بقلم محمد أوراغ حينما تتجرأ سفالة الفكر في الهجوم على قيم المجتمع وأخلاقه التي هي الحصن المنيع من الانهيار والاندثار، فآعلم أن المسألة أكبر من شذوذ فكر ينطق فحشا ويدعو للفجور، إننا أمام مخطط رهيب ليس وليد اللحظة، يهدف إلى تخريب ما بقي من روابط المجتمع، مخطط يبث سمومه في ميادين مختلفة حتى يتم سلخ المجتمع عن كل قيمه وأخلاقه الراقية. فإنما الأمم الأخلاق ما بقيت …….فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا هل يصح في الأذهان شيء حينما تكون الدعوة إلى العهر وتسيير سبل الزنا واللواط وقبول نتائجهما من صميم الحرية التي يجب أن يفسح لها المجال على أوسع نطاق وتصير أعز ما يطلب ؟ ما علاقة الحرية بفكر شاذ يحلم بتحويل المجتمع إلى ماخور؟ وباسم حرية الجسد "المقدس" تكون المطالبة بحرق كل الكتب المقدسة وتغيير الدساتير ونسخ القوانين،و يرافق كل هذا مطالبة بتعليم يلقن الأطفال لغة الجنس وتوابعه ليحصل الانفتاح على الرذيلة منذ الصغر . دعوة للفجور يصاحبها افتراء على التاريخ وتزوير للحقائق، حينما يزعم أن هذا سبيل الرقي والخلاص من التخلف، وأن ما وصلت إليه الحضارة الغربية من تقدم هائل في علوم شتى أساسه الانسلاخ عن مناهج الفطرة السليمة، ومقتضيات الأدب والأخلاق. إن أساس النهوض شيء، ومظاهر التفسخ والانحلال شيء آخر. إذا أصيب القوم في أخلاقهم …. فأقم عليهم مأتما وعويلا التمرد على التعاليم الإلهية والشرائع السماوية، والثورة على الأخلاق والقيم يتم باسم الاجتهاد وكأن هذا الباب يلجه كل نكرة همه إشباع غرائزه وشهواته. إنها من الطوام الكبرى في أجواء انسداد الأفق تحت ظل نظام مخزني استبدادي، أن يكون انشغال هذا المجتهد منحصرا في الجنس وممارسته، ولا خبر له عن فقه السياسة والحكم،واسترجاع الشعب لسيادته المسلوبة. في انتخابات 2007 أسس السيد "نور الدين عيوش" جمعية " 2007 دابا" مهمتها اقناع الشباب في المشاركة في الانتخابات، ولم تحدثه نفسه؛ لماذا فشل ذالك الفشل المدوي في المهمة الموكولة إليه، ولم يطرق باب الاجتهاد، ويعلن أن الشعب سئم من التلاعب بأصواته التي لا تفرز إلا نظاما لا يتغير ولا يقبل التبديل ؟؟.
إن السعي إلى فهم معنى الحرية بحد ذاتها يصطدم بمشلكة أكبر، إذ نجد أن تحليلات الفلاسفة للمعنى المراد للحرية حوله اختلاف كبير، وتضارب لم ينتهي منذ القدم، وآنتهى بعضهم من ملاحقة هذه التصورات والتأمل في المخرج منها إلى الاقتناع بأن الحرية وهم لاوجود له، ولا مضمون لها، واعتبروا أن الإنسان مسوق في جميع تصرفاته وأفكاره بسلطان أنظمة صارمة، ومن هؤلاء "ليبنس" و"سبينوزا" وقبلهما الفيلسوف اليوناني "سقراط" وتلميذه "أفلاطون" وكثير من الفلاسفة الرواقين. في الوقت الذي سعت فيه طائفة أخرى من الفلاسفة إلى إثبات أن الإنسان مفطور على ألا ينصاع إلا إلى رغباته الذاتية وعليه تحطيم كل سدود الضرورات التي تقف دون تحقيق نزواته. ومن أقدم الفلاسفة أصحاب هذا الاتجاه، "أبيقور" الذي عاش في القرن الثالث قبل الميلاد، وفي العصر الحديث الفيلسوف الإنجليزي "هوبز" الذي توفي عام 1679. وفريق ثالث؛ عمل على التوفيق بين الحرية الإنسانية والضرورات التي لا مفر منها، وقالوا أن الحرية هي ترويض الإنسان ذاته أن لا يتحرك إلا ضمن دائرة ما تقتضيه السنن الكونية. ومن أبرز فلاسفة هذا الاتجاه "أرسطو"، ونجد في العصر الحديث "بنتام"، و"ستورات ميل" اللذين دافعا عن الحرية كحقيقة ثابتة بمقدار ما دافع عن الضرورات الاجتماعية كسلطة مهيمنة على الأفراد. الحرية ليست ممارسة ذاتية تتم في دائرة مغلقة داخل الكينونة الإنسانية، هي تفاعل يتم بين الإنسان والأنظمة الكونية المحيطة به، ويبقى الإنسان محكوما بضرورات ونواميس لا يملك الخروج عليها ولا يقوى على الحركة والسعي إلا ضمن مساحتها وداخل حدودها، والثورة على هذه الضرورات والقيود كانت ولا تزال عبثا من القول تدل على مدى الجهل الذي يتخبط فيه من لا يقيم أي اعتبار لكل هذه النواميس التي بثها الله في الكون من أجل تعمير الأرض، وكل خرق لها يؤدي إلى فساد المجتمعات وهلاكها . (((ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود آو قوم صالح وما قوم لوط منكم ببعيد ))) سورة هود الآية 81 .