1. المؤمن: من يَفرَح ويُدخل الفرِح الإنسان مطالب، أن يُدخل الفرح على من حوله، ويشاركهم فرحهم، وأن يغتنم كل فرصة، يجعل فيها من حوله فرحا سعيدا، ويخفّف عنهم بما يستطيع، آلامهم، وأحزانهم والاحتفال بمولد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرصة ليُدخل المرء الفرحة على أهله، وأحباءه، ووطنه، فينال بذلك فضل السّبق، وخير تعميم الفرح. والفرح بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، لايحدّه زمان ولا مكان، كما لايمكن حصره في شكل معين، دون غيره من الأشكال. فالاقتداء بهديه صلى الله عليه وسلم، والدروس، والمواعظ الخاصة بحياته، والاجتماع حول دراسة سيرته العطرة، والكتابة عن خصاله، وطباعة فضائله، كلّها شكل من أشكال الفرح، على المرء أن يحافظ عليها في مناسبة وغير مناسبة. كما أن اغتنام الفرص، كمولده صلى الله عليه وسلم مثلا، هو مظهر من مظاهر الفرح، يقام في حينه، ليكون منطلقا لتعميمه فيما بعد في كل زمان ومكان إن الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم، هو اقتداء بالملائكة الأطهار، الذين احتفلوا به، وهو في عالم الغيب. والعاقل لايترك الجماد، من حجر وشجر، تسبقه إلى الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم، ويتأخر عن مشاركة الكون كله، فضل الاحتفال. خلال الأسبوع الماضي، طلبت من أحد الأئمة، أن يلقي درسا حول سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، وتوزّع فيها الجوائز على النجباء من الكبار والصغار، فاستقبل الطلب ببرودة شديدة، ورد قائلا، لست مستعد من الناحية النفسية إن أبا جهل، كان مستعد نفسيا، فجسّد استعداده فعليا، حينما أعتق الجارية التي أخبرته بمولد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرحا بمولده. فكان جزاؤه، أن خُفّف عنه العذاب، كل يوم اثنين، إكراما لاحتفاله بمولد رسول الله صلى الله عليه وسلم. 2. الاحتفال: فضل وليس شرك يقول إمام غليزان، زوال هذا اليوم، فيما ينقله عن صاحب قصيدة البردة، رضي الله عنه، أن احترام سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتعظيمه، وتقديره، وتقديمه، مطالب بها المرء في كل الحالات، باستثناء حالة واحدة فقط، وهي أن يعامل كما عامل النصارى، سيدنا عيسى عليه السلام، بجعله إلها ، وأنه ابن الله، وماعدا ذلك، فكله ممدوح مطلوب. إن الله تعالى، وعد عباده جميعا، بمغفرة ذنوبهم كافة، باستثناء الشرك البيّن الصريح، وقال: " إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا "،النساء - الآية48. فلا تخشى أيها المحتفل بمولد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلن يكون احتفالك شرك أبدا. حينما خاطب، سيدنا جعفر بن عبد المطلب، النجاشي، بقوله أن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال لنا، اذهبوا إلى الحبشة، فإن فيها ملك لايُظلمُ عنده أحد، منحهم الأمان، وأكرمهم، وأحسن ضيافتهم، وردّ رشوة قريش الغالية جدا، وصاحبها عمرو بن العاص. فكان هذا السلوك مظهر من مظاهر الاحتفال، بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الذي مات ولم يراه، فنال باحتفاله واحتفاءه، شرف صلاة الغائب عليه. إن الأمم، تقيم لملوكها ورؤسائها، احتفالات ليوم ولادتهم، ويوم ولادة ولي العرش، ويوم ختانه، وليلة زواجه، ويطلق سراح مئات المسجونين، احتفالا بولادة مولود للملك، أو ابنه، أو ابنته. وتجعل لنهائي الكأس يوم عطلة، يتفرّغ لها أبناء الوطن، وتفتخر بالهدّاف، ولو انهزم فريقه ب 6 مقابل 1، وتقام لهم الموائد والأعراس، وتلقى في حقّهم القصائد، ويحضرها أهل العلم والأدب. ولم يعرف أن أحدا استنكر ذلك علانية، وطالب بتوقيفها، واعتبرها غير شرعية. 3. طبيعة كل مجتمع في الاحتفال إن الحزن أو الفرح، يتبع طبيعة المجتمع، ومن الأدب أن يسأل المرء، عن الأعياد والمناسبات، التي يحتفل بها هذا المجتمع أو ذاك، فيشاركهم فيما يتفق فيه معهم، ويمتنع فيما يخالفونه فيه. فالذي لا يحتفل بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليس قدوة لذاك الذي احتفل. وخير لهذا وذاك، صفاء القلب، وسعة الصدر، والدعوة الحسنة بالغيب، وكل يمارس تأييده أو رفضه، في مجتمعه، وبهدوء، و دون التدخل في الآخرين. المرء مطالب، أن يوسّع من دائرة الفرح بسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يضيّقها. فالكون اتّسع له وبمولده. ومن الأدب، أن يحترم مشاعر ذاك الذي لم يشاركه فضل الفرح، والاحتفال.