النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة الدارالبيضاء، في 06/06/2013
(الجزء الثالث)
قد يكون بن كيران وفريقه الحزبي في أوج الشعور بالثقة في الواقع الذي أصبح عليه أداؤهم الحكومي والبرلماني وفق منظورهم الخاص إلى ذلك، وقد يواصلون العناد في عدم التنازل لحلفائهم الاستقلاليين اليوم، ويعتقدون أنهم يتمتعون بالثقة الملكية، كما يعبر عن ذلك رئيس الحكومة، ومن أنه لا خوف عليهم في الحكومة الحالية، وأن الاستقلاليين لابد وأن يعودوا إلى الصف مكرهين ومجبرين على ذلك، إلى آخر القائمة التي يتشدقون بها في وجوه جميع خصومهم داخل الفريق الحكومي .. وفي البرلمان .. وخارجهما، مع أن الوضع الذي يوجدون فيه لا يحسدون عليه بالنظر إلى الإخفاقات المتكررة، والمتعددة، التي يقعون فيها في كل القضايا التي تساهم في تراجع شعبيتهم، والثقة الممنوحة لهم من قبل الناخبين، التي يصعب التكهن بما يمكن أن يحدث فيها استقبالا .
إن أبسط السلوكات المطلوبة من فريق بن كيران، هي البحث عن ما يقوي التماسك الحكومي في إطار التحالف الراهن، والبحث مع الاستقلاليين بدون وسطاء من أجل احتواء التصدع والخلافات المطروحة، والاستجابة للمطالب القابلة للإنجاز، بدل سلوك النعامة التي لا تستطيع إخفاء جسمها في الرمال، بالأحرى بعضها المهدد من قبل الحيوانات الأخرى، وسواء أدرك بن كيران ذلك .. أو لم يستحضره، فإن بقاءه على رأس الحكومة الحالية أصبح في مرمى ضربات الاستقلاليين، التي سيرتفع سقفها إذا ما واصل عناده السلبي ضد حلفائه الاستقلاليين طبعا، الذين يصرون على خوض المعركة في النهاية مهما كانت الضغوط والنتائج، خصوصا بعد اتضاح طبيعة الصراع وما يجب أن يوظف فيه لكسبه إن آجلا أو عاجلا، كما تبدو أطواره في الظرف الراهن.
ليكن بن كيران وشباط على بينة من أننا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، لا نتخندق لصالح أي واحد منهما، وأننا على مسافة واحدة منهما في انتظار ما يمكن أن ينتج عن خلافهما الحزبي والبرلماني، وأن ما نتطلع إليه من صراعهما هو أن ينتهي هذا الصراع، ولينتبه كلاهما إلى ما يقتضيه حاضر ومستقبل الوطن في ظل هذا الخلاف المطروح، وأن كلاهما مطالب بتبرير أسباب هذا الخلاف، الذي يعوق المؤسسات الإنتاجية والخدماتية والتدبيرية، المعنية بالسياسات الحكومية في كل القطاعات، وأن المسؤولية الملقاة على الحكومة، تتطلب الترفع عن هذا المأزق، والانصراف إلى المهام الموكولة لها بحكم الدستور والتصريح الذي صادق عليه البرلمان، وهذا ما يفرض على كلاهما احتواء النزاع والتحكم في تداعياته، التي يتحملان مسؤوليتها، والتي ستكون حاضرة عندما يحتكمان إلى الشعب في الانتخابات المقبلة، ومن المرشح أن الطرفين يرغبان في التصعيد، الذي قد ينتهي بمصادرة شرعية أحدهما بصفة نهائية .. ولحظتها، لن يكون بإمكانهما احتواء الأزمة، والتخفيف من آثارها المدمرة .. وفي تقديرنا، أن شباط وبن كيران يدركان خطورة اللعب بالنار في هذه الفترة الدقيقة من تاريخ الوطن، التي كان عليهما وضعها في الاعتبار قبل الإقدام على مغامرة الإعلان عن المواجهة ضد الآخر، دون مراعاة مساوئها على الواقع الوطني، الذي لم تنفع معه سياسات الترقيع والتجميل .. وعلى الرجلين الآن، التفكير الجاد في تدبير خلافهما بعيدا عن المواجهة الحزبية الضيقة، والارتقاء بهذا الصراع إلى ما يمكن كلاهما من حسن "تدبير" خارج منطق السوق والحسابات السياسية الصغيرة، وتغليب مصالح المغرب في نهاية المطاف، والإيمان المسبق بالحساب الذي سيدفع في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة .. وخصوصا، بن كيران الذي لا يزال مزهوا بالاستحقاق البرلماني الأخير، الذي لاشك أنه تبخر في ظل التراجع المهول لشعبية حزبه، نتيجة تراكم الأخطاء التي ترتكب من قبل فريقه الحكومي، الذي تبين أنه لا يمتلك الكفاءة والخبرة والمعرفة التي تساعده على حسن تدبير القطاعات التي يشرف عليها في التحالف الحكومي الراهن.
في مقابل هذا الصراع بين شباط وبن كيران، لا يتضح أن لدينا معارضة قادرة على تحريك المياه الراكدة، واستغلال الحدث لفرض الحلول التي يمكن أن تنقذ الوطن من مخلفات هذه الأزمة، أو بإمكانها طرح مبادرات للارتقاء بهذا الصراع في أفق احتوائه وتوظيفه لفرض مطالبها واقتراحاتها، وهذا ما يستدعي منا القول أن كل أطراف الأغلبية والمعارضة لم تساهم من جانبها بما يساعد على إخماد نار الفتنة، التي لاشك أنها تهدد الجميع بالاحتراق والطوفان، الذي سينعكس على ما هو مطلوب منها في المرحلة الحالية. الأمانة العامة للنقابة المستقلة للصحافيين المغاربة