضي إنها مجرد تقارير إعلامية لم تصدر حتى الآن عن أي جهة رسمية مصرية تسوغ الرد عليها رسميا.
إن من يوغلون في ترويج مثل هذه الحملات الإعلامية عبر الانقسام الفلسطيني إنما يتجاهلون حقيقة أن نتيجة اصطفافهم ضد الإخوان في مصر إنما هو تدخل في الشأن المصري أيضا وينعكس سلبا على الوضع الفلسطيني، لا يختلف عن اصطفاف حركة حماس مع الإخوان ضد خصومهم المصريين، وأن الخلاصة الحتمية ل"شيطنة" قطبي الانقسام المصري لقطبي الانقسام الفلسطيني إنما تنعكس سلبا على العلاقة بين الشعبين في مجملها، وتفقد الشعب المصري الثقة في القيادة الفلسطينية عبر الانقسام، ما ينعكس بدوره سلبا على الدعم المصري لقضية الشعب الفلسطيني العادلة ومقاومته الوطنية.
ويزعم من يروجون مثل هذه الحملات من الفلسطينيين أن خسارة الإخوان لرئاسة مصر سوف يجعل حماس أكثر ضعفا ثم قبولا بالمصالحة الفلسطينية، موحين بذلك أن "حماس" هي السبب في عدم إنجاز هذه المصالحة حتى الآن، وفي مثل هذا الزعم الكثير من الخلط المتعمد، فوجود "حماس" ذاته كحركة مقاومة، واتفاقها على المصالحة الفلسطينية، وأسباب الانقسام الفلسطيني أسبق من رئاسة الإخوان لمصر، وأعمق من علاقة "حماس" بإخوانها المصريين.
لذلك فإن الايحاء بأن وصول الإخوان إلى الرئاسة المصرية وعلاقتهم المعلنة مع حركة حماس هو سبب تأجيل تنفيذ المصالحة الفلسطينية إنما يستهدف التستر على السبب الحقيقي لهذا التأجيل المتمثل في استمرار مراهنة الرئاسة الفلسطينية على الجهود المستمرة لوزير الخارجية الأميركي جون كيري لاستئناف المفاوضات بينها وبين دولة الاحتلال، والمتمثل أيضا في استمرار الرئاسة الفلسطينية في معارضتها للمقاومة الوطنية بالأشكال التي تتبناها وتمارسها الحركة والفصائل الأخرى التي تتخذ من قطاع غزة قاعدة لها.
إن استمرار الاستقطاب السياسي المصري في زج الانقسام الفلسطيني في صراعاته الداخلية، أو العكس، إنما يتم على حساب ثوابت العلاقات المصرية الفلسطينية عبر قطاع غزة، ويوسع الشقة بين الشعبين وعلى حساب كليهما كذلك، وهذا بالتأكيد ليس هدفا مصريا أو فلسطينيا، بل هو هدف رئيسي لدولة الاحتلال الإسرائيلي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.