لم تدم دعوات التعري كثيرا، لتحظى بباكورة التجاوبات الأولى في الاتجاه المعاكس. فبعد أن طالبت نساء منظمة التعري "فيمين" المغاربيات إلى الكشف عن صدورهن و نشر صورهن تضامنا مع التونسية أمينة مجهولة المصير، و دفاعا عما يسمى ب"حق المرأة في جسدها"، انطلقت أولى الردود من الشقيقة الجزائر، حين نظمت عشرات النسوة أغلبهن غير محجبات في الأصل مسيرة باللباس التقليدي الجزائري، الذي يغطي سائر الجسد عدا الوجه أو العينين، و هن يجبن كبريات شوارع الجزائر احتجاجات على دعوات السفور و التعري التي أطلقتها شاذات مغاربيات أكثرهن من تونس الشقيقة. مسيرة الحايك الجزائري التي حظيت بتغطية إعلامية وازنة، و التي كانت محل تقدير أغلب الهيئات المجتمعية المدنية في الجزائر و على مستوى الكثير من الدول العربية، كانت كافية لتعكير صفو خاطر المتعريات اللواتي أكتشفن بعد تكرار دعواتهن على صفحاتهن الرسمية و صفحة المنظمة الأم أنهن لسن محل تعاطف أحد من مسلمي شمال أفريقيا، و هو ما أكدته اليوم مسيرة مماثلة انطلقت لتجوب أهم شوارع العاصمة التونسية باللباس التقليدي التونسي "السفساري" الشبيه للحايك الجزائري و الجلباب المغربي. مسيرة "السفساري" جاءت ردا على تصاعد موجة التعري و تنامي الأصوات الداعمة لها، و بغية تأكيد الهوية الإسلامية لأرض جامع الزيتونة و فقهاء إفريقية، مسيرة تولتها نساء محجبات و أخريات غير محجبات لتفنيد أي مزاعم بسعي الأصوليين إلى تغيير معالم البلد. رد فعل الشارع التونسي كان غير متوقع، ففي الوقت الذي راهنت فيه الحركة النسائية التونسية كثيرا على صوت الشارع في طمس معالم التدين داخل المجتمع التونسي، خرج العشرات نت التونسيين و التونسيات مؤيدين للمسيرة و مباركين لها، معبرينعن شوقهم لأيام الملاحف البيضاء و هي تغطي شوارع مدن تونس. يذكر أن الرئيس المقبور بورقيبة كان اول من سن محاربة الحجاب في شمال أفريقيا، و ذلك عندما فرض على الطالبات و التلميذات ضمن مبادئ ثورته الموؤودة خلع أي قماش يحول دون شعور الإناث و أشعة الشمس، مرحلة حاولت إحدى الفضائيات التونسية استذكارها و استرجاعها، حين استجوابها لعجوز تونسية ادعت أنها أول من أخلعها بورقيبة "السفساري"، معبرة عن إعجابها بفترته و مبادئه المتطرفة و حنينها إلى أيامه.
رغم وجود عشرات الصفحات الفايسوكية المغربية الداعمة للحجاب و التستر و التحلي بالفضيلة، إلا أن الحديث عن إحياء اللباس النسائي التقليدي المغربي لا يزال غائبا عن أنشطة "محافظي" المغرب و دعواتهم، رغم تنوعه و كثرة الملتزمات به خاصة في البوادي و الأرياف، و تدين أغلب الأوساط المجتمعية المغربية و تعدد الحركات الاسلامية فيها، ما قد يوفر بيئة مماثلة و ظروفا مثالية لعودة الحايك المغربي إلى شوارع الرباط و الدارالبيضاء و تطوان و مكناس و فاس و غيرها، و إحياء لباس "أدّال" و الملحاف الأمازيغي في مدن الوسط و الجنوب.