سلام محمد العامري [email protected] قال عَزَّ من قائل:" وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فنادى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إله إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ", سورة الأنبياء آية 87. عند ظهور تنظيم القاعدة في الموصل, حاله كحال المحافظاتالعراقية, مستغلاً شعار تهميش أهل السنة, ومحاولة سيطرة الفرس على العراق, ليجدَ حاضنة له في الموصل والرمادي, لينتشر كالسرطان في ديالى وتكريت, حاضنته أولَ الأمر, كانت من شتات الرفاق وفدائيو صدام, إضافة لبعض ضباط الجيش المُنحَل, انخرط معهم بعد ذلك, بعض المشايخ الذين يدسون السم بالعسل. خليطٌ من الأفكار المختلفة, فما بين عروبي قومي وعلماني, لا يعترف بوزنٍ للأفكار الدينية, ومتشدِّدٍ يرى بعد أكثر من 1400عام, أن بلاد فارس لاتزال مجوسية, تعبد النار مشركة بالواحد الأحد, وإن من يدين بنفس المذهب لحكامها, خارج عن الملة, يستحقُّ القتل, ليعينهم على ذلك, ساعد دولة صهيون الأول, في الجزيرة العربية, المتمثل بحكم بني سعود. كان مسار هذا الخليط المتناقض فكرياً, يجمعه هَدفٌ واحد, هو إسقاط النظام العراقي الجديد, بحجة محاربة المحتل الصليبي, متناسين أن تلك المحافظات, قد فتحت أبوابها دون قتال, لذلك الصليبي الآتي عبر البحار, بمساعدة الداعمة لهم كمقاومين وطنيين!, فهل هي صحوة بعد تأنيب ضمير, لعدم مقاومتهم جيش الاحتلال, الذي لم يدخل البصرة والناصرية كمثال, بسهولة ويسر كما دخل تلك المحافظات؟. لم يشعر أغلب سكنة المناطق, التي تقطنها الطائفة السنية حجم المؤامرة؛ فذلك التنظيم" القاعدة", كان وليد حركة سياسية, اتخذت من الدين غطاءً لها, ولأنهم أيضا من المؤمنين, بالقومية العربية وعداء الفرس لها, لحديث مدسوس عن نبي الرحمة, زورا وبهتانا, حيث يقولون فيه:" لا حَنَّ ما حَنَّ أعجمي على عربي قط", ولم يحكموا عقولهم في الحديث, الذي يتقاطع معه, حيث قال أكرم الأنبياء, وخاتم الرُسل, عليه وآله الصلاة والسلام: " المسلم أخو المسلم….". عام 2006 استفحلت الطائفية, بتفجير مرقد الإمامين العسكريين, وكادت أن تكون حَربٌ أهلية, يحترق فيها الأخضر واليابس, لولا حكمة المرجعية في النجف الأشرف؛ التي أفتت ببيان صادر عنها, بعد اجتماعِ أقطابها الأربعة, السيدين السيستاني و محمد سعيد الحكيم, والشيخين بشير النجفي ومحمد اسحاق الفياض, بلزوم الهدوء وعدم ممارسة أعمال انتقامية, تؤدي لنتائج لا تُحمد عقباها. بين فترة وأخرى, تَظهر تلك الأعمال الإجرامية, حيث تشتد عندما يتم تقويض, ومحاصرة ذلك التنظيم الإرهابي, وفي ظَلِّ تلك الظروف غير المستقرة, من الطبيعي أن يَحصل نَقصٌ في الخدمات, وسط تشكيل حكومات, ضعيفة بُنيت على مبدأ المحاصصة, والمقايضة في اتخاذ القرارات, الذي سُمي بالتوافق, وما هو إلا فرضٌ متقابل, وشروط متبادلة, ناهيك عن الفساد الذي تَخَلل ذلك. إذكاء الفتنة الطائفية, أضحى الشغل الشاغل, لن يريد قضم أكبر قطعة, من الكعكة العراقية, وهذا كان وما يزال, ديدن من تسلق العملية السياسية, لضمان دوام تسنمه المناصب, ليتورط بعض الساسة, بتسليم أكثر من ثلث المحافظات, إلى أعتى تنظيم إرهابي, ظهر على الساحة, الذي أطلق عليه اختصاراً اسم" داعش", في ظل وضعٍ شديد التأزم. المرجعية الدينية تظهرُ من جديد, لتفتي بالجهاد الكفائي, لشدة خطورة الموقف, ليتكون حشدٌ شعبي أذهَلَ العالم, بدوله العظمى وترسانته المتقدمة, حيثُ فاقها تخطيطاُ وشجاعة, لتنفيذ الأهداف بمدة زمنية, فاقت كل تصور لفطاحل الحروب, ليصبحوا على أبواب النصر الناجز بالموصل, على أعتاب العام الثالث, بينما كانت حسابات الدول العظمى خمسة أعوام. اقترب الشهر الثالث, لبدء عمليات تحرير الموصل, التي غَطت في ظلام جراء اغتصابها من داعش, وكأنها تحاكي بذلك, ذا النون النبي يونس عليه السلام, حث لبث في بطن الحوت. فهل سنرى تحرير أهل الموصل, ليروا النور قريباً؟ ذلك ما سيكون, بعون الباري وقدرته, وحكمة علماء الدين الأفذاذ, وبتضحيات الشباب الغيارى, وصبر الصابرين.