شهادة «الاحتياج، العوز والضعف»، تعددت التسميات والصفة واحدة ، ألا وهي الفقر والحاجة، وثيقة إدارية تسلم من لدن السلطات المحلية بمختلف جهات وأقاليم المملكة، تتكفل الملحقات الإدارية بإجراء أبحاثها حول وضعية الراغبين في الحصول عليها إن كانوا فعلا يعانون الهشاشة والضعف الاجتماعي، وإن تبين لها ذلك حقا تقوم بتسليمها لهم من أجل الادلاء بها لدى المستشفيات العمومية رغبة في المجانية، أو على الأقل التقليص من حجم تكاليف التطبيب التي تثقل كاهلهم، وإن كانت بعض هذه المستشفيات لاتعير لشهادة الاحتياج اهتماما! إلا أن اللافت للانتباه أن شواهد الاحتياج/العوز، كثيرا ما تُسلم لغير مستحقيها، فباستثناء الصرامة التي يبديها رؤساء الملحقات الإدارية تجاه الراغبين في الحصول عليها من أجل توظيفها في بعض القضايا المعروضة على القضاء، أو من أجل الإدلاء بها لدى مصالح الضريبة، وهو ما يتم رفضه جملة وتفصيلا أحيانا كثيرة تخوفا من أية مساءلة/متابعة، فإن ما يشترطه هؤلاء المