يعد الطيب منشد من المناضلين الذين رافقوا العديد من قادة الاتحاد، واولهم الشهيد عمر بن جلون، الذي يكشف لنا الطيب عنه جوانب خفية، انسانية وسياسية ونقابية. كما أنه يعود بنا الى تفاصيل أخرى تمس الحياة النقابية في بلادنا وكل مخاضاتها، باعتباره شاهدا من الرعيل الأول، ومناضلا ومعاصرا للمخاضات التي عرفتها الساحة الاجتماعية. هناك اشياء كثيرة أخرى، ومواقف عديدة تكشفها ذاكرة الطيب لأول مرة.. حضر هذا المؤتمر وفد مكون من نوبير الأموي، ومحمد جسوس عن المكتب السياسي للحزب، عبد المجيد بوزوبع وعلي غنان عن المكتب التنفيذي (للكونفدرالية الديمقراطية للشغل ) ، والمرحوم الشناف عبد الرحمان والطيب منشد عن (النقابة الوطنية للتعليم SNE)، اجتمعت اللجنة داخل المؤتمر دون علم أحد في محاولة لاعداد مشروع لائحة بأسماء أعضاء اللجنة الإدارية. وخلال هذا الاجتماع حدث خلاف، أعتبره الأكثر حدة بيني وبين الأخ الأموي، وكان خصوصا حول 3 أسماء هم المرحوم عبد الرحمان الشناف وهو حاضر معنا في الاجتماع، والأخوين شوقي محمد، ومحمد بوعبيد، حدة هذا الخلاف جعلت الأخ الأموي يغادر الاجتماع وبعد اتصال مع مندوب عن اللجنة عاد للاجتماع متجاوزا اعتراضاته على عضوية الإخوة الثلاثة داخل اللجنة الإدارية مع الإبقاء على الرفض للمرحوم الشناف ككاتب عام، بدأنا الاجتماع ووقع الخلاف من جديد حول بعض الأسماء، وهنا انسحبت من الاجتماع، ومن المواقف التي أكبرها له أنني عندما انسحبت هو الذي تبعني محاولا اقناعي بالرجوع للإجتماع، لكن الظروف النفسية التي كنت عليها، حالت دون عودتي للاجتماع، فأوصلني بسيارته الى الفندق ثم عاد للاجتماع، في الساعة 4 صباحا، التحقت اللجنة بي بالفندق وسلموني مشروع قائمة بأسماء أعضاء اللجنة الإدارية، وبعد القراءة الأولى للقائمة قلت: هذه القائمة تفتقد للتوازن بين مكونات النقابة، تدخل بعدي مباشرة الأخ الأموي قائلا: الكل مرهق ولن نستطيع المناقشة، علينا أن نؤجل الاجتماع الى الصباح،خرج الجميع من الغرفة وبقيت مع الأخ محمد جسوس حيث طلبت منه النوم في نفس الغرفة، وكان في حالة نفسية وصحية سيئة، وحتى أنه بمجرد ما تمدد بالفراش غرق في النوم، اطفأت مصباح الغرفة، وإذا بي أفاجأ بأن سي محمد يحكي تفاصيل ما جرى بالاجتماع بعد خروجي، اعتبرت أنه استيقظ من النوم، فأشعلت المصباح لأفجأ أنه لايزال نائما وأن ملامحه متغيرة، استمعت إليه وعلمت بكل التفاصيل وكيف صيغت القائمة بعد انسحابي من الاجتماع. في الثامنة صباحا أيقظت السي محمد من النوم وطلبت الفطور، قال لي سأحكي لك ما جرى في الاجتماع بعد خروجك، قلت له أنا أعرف ما جرى، من أخبرك؟ قلت له أنت خلال نومك، فقال: إذن ربحنا الوقت!! وفي هذه اللحظة دخل علينا كل من الأخوين عبد الهادي خيرات ومحمد جوهر، قال الأخ محمد جوهر إنهما مبعوثان من طرف الكاتب العام للك.د.ش وعضو المكتب السياسي إليك، الذي يقول إنك جد متعصب وعرقلت عمل اللجنة، سلمتهما مشروع اللائحة قائلا: أنتما مسؤولان حزبيان ونقابيان، تعرفان مناضلي الحزب والنقابة، فإذا اعتبرتما أن هذه اللائحة متوازنة فأنا أوافق عليها على الفور، بعد إطلاعهما عليها أكدا ضرورة مراجعتها. في الساعة 9 صباحا جاء باقي أعضاء اللجنة التي أضيف إليها الأخوان عبد الهادي وجوهر، وتمكنا جميعا من تنقيح اللائحة واقناع الأخ الأموي بالتراجع عن اعتراضه على المرحوم عبد الرحمان الشناف ككاتب عام. هذه نماذج لبعض الخلافات التي تطرأ من حين لآخر حول بعض القضايا والملفات وكذا حول بعض الأشخاص، ورغم حدة بعضها فإنني لم أشعر في أي مرحلة من المراحل أنها أثرت على علاقاتنا الشخصية أو أنها اصبحت مصدرا للحقد، حيث استمرت المشاورات الدائمة والزيارات المتبادلة وتبادل النصائح والمعطيات... لكن سرعان ما بدا هذا الشعور يتغير من خلال بعض المواقف، أذكر من ذلك نضالات SNE خلال سنوات 1996-1995 (الاضرابات والإعلان عن تنظيم مسيرات...) حيث اقترحت ملفا مطلبيا وبرنامجا نضاليا، عارضه الأخ الأموي