بمناسبة الذكرى 44لاختطاف الشهيد المهدي بنبركة، نظمت الكتابة الاقليمية للاتحاد الاشتراكي بمكناس وبتنسيق مع فروع كل من المنزه و تولال و الزيتونة، ندوة فكرية حول المشهد السياسى المغربي بين الامس و اليوم أطرها كل من محمد الساسي وعلى بوطوالة وحسن طارق، حيث أبحر المؤطرون الثلاثة بالحضور المتنوع المشارب السياسية الذي اثث قاعة جهة مكناس تافيلالت، في يم الافكار العابة من تجارب الماضي واشراقاته النضالية و الاديولوجية، مارين بالعديد من المحطات عبر تحاليل وتقييمات اخذت باهتمام الحضور، خصوصا وانها كانت ارضيات مشتركة لقوى اليسار تارة ومصدر خلاف فكري وعقائدي بين هذه القوى تارة اخرى، بسبب تباعد التصورات و التحليلات والقناعات التي طبعت وأسست للحقل و المشهد السياسي خلال العشرية الماضية التي طفحت بالعديد من السجالات السياسية والفكرية التي ستبقى إرثا مشتركا لكل الصف التقدمي وللاجيال القادمة، خصوصا وان الخلفيات السياسية المؤطرة لعروض المحاضرين كانت الموجه الاساس لتموقعاتهم وتحليلاتهم، التي امتحت من أدبيات المسار السياسي لحزب المؤتمر الوطني الاتحادي بالنسبة لعلي بوطوالة والاتحاد الاشتراكي بالنسبة لحسن طارق واليسار الاشتراكي الموحد بالنسبة لمحمد الساسي، والذين اجمعوا من خلال طروحاتهم على ضرورة رص صفوف القوى التقدمية لمواجهة الاندحار الذي نحاه الوضع السياسي بالمغرب، والذي اجهض المكتسبات السياسية والاجتماعية المحققة في ظل حكومة عبد الرحمان اليوسفي الذي أرسى أسس الانتقال الديموقراطي برغم كل التحديات والاكراهات والصعوبات التي واجهته كقائد سياسي وزعيم حزب له تجذره في تاريخ المغرب الحديث، معتبرين اننا نعيش اليوم أزمة سياسية حقيقية، عناوينها واشاراتها تحيل مباشرة على ترسيخ سلطة الدولة وجبروت قوتها لتحصين نفسها من خلال إنتاج أدواتها الموثوقة والمغلفة بغلاف الحداثة والديموقراطية، من خلال توظيف العديد من التبريرات والممارسات التي تجيز تطبيق أصولية مخزنية ترسخ الوضع وتعمق التناقضات بين اطياف اليسار المغربي الذي فقد مرحليا بوصلة توجيه الاحداث بسبب الهزات التنظيمية التي أصابته، واصابت خصوصا عموده الفقري المتمثل في حزب القوات الشعبية ، مما أدى حتما الى فتور الحراك السياسي وغياب التشويق الدافع لتصارع الافكار، مما ترك مساحة فراغ كافية لإنبات وافد سياسي ذي ولادة قيصرية، شوهت المشهد السياسي المغربي وذلك باستعمال كل الاساليب والممارسات البعيدة كل البعد عن الصراع الاديولوجي، مما ادى الى دحرجة التنظيمات الحزبية التاريخية عن طريق السطو على المكتسبات ، وتوظيف كل الادوات المرتكزة على اشاعة الاحباط والريبة تجاه الاحزاب الوطنية التاريخية وصولا الى محاولة افراغها من اطرها وكوادرها وتوظيفهم بصورة مباشرة او غير مباشرة لضرب مصداقيتها عن طريق ترسيخ الاخفاق الذي صاحب المسار الديموقراطي، مما استوجب معه إعادة بناء الحقل والمشهد السياسيين بالمغرب على حد قول محمد الساسي الذي أكد من خلال مداخلته على اننا نعيش اليوم أزمة فكر سياسي بالمغرب من خلال استقراء الاحداث والمؤشرات والمواقف، مؤكدا أن النخب السياسية المغربية اليوم ابتعدت عن انتاج الفكر السياسي مقابل إنتاج الفكر الانتخابوي . وقد اشار علي بوطوالة في مداخلته الى العديد من القضايا التي ميزت الممارسات السياسية مند بداية الثمانينات الى الان، والتي تميزت في مؤشراتها بالمد والجزر لفعل القوى التقدمية، معتبرا ان هناك اختلافا منهجيا على مستوى تحليل الوضع والنظرة الى المستقبل وان اعادة البناء أصعب من البناء نفسه. وقد اعتبر حسن طارق من خلال تحليله لواقع الحال ان الظرف السياسي الحالي يفرض على قوى اليسار بكل تشكيلاتها، الارتفاع عن جراحاتها وتجاوز أزمة الثقة وعدم تبسيط المشهد والوضع السياسي الحالي بالمغرب، معتبرا أن طرح السؤال التالي: «من نحن؟ وماذا نريد؟» يعتبر المدخل الصحيح لبداية طريق إعادة بناء الذات والاداة عبر نقاش صريح واضح المرامي والاهداف، لنبتعد عمليا عن تحقين الوضع خصوصا وان المحطات السابقة سجلت العديد من الصراعات الهامشية، استغل فيها جزء من اليسار لمحاربة اليسار، مؤكدا في الاول والاخير ان الموقع الطبيعي لقوى اليسار بكل مشاربه، هو حضن المجتمع الذي يعتبر المهد والدرع لتطور وتجذر الفكر والممارسة الديموقراطية من خلال الفعل اليومي في اطار يسار مؤمن بالديموقراطية، وبالهوية الاشتراكية والرغبة في ترسيخ الاصلاحات بعيدا عن التفكير الميكانيكي الرتيب المكرر لنفس التجارب والاخطاء، معتبرا ان لليسار المغربي هوية اجتماعية ديموقراطية تهدف الى تخليق الحياة السياسية والاجتماعية، وترنو الى غد أفضل تتحقق فيه العدالة الاجتماعية، وتنتصر فيه المبادئ الكونية للديموقراطية التي يتسع فضاؤها للجميع دون إقصاء أو تغييب .