أعلنت بلدية دلهي الجديدة يوم الخميس الماضي عن اكتشافها لوجود أ كثر من إثنين و عشرين ألف موظف وهمي «يعملون» في الإدارات و المرافق التابعة لها؛ و هذا النوع من «العاملين» هو ما نسميه نحن بالمغرب ب«الموظفين الأشباح» الذين لا يعرفهم زملاؤهم، إلا حين يكتشفون -صدفة- اللائحة الضخمة للموظفين بمصالحهم أو كتلة الأجور الهائلة التي يتقاضونها. و قد تم اكتشاف هذا الجيش العرمرم من الموظفين الوهميين في دلهي بعد أن اعتمدت البلدية قبل بضعة أشهر نظاما الكترونيا للتحقق من مواعيد دخول و انصراف الموظفين وضعته عند مداخل الهيآت و المرافق التابعة لها لتسجيل الغياب و الحضور، فأظهر النظام ثغرة في البيانات الخاصة بالموظفين المسجلين لديها. و أوضح رئيس بلدية دلهي الجديدة السيد «كانوار سين» في تصريح للصحافة أن هؤلاء الموظفين الوهميين، ستتم دراسة حالاتهم و الاستغناء عنهم. هذه الواقعة تستوجب منا ملاحظتين و تطرح علينا تساؤلين. أما الملاحظتين فأولاهما هي أن مدينة دلهي تعد من بين كبريات مدن العالم و ثاني أكبر مدينة في الهند (بعد مومباي أو بومباي سابقا) حيث يبلغ عدد سكانها أكثر من 22 مليون نسمة، أي أن عدد الموظفين الأشباح فيها تصل نسبته إلى ألف شبح من كل مليون نسمة أو واحد من كل ألف أو بمعنى ثالث أن كل واحد من هؤلاء الموظفين الأشباح يعيش على حساب ألف مواطن من دافعي الضرائب بالمدينة الهندية. و ثاني الملاحظتين هي أن الذي قام بقرع ناقوس الخطر و أعلن الفضيحة ليس معارضا ظرْفيًّا داخل البلدية أو صحفيا محقِّقا، بل إن من قام بذلك و باشر محاربته بالطرق العلمية هو رئيس بلدية دلهي نفسه. أما التساؤلان اللذان تطرحهما هذه الواقعة فهما أولا إذا كانت مدينة مثل دلهي بملايينها التي تفوق العشرين تضم بين جنباتها اثنين و عشرين ألف موظف وهمي، فكم عدد الموظفين الأشباح في إداراتنا و بلدياتنا (هناك مقاطعة بالدار البيضاء تتجاوز لائحة موظفيها 1600 موظف و عون و مستخدم، لكن بنايتها نفسها بمكاتبها جميعا لا يمكن أن تستوعب نصف هذا العدد، إذا أضفنا له عدد الموظفين الملحقين بالمصالح الخارجية فإننا قد نصل بالكاد إلى ألف موظف و لكن الستمائة المتبقون يدخلون في خانة الموظفين الأشباح) و التساؤل الثاني هو أن الذي أثار هذه المعضلة في دلهي الهندية هو المسؤول الأول بالبلدية، و قد قام بتدابير عملية لمحاربة هذه الظاهرة المرضية، أما في المغرب فقد أثارها كثير من المسؤولين ،لأسباب خاصة بهم، لكن لا أحد تصدى لها و إن على مستوى مسؤوليته و في دائرة اختصاصه فحسب.