بحدة بدعوى عدم امكانية تحقيق هذا الملف المطلبي. وخلال أول اجتماع للجنة الإدارية المنبثقة على مؤتمر المحمدية، كانت عناصر المكتب الوطني القريبة من الأموي تحاول عرقلة طرح الملف المطلبي والبرنامج النضالي على اللجنة الإدارية بحجة أن الكاتب العام للمركزية لا يوافق على ذلك، لكن اللجنة الإدارية والتي تغيب عن اجتماعها المرحوم عبد الرحمان الشناف الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم SNE صادقت بالإجماع على الملف المطلبي وعلى البرنامج النضالي وأوكلت للمكتب الوطني مهمة تصريف البرنامج. لقد وجدنا صعوبة كبيرة مع المكتب التنفيذي قبل التمكن من الإعلان عن إضرابات 1996-1995 بتنسيق مع الجامعة الحرة للتعليم، وبعد الإعلان عن مسيرة الدارالبيضاء، تم استدعاؤنا والجامعة الحرة من طرف وزارة الداخلية، حيث حضر اللقاء كل من وزير التعليم والتعليم العالي والمالية، بالإضافة إلى وزير الداخلية حيث صدر بلاغ مشترك ينص على التزام الحكومة بالعمل على مناقشة 13 مطلبا وحل المطالب المستعجلة والملحة منها، والمطالب المستعجلة في تلك المرحلة هي ترقية داخلية استثنائية وتعديل النظام الأساسي - مراجعة نظام التعويضات بالإضافة الى قضايا أخرى. ابتدأ الحوار وخلاله نضجت حلول القضايا الأساس التي خصص لها مبلغ 3 ملايير من الدراهم وقبل توقيع الاتفاق، فوجئ المكتب الوطني SNE وفوجئ الرأي العام التعليمي والوطني بالإعلان عن الإضراب العام لسنة 1996 وهو اضراب جاء خارج التنسيق العام، حيث أن المركزية في تلك المرحلة لم يكن من اختياراتها اللجوء الى الاضراب العام، ولم يكن هناك أدنى مؤشر على وجوده، خصوصا وأنها قاومت اضرابا قطاعيا بحجة أننا يجب أن نعمل جميعا على الدفع بدمقرطة المؤسسات والانتصار للديمقراطية التي هي الوسيلة الوحيدة لإنصاف الشغيلة. الإضراب العام لسنة 1996 نجم عنه فتح ما سمي بالحوار الاجتماعي لسنة 1996، حيث أن هذا الاضراب أعلن عنه قبل توقيع الاتفاق بين SNE والحكومة، الإعلان عن ذلك الاضراب وفي تلك الظروف عمق الخلاف بيني وبين الأخ الأموي، خصوصا وأن إضرابات 95 و96 بقطاع التعليم والبرنامج المطلبي بما فيه الترقية الداخلية، كان الأخ الأموي يعرف أنني من ورائها والمحرك لها، وهو ما جعلني أتأكد من أن الاضراب العام هو مفتعل لتفويت الفرصة على شغيلة التعليم وعلى البرنامج النضالي برمته، ورغم عدم اتفاقي على الاضراب العام، فقد قمت بواجبي كممثل للكونفدرالية الديمقراطية للشغل بمجلس النواب بالدفاع عن هذا القرار وعن مطالب الطبقة العاملة في جلستين صاخبتين في مواجهة وزير الدولة في الداخلية باسم الحكومة، كما قمت بكل إلتزاماتي ككاتب للاتحاد الجهوي للرباط في التعبئة وايصال الدعوة لكل القطاعات المنقبة وغير المنقبة، كما ساهمت في جلسات الحوار الاجتماعي، وخلاله كانت لي خلافات مع الأخ الأموي، كادت تنفجر يوم صدور البيان العام خلال الاجتماع الذي عقد بوزارة الداخلية بحضور كل الأطراف النقابية والحكومية، حيث اقترحني الأخ الأموي لعضوية لجنة الصياغة، والمضحك في هذا اللقاء أن وزير الدولة في الداخلية الذي اقترح الأستاذ الضحاك ممثلا للحكومة في اللجنة طلب من النقابات في نفس الوقت تعيين ممثليها، قال له الأخ الأموي نحن نقترح الأخ منشد وقال المرحوم محمد عبد الرزاق UMT(الاتحاد المغربي للشغل ) نحن نقترح كذلك منشد ونفس الشيء قال له أفيلال، تدخلت ورفضت العضوية في اللجنة وقلت لهم، من أراد إصدار البلاغ عليه أن يدخل اللجنة، وفعلا بقي الأخ الأموي مع السيد الضحاك لصياغة البيان. سيصبح هذا الشعور الى حد القناعة خلال المؤتمر الثالث للك.د.ش، هذا المؤتمر الذي جاء مباشرة بعد ما سمي بالحوار الاجتماعي لسنة 1996، وهو الحوار الذي حول الغلاف المالي الذي كان مرصودا لقطاع التعليم، ليوزع على كل القطاعات، فقد تميز بحدثين 1- حضور وزير الدولة في الداخلية المرحوم ادريس البصري لجلسته الافتتاحية، 2- تميز بعدم رغبة الأخ الأموي بتجديد ولايته ككاتب عام.