الانتقاء في لغة الضاد - وليس في لغة الضد - يعني الاصطفاء أي الاختيار والانتخاب، أي أن تنتخب النخبة وتصطفي الصفوة وتختار الأخيار وتنتقي الأنقياء، لذلك يبدو وكأن هذه الأسماء وأفعالها تعني في لغة الضاد ما يكاد يقارب الديمقراطية. لكن في لغة الضد يبدو الأمر عكس ذلك تماما. فنحن هذه الأيام نستطيع أن نلاحظ ونسمع ونرى ونلمس أن الانتقاء والاصطفاء والاختيار، لها وجهة أخرى لا علاقة لها لا بالديمقراطية ولا بالمساواة ولا بتكافؤ الفرص ولا بالعدالة.. وهم يحزنون. فحينما يتعلق الأمر بإتلاف الحقول المزروعة بالقنب الهندي بالشمال، نسمع احتجاجات الفلاحين البسطاء، وهم يتهمون السلطات بالانتقائية في إتلاف حقول هؤلاء دون حقول أولئك. وحينما يتعلق الأمر باعتقال ومطاردة المبحوث عنهم، أو حتى مطادرة الباعة المتجولين، قد لا يخلو الأمر من مثل هذا الانتقاء. وحينما يتعلق الأمر حتى «بتزفيت» بعض الأزقة والشوارع، يتم التعامل مع ذلك بالانتقاء. وحينما يريدون أن «يكهربوا» الدواوير والقرى، يعمدون أيضا إلى أسلوب الانتقاء. وحينما... وحينما... وحينما تضيفون ما تشاؤون على قياس ما سبق، ستجدون أن الانتقاء في لغة الضاد عندنا بات يقول ضد ما تقوله لغة الضاد عندنا!