في خطوة تروم التحسيس بالأضرار الكبيرة التي تخلفها حرب الطرقات بالمغرب، سواء تعلق الأمر بالخسائر المادية أو الخسائر في الأرواح، لجأت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية على خطباء المساجد لتحسيس ملايين المواطنين بخطورة “حرب الطرق” التي تحصد آلاف الأرواح سنويا وتخلّف وراءها الأرامل واليتامى… وبلغة الأرقام، فإن هذه الحرب خلّفت وراءها، خلال سنة واحدة (دجنبر 2011- دجنبر 2012)، أزيد من 4000 قتيلا و11 ألف و791 مصابا بجروح خطيرة، و89 ألف و317 مصابا بجروح طفيفة، في سنة واحدة أكثر من62 ألف و515 حادثة سير، بكلفة اقتصادية واجتماعية تصل إلى 11.5 مليار درهم سنويا (بنسبة 2% من الناتج المحلي الإجمالي). ولعل الرقم المهول للوفيات الناجمة عن حوادث السير ببلادنا يدق أكثر من ناقوس خطر، لذا فإن اليوم الوطني للسلامة الطرقية الذي يصادف 18 فبراير من كل سنة يُخلّد هذه السنة تحت شعار (4000 قتيل.. مسؤوليتنا جميعا). عديدة هي المجهودات التي تم بذلها للحد من الخسائر البشرية والمادية الناجمة عن حوادث تكون طرقنا مسرحا لها، حيث لا يمكن أن يمر علينا أسبوع دون سماع أخبار عن اصطدام هنا أو انقلاب شاحنة هناك أو عن سائق دراجة نارية لقي حتفه في الحين أو عن عائلة ذهب جل أفرادها ضحية لسائق متهور…فالجميع متحد لتوعية المواطنين وحثّهم على احترام قانون السير: وصلات إشهارية في جميع وسائل الإعلام، حملات تحسيسية بالمؤسسات التعليمية، توزيع خوذات الوقاية على سائقي الدراجات النارية… كما شكل إقرار مدونة جديدة للسير ودخولها حيز التنفيذ في أكتوبر 2010، لحظة فارقة في سياسة بلادنا من أجل الحد من حوادث السير، ورغم الجدل الذي أثارته وتثيره لحد الآن في أوساط مختلفة وعلى مستويات متعددة، فإن المدونة تعد باعتراف من الجميع مبادرة جريئة تأسست على استحضار دور التشريع في تنظيم السير على الطرقات وتأطير السلوك البشري لمستعمليها. لكن، ورغم تحقيق حملات التوعية لجزء من أهدافها، ورغم الجهود المبذولة من طرف السلطات المختصة ومن طرف المجتمع المدني، تبقى الحركة الطرقية في المغرب دائما مبعثا للخوف في ظل تواجد سائقين متهورين وفي ظل تواجد آفة خطيرة اسمها الرشوة، وكذلك في ظل الحالة المزرية لبعض الطرقات.