يعد الطيب منشد من المناضلين الذين رافقوا العديد من قادة الاتحاد، واولهم الشهيد عمر بن جلون، الذي يكشف لنا الطيب عنه جوانب خفية، انسانية وسياسية ونقابية. كما أنه يعود بنا الى تفاصيل أخرى تمس الحياة النقابية في بلادنا وكل مخاضاتها، باعتباره شاهدا من الرعيل الأول، ومناضلا ومعاصرا للمخاضات التي عرفتها الساحة الاجتماعية. هناك اشياء كثيرة أخرى، ومواقف عديدة تكشفها ذاكرة الطيب لأول مرة.. } مرحلة المؤتمر الثالث (1978) والمؤتمر الرابع (1984)، بالإضافة إلى أنها تميزت بظهور خلافات داخلية، تخللتها أحداث، واتخذت خلالها قرارات حزبية هامة كان لها تأثيرها على واقع الحزب وعلى الوضع السياسي العام في البلاد كيف عشتم هذه المرحلة؟ وما هي قراءتكم لما جرى؟ >> يمكن تجميع أهم الأحداث التي عاشها الاتحاد أوعاش تحت تأثيرها خلال مرحلة 1978 و1984 في: 1- ظهور الخلافات الداخلية التي انتهت بما انتهت إليه (ماي 1983). 2- تأثير حملة القمع الشرسة التي وجهت ضد النقابيين والنقابيات اثر اضراب أيام 11-10-9 أبريل 1979: 3- القرارات الخطيرة التي اتخذتها الحكومة في المجال ا لاقتصادي والاجتماعي، وما ترتب عنها من اضراب 20 يونيو 1981 والأحداث الخطيرة التي عرفتها الدارالبيضاء ومدن أخرى، واتساع دائرة القمع والاعتقالات. 4- مواقف الحزب في مواجهة قرارات نيروبي المتعلقة بتنظيم استفتاء بأقاليمنا المسترجعة واعتقال القيادة الحزبية وعلى رأسها المرحوم عبد الرحيم بوعبيد. 5- تنفيذ قرار المؤتمر الثالث بالانسحاب من البرلمان. 6- أحداث يناير 1984 لقد سبق الحديث عن الخلافات التي ظهرت في صفوف الاتحاد وما تمخض عنها، أما فيما يرجع لنضالات 11-10-9 أبريل فقد ووجهت بقمع شرس حيث تعرضت شغيلة التعليم والصحة المنضويان تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل إلى حملة من المضايقات والاعتقالات والمحاكمات الصورية في كل مناطق البلاد، بل أن هناك مناطق ضرب فيها حصار على شغيلة التعليم الذين منعوا من مغادرة أماكن سكناهم والانتقال إلى مراكز أخرى ومنعت الصحافة من التوزيع في تلك المناطق، وقطعت خطوط الهاتف حتى أصبح الناس يتساءلون هل القمع يشمل كل المغرب أم يشمل مناطقهم فقط أي أصبحوا معزولين عن باقي مناطق المغرب (إقليمورزازات على سبيل المثال) هذا القمع والمحاكمات والاحتجاز في مخافر الشرطة والدرك توج بطرد المئات من موظفي التعليم والصحة من عملهم، وقد كان نصيب الاتحاديين والاتحاديات من هذا القمع هو الأوفر (طبعا قمع وحوكم وطرد وسجن العديد من غير الاتحاديين). وبقدر ما بدا أن هذا القمع قد تم التحضير له حيث نصبت حكومة المرحوم المعطي بوعبيد وأبعدت حكومة الأستاذ أحمد عصمان لكونه رفض تنفيذ هذا المسلسل القمعي في مواجهة جزء من الشغيلة المغربية. فإذن فبقدر ما كان القمع مدبرا ليكون شاملا، كان موقف الاتحاد في منتهى الوضوح والشجاعة في مواجهة ذلك القمع، إن على المستوى الإعلامي حيث صحافة الحزب كانت في قلب المعركة أو على مستوى المتابعة لما كان يجري في الساحة قبل وخلال وبعد الإضراب من طرف الأجهزة الحزبية مركزيا وإقليميا، أو على مستوى الانخراط الحماسي لمناضلي ومناضلات الحزب في قطاعي التعليم والصحة، في الاعداد للمعركة وخلال أيام التنفيذ أو على مستوى الدعم المادي لضحايا القمع خلال فترة الطرد. إن إصرار القيادة النقابية قطاعيا ومركزيا على ضرورة ارجاع المطرودين إلى عملهم من جهة، والدعم المادي والمعنوي للاتحاد الاشتراكي و للقوى الحية بالبلاد، أرغم الحكومة على تسوية الملف بعد 13 شهرا، خلافا لكل المؤشرات التي كانت تؤكد أن فترة الطرد ستطول. إلا أنه ما أن بدأ الجسم النقابي يتعافى من المخلفات السابقة، حتى لاح في الأفق أن معركة اجتماعية أخرى أكبر حجما وأكثر شمولية قادمة وذلك بالنظر إى القرارات الاقتصادية والمالية والاجتماعية التي أعلنت عنها الحكومة والتي كانت بمثابة زلزال ضرب المواطنين ذوي الدخل المحدود على رأسهم الشغيلة المغربية، وفي غياب محاور حكومي مسؤول، وجدت النقابة نفسها إما أمام خيار الدخول في معركة شاملة لمواجهة الاستهتار الحكومي أو الاستسلام لسياسة الأمر الواقع والتي قد تكون نتائجها مقبرة للنضال الاجتماعي أو على الأقل أنها ستكون أكثر سوءا من أية نتائج سلبية تترتب عن المعركة وكان الخيار هو الإعلان عن اضراب 20 يونيو 1981 الذي التحم فيه عموم المواطنين بفصائل الشغيلة المغربية باعتبار أن المعركة هي واحدة عنوانها حماية القوت اليومي للمواطن المغربي. إن المساندة الواسعة للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية لهذه النضالات وانخراط كل فصائل اليسار المغربي وخروج المواطنين في كل من الدارالبيضاءوالرباط وطنجة وفاس وغيرها من المدن لحماية قرار النقابة والعمل على اعلان تضامنها مع الشغيلة المضربة، هذه المعطيات أكدت أن المركزية التي أعلنت عن الإضراب أصبحت إرثا وملكا لكل هؤلاء، وبالتالي لا يحق لأحد مهما بلغت عطاءاته وتضحياته أن يحتكر لنفسه ملكيتها والتصرف فيها، ذلك أن هذا الالتحام الواسع قد يصبح مدخلا لمرحلة متقدمة للنضال السياسي والاجتماعي. لقد نجم عن اضراب 20 يونيو اعتقال جزء من المكتب التنفيذي CDT على رأسهم الكاتب العام والمئات من الأطر والمسؤولين النقابيين في مختلف الأقاليم والعمالات، والآلاف من الموطنين وخصوصا بمدينة الدارالبيضاء. وقد ظلت أجواء معركة 20 يونيو مهيمنة على الحياة السياسية والاجتماعية بالمغرب لمدة طويلة خلال خريف 1981 سيتخذ الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية قرارين مهمين سيكون لهما بصماتهما القوية على المراحل اللاحقة ولربما أن هذه البصمات لاتزال قائمة... كنا في سجن لعلو حوالي 20 مناضلا اتحاديا وبعض النقابيين ذوي انتماءت سياسية أخرى، نقضي السنة الحبسية التي حكم علينا بها إثر اضراب 20 يونيو، من بين هؤلاء، كان خمسة أعضاء في اللجنة الإدارية الوطنية للاتحاد الاشتراكي وهم:عبد الهادي خيرات، أحمد بنجلون، عبد الكبير المالكي، أحمد إيزي والطيب منشد، هؤلاء الخمسة توصلوا بمشروع بيان أعده المكتب السياسي للرد على لموقف الرسمي للمغرب بالموافقة على قرارات نيروبي الثانية القاضية بتنظيم استفتاء بالصحراء، قصد الاطلاع عليه قبل إصداره مع امكانية الإدلاء بالملاحظات والاقتراحات، اجتمعنا نحن الخمسة، وللحقيقة أؤكد أنه رغم التباين الذي كان بيننا (2-3) فإنه بعد قراءتنا للمشروع البيان كان هناك اجماع حول قوة وشمولية ومستوى هذا البيان ،اختلفنا في من يحمل ردنا إلى المكتب السياسي، الثلاثة قالوا من جاءنا بالمراسلة الخطية الرد (محمد بوزبع رحمه الله) الاثنان قالا يجب أن يحمل الجواب محامي مسؤول باللجنة الإدارية، فاتفقنا في الأخير على أن يرسل كل منا موقفه مع من يشاء، وقبل أن نبعث برأينا فوجئنا ذات صباح بحركة تنظيف غير عادية يعرفها السجن ،هذه المؤسسة التي تعتبر من بين الأسوأ الأردأ، المؤسسات السجنية، اعتقدنا جميعا أن الأمر يتعلق ربما بلجنة تفتيش ستحل بالمؤسسة، ورغم أن أحد الحراس أخبرنا بطريقة خاصة أنه في المساء، سيأتون بعبد الرحيم بوعبيد،فقد اعتبرناه من باب النكتة لأن الذي خطر ببالنا هو الوزير الأول المرحوم المعطي بوعبيد، خصوصا وأننا كنا نعتبر أن البيان لم يصدر بعد. في المساء وبعد اغلاق أبواب الزنازن، لاحظنا حركة غير عادية بالممرات وعملية فتح لبعض الزنازن كما أننا كنا في الطابق الأول، فجأة سمعنا أصواتا تنبعث من الزنازن الأرضية والتي روادها من معتقلي الحق العام، سمعنا بعضهم يصيح «عاش بوعبيد»،ذهل الجميع والتصقنا بثقب الباب، وإذابنا نرى المرحوم عبد الرحيم وهو يدخل الممر شامخا بشموخ جبال الأطلس حيث بدأت الشعارات تنتقل من زنزانة إلى أخري «الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية» »«عاش الاتحاد» «عاش عبد الرحيم بوعبيد» مع الضرب على الأبواب، واستمر الوضع علي هذا الحال ما يقارب نصف ساعة، وبقدر ما كانت اللحظة مفعمة بالحماس بقدر ما قضينا ليلتنا كل في زنزانته «نضرب الخماسي في السادسي» حول ما حصل، وفي صباح الغد ما أن فتحت الأبواب حتى هرع الجميع إلى غرفة عبد الرحيم ورفاقه... إن وجود عبد الرحيم ومحمد اليازغي ومحمد الحبابي، محمد منصور ومحمد الحبيب الفرقاني في السجن، جعلنا نشعر بنكهة خاصة اختلفت كليا عن الفترة السابقة. أثناء وجود هذه المجموعة من أعضاء المكتب السياسي، وقبل محاكمتهم، علمنا أن المكتب السياسي اتخذ قرارا آخر هو الانسحاب من البرلمان تنفيذا لمقررات المؤتمر الوطني الثالث. وقد علمنا أن معتقلي المكتب السياسي مازالوا معنا بالسجن أي قبل الافراج عن الأخوين محمد منصور والمرحوم الحبيب الفرقاني، ونقل الإخوة عبد الرحيم، اليازغي والحبابي الى قرية ميسور، و جميع نواب الحزب قد سلموا استقالاتهم إلى رئيس مجلس النواب. تصويب واعتذار خلال الحلقات المنشورة تم السهو عن ذكر أسماء بعض المناضلين واذ اتقدم بهذا التصويب فانني اعتذر لهؤلاء الاخوة الاموات منهم والاحياء ،واشكر الذين نبهوني لذلك واعتذر مرة اخرى عن اسماء قد لا اذكرها مؤكدا ان ذلك يرجع فقط لطول الفترة وكثرة الاخوة والاخوات الذين تعاملنا جميعا والتقينا في واجهات متعددة. 1- فيما يتعلق بتاسيس النقابة الوطنية للتعليم،فسواء خلال مرحلة لجنة التنسيق او مرحلة التفكير في التأسيس او مرحلة التأسيس نفسه غاب اسم النقابي والمقاوم المناضل سعد الله الذي يعد من العناصر الفاعلة والتي ذكرتها باسم «مجموعة الدارالبيضاء « وقلت عنها انها كانت اكثر انسجاما من مجموعة الرباط ، فسعد الله كان من الرعيل الاول قبل وخلال وبعد تأسيس النقابة الوطنية للتعليم ، كما غاب اسم المناضل محمد صبري الذي كان ضمن نفس هذه المجموعة الفاعلة والذي سيتحمل مسؤولية الكتابة العامة خلال مؤتمر 1973 ، كما غاب عن مجموعة الرباط عبد الرحيم العوفير والذي سيتحمل مسؤولية المكتب الوطني خلال المؤتمر التأسيسي، واحمد فخري الذي سيصبح عضوا للمكتب الوطني في المراحل السابقة بالاضافة الى زوجته زينب الكادلي. 2- كما تذكرت بعض اسماء اللجنة العمالية الوطنية وان لم اتذكر الجميع هنا اتذكر الاخوة احمد الحليمي ،حسن الصبار،ناصر حجي... 3- ذكرت ان اللجنة العمالية الوطنية قبل المؤتمر التأسيسي بايام قليلة اجتمعت برئاسة الاخ محمد اليازغي وتداولت لاول مرة في اسم الكاتب العام المرتقب حيث كان اسم الاموي هو المطروح بقوة وهذا لايعني انه كان المرشح الوحيد فقد ورد قبله اسم المناضل المرحوم احمد البوزيدي ، والمناضل المرحوم عبد الرحمان شناف ، كما ان السي محمد اخبرنا في هذا اللقاء ان المكتب السياسي في لقائه الاخير تداول في اسم المرحوم البوزيدي.... 4- قلت في احدى الحلقات ان مؤتمر النقابة الوطنية للتعليم المنعقد بدرب غلف شكلت له لجنة متابعة مكونة من محمد جسوس ونوبير الاموي عن المكتب السياسي الحاج محمد بنعمرة بدل عبد المجيد بوزوبع «كما جاء في الحلقة» وعلي غنان عن المكتب التنفيذي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل وعبد الرحمان شناف والطيب منشد عن النقابة الوطنية للتعليم.