تفتتح إحدى أهم قاعات العرض الفني المعاصر بالدار البيضاء «رواق فونيز كادر» موسمها الفني لهذه السنة. بمعرض الفنان التشكيلي المغربي أحمد جاريد من 14 أكتوبر إلى 14 نونبر 2009. في الأعمال الجديدة التي يعرضها ، وكما في معرضه الأخير ب «باب الرواح»، الذي حقق نجاحا كبيرا ، يواصل الفنان، لكن هذه المرة بكثير من التوغل في المادة وتنويع الخامات كالصلصال ومسحوق المرمر وفحم الخشب إلى غير ذلك . ومع أنها تبدو مواد جفيفة ومستخشنة ، فهي بين يدي أحمد جاريد تغدو هلمية وشفيفة ، وهو أمر موصول بموضوعة «النسيان» (2003) ، التي أضحت في أعماله الأخيرة ، بل ومنذ مدة ، تتجه - والمحو التي ما فتئ يشتغل عليها منذ مرحلة السواد ( 1993) ، أكثر فأكثر نحو النور والضوء إلى حد الزهد اللوني امتدادا دائما لاهتماماته الصوفية وهو ما يغري الفنان باستعمال مستخلصات لونية نباتية ومعدنية تتيح ضياء وشفافية أكثر، عساها تبوح بهشاشة أو بصفاء داخلي أو ربما وحدانية دفينة أو ربما عشقا أو لوعة . وكما جاء في مقدمة دليل المعرض : « يمكننا القول بأن العمل الفني لأحمد جاريد يحبل بكل تأكيد حمل صوفيا نادرا ، غير منقطع الواصر عن الواقع ، وإن كان ينهض على أكثر الخامات مادية فهو يعرف كيف يسمو نحو أعالي روحية». يسعى جاريد في هذا المعرض ، مرة أخرى، إلى التقاط ذلك الشيء الغامض ، كما يقول في كلمة قصيرة في كاتالوك هذا المعرض: « قد يلزمنا الغور في أحشاء الأشياء وفي أعماقنا ، فمن الخاصيات التلقائية للفنان النظر إلى ما وراء مظاهر »...الأثر و الأشياء ويمسح بالضوء ، الزجاج الفاصل بين الكون والإنسان، لرؤية ما لا يرى وإدراك المجرد ...ثم يموت منتحرا أمام وردة.