فتح تقرير «المهمة الاستطلاعية» التي سبق ان تشكلت طبقا للمادة 35 من النظام الداخلي لمجلس النواب ، شهية نواب الامة في تقديم وصفات العلاج لهذا المريض الذي يعالج 30 مليون مغربي ويعاني بدوره من أمراض تقف وراءها عدة جهات تتاجر به دون مراعاة لأوضاع المرضى ولا قدرة جيوبهم او إمكانياتهم المادية. هناك مجال آخر لم يتم الانتباه اليه ويتعلق بهذه المركزية «القاسية» التي يعرفها عدد من الاشخاص ذوي الامراض المزمنة أو الخطرة من طرف التعاضدية والتي يوجد مقرها بالرباط، اذ على المعنيين بالامر ان ينتقلوا من مناطق سكناهم في اي نقطة بالمغرب ليحصلوا على دوائهم، حاملين معهم معاناة السفر والاقامة والتغذية و...طوابير الانتظار و «بيروقراطية» الاجراءات ليضاف ذلك كله الى معاناتهم مع المرض. يوم الثلاثاء المنصرم تحولت لجنة المالية والتنمية الاقتصادية ولجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب الى غرفة تشخيص اشهر فيها البرلمانيون مباضعهم ليقوموا بعمليات جراحية افتراضية على جسد التقرير الذي اعده نواب تختلف تخصصاتهم وانتماءاتهم السياسية ، لكنهم توحدوا في خلاصات وتوصيات كانت قبل ثلاثة اسابيع فاتحة الصفحات الاولى للجرائد الوطنية ومحاور ملفاتها واسئلة حواراتها... في جلسة الثلاثاء اكد المتدخلون اعضاء اللجنة على «ضرورة فتح باب المنافسة أمام الشركات المنتجة للأدوية, وذلك بهدف خفض أسعارها وجعلها في متناول المواطنين» و«أن من شأن خفض نسبة الضرائب المفروضة على أصل الدواء, المساهمة في خفض ثمنه». اذن هناك دعوة تأكيدية ل : - فتح باب المنافسة بدل الاحتكار. - خفض نسب الضرائب المرتفعة على مادة تمس اساسا بصحة المواطن. - خفض الاسعار التي يكتوي بنيرانها المريض وعائلته، وهي مطالب تعد امتدادا للخلاصات التي جاء بها التقرير ، تقرير المهمة الاستطلاعية والمتمثلة في: - اثمنة الدواء مرتفعة ... مقارنة مع بقية الدول التي لمواطنيها دخل وتغطية صحية اكثر من المغرب، ولدوائها فعالية ونجاعة . - صانعو الادوية ومساطر التعويض مسؤولة عن ذلك بشكل مباشر او غير مباشر ... ويبدو ان ماطرحه النواب في مداخلاتهم يحتاج الى تشكيل لجنة تحقيق تتخذ من ما ظهر في التقرير ومابطن، منطلقا لعملها، فالدواء بالمغرب (المصنع والمستورد والمهرب) يمر بالفعل من مسارات تضر بصحة المريض المغربي وبجيبه . كيف مثلا لمصانع الادوية أن تحتكر هامشا مهما في عملية الربح، هكذا دون حسيب ولارقيب؟ وما هي شروط الانتاج؟ هل هناك بالفعل مراعاة صحية واحترام للمقادير وجودة المواد المكونة للدواء؟ اي علاقة بين المختبرات والاطراف الادارية النافذة في هذا المرفق او ذاك؟ أيوجد بالفعل أدوية لا لون لها ولا طعم بالنسبة للمريض يتم تضمينها للوصفات الطبية تلبية لرغبات هذا المصنع او ذاك؟ وحتى عملية التعليب، كيف نقدم لمريض علبة دواء تحتوي على ضعفي بل اكثر من الكمية المطلوبة للعلاج ليرمي ماتبقى؟ وهذا الدواء الذي يباع على الارصفة في مدن عدة، ألا يحتاج الى اجراءات؟ اسئلة عديدة تطرح بشأن الدواء، لاتكفي مهمة استطلاعية الاجابة عنها لانها لاتحدد المسؤوليات فيما يحدث داخل هذا القطاع ويفضح المتلاعبين والمستفيدين منه ، لقد استمعت «المهمة الاستطلاعية» الى اثنى عشر طرفا وتسعة وعشرين شخصية لهم علاقة مباشرة بالدواء، لكن لايوجد في المغرب هيئة تجمعهم، وكان الاقتراح الذي تقدمت به «المهمة» وجيها والمتمثل في انشاء هيئة يعهد اليها السهر على تحديد ثمن الدواء. هناك مجال آخر لم يتم الانتباه اليه ويتعلق بهذه المركزية «القاسية» التي يعرفها عدد من الاشخاص ذوي الامراض المزمنة أو الخطرة من طرف التعاضدية والتي يوجد مقرها بالرباط، اذ على المعنيين بالامر ان ينتقلوا من مناطق سكناهم في اي نقطة بالمغرب ليحصلوا على دوائهم ، يحملون معهم معاناة السفر والاقامة والتغذية و...طوابير الانتظار و «بيروقراطية» الاجراءات ليضاف ذلك كله الى معاناتهم مع المرض، والمفارقة انه في الوقت الذي يسير فيه المغرب نحو الجهوية في مجالات عدة نجد المركزية تتشدد في هذا المجال. للتذكير، من بين توصيات المهمة الاستطلاعية: - ضرورة وضع سياسة وطنية للدواء. - وضع مسطرة جديدة لتحديد اثمنة الادوية من طرف اللجنة المكلفة بذلك. - إعادة النظر في الاثمنة الحالية. إن إعمال هذه التوصيات والحرص على تنفيذها يحتاج ايضا ليقظة المستهلك، وهنا مسؤولية المجتمع المدني في ان يشكل تنظيمات للمراقبة ، ويقف الى جانب المستهلكين للادوية مثلما يشكل قوة اقتراحية تضع لمساتها على طول مسار انتاج الدواء وتوزيعه والحرص على جودته وظروف تخزينه. وفي انتظار ان يتعمق مجلس النواب في تقريره، ويدفع الى صياغة نصوص قانونية تنظم القطاع، نتمنى ان لا «يرقد» هذا التقرير في رفوف المجلس ويشكل فقط رغبة جهة او شخص وجه فوهة بندقية موقعه الذاتي واطلق رصاصات تحذيرية صوب موقع آخر رأى فيه ان حديقته لايوجد بها ما يكفي من «الياسمين» ليستنشق رائحة المنصب الذي يجلس على كرسيه ويستفيد من امتيازاته.