ما الذي سيحدث عندما يغادر آخر مغربي هولندا؟ سؤال فيه ما فيه من الغرابة ربما لاستحالة تحققه، لكن شريطا تم وضعه على أحد مواقع الإنترنت يحاول أن يرسم صورة لهولندا وهي تودع آخر مهاجر مغربي. الشريط القصير، الذي لا تتجاوز مدته ثماني دقائق وتسعا وثلاثين ثانية والذي نشره موقع www.munt.nu، استغنى عن الكلمات وجعل من الصورة والموسيقى لغته التي يمكن أن يفهمها الجميع. يصور المشهد الأول من الشريط مواطنا هولنديا يقود دراجته الهوائية ليحصل على جريدته من زواية الشارع بعد أن كان متعودا على أن يوصلها إليه عامل مغربي. وفي طريقه يلتفت المواطن الهولندي إلى كمية الأزبال المتناثرة في الشارع بسبب رحيل عامل النظافة المغربي. وتتصدر الصفحة الأولى من الجريدة صورة لطائرة وعنوان يقول برحيل آخر مهاجر مغربي. مبان غابت عنها الصيانة، ومواطنون متذمرون من غياب سيارات الأجرة، لعدم وجود من يقودها أو لغياب من يصلح أعطابها. فريق فاينورد روتردام يتوج بطلا للدوري المحلي دون أن يتلقى التهنئة من عمدة المدينة، أحمد بوطالب. طفلة هولندية تقرع جرس منزل صديقتها المغربية، لكن البيت بدا مهجورا. الفنان الكوميدي المغربي الأصل، نجيب أمهالي يلغي حفلا كان مبرمجا. الصحف الهولندية أصبحت تعاني من شح الأخبار، وتطلب من القراء موافاتها بما توفر لديهم من مواد إخبارية، موظفو المصالح الاجتماعية غارقون في الملل لقلة العمل، وحتى الحلاق المغربي، فقد ترك زبونه الهولندي وذقنه يغطيها صابون الحلاقة وحمل حقائبه في اتجاه المطار. ويعرف واضعو هذا الشريط أنفسهم، في الموقع الإلكتروني الذي يعرض الشريط، بأنهم «شبان هولنديون من أصل مغربي يطفحون بالحيوية والطاقة الإبداعية». ولا يريدون الكشف عن أسمائهم الحقيقية. ومن جهة أخرى، يحمل الشريط عنوان «Kop of Munt»، وهي إشارة إلى عبارة «رأس أم كتابة»، أو وجهي نفس العملة المعدنية، غير أن موقعا هولنديا أدرج تفسيرا آخر للعنوان، إذ قال إن كلمة Munt تعني أيضا نبتة النعناع التي اشتهر المغاربة باستعمالها لتحضير مشروب الشاي، وأن كلمة Kop اختصار لعبارة Kaaskop التي تستخدم لوصف الهولنديين بشكل ساخر والتي تعني «رأس الجبنة». وأدرج المشرفون على الموقع في نفس الصفحة الرئيسية استطلاعا للرأي حول موقف الهولنديين من وجود المهاجرين المغاربة بينهم، حيث قال 71% من المشاركين في الاستطلاع، والذين بلغوا في الإجمال 13500 مشارك، إن رحيل المهاجرين المغاربة إلى وطنهم يتعبر فكرة جيدة ، وينتظرون بفارغ الصبر تحققها، وفي المقابل لم يطالب ببقاء المهاجرين المغاربة سوى 23% من الذين شملهم الاستطلاع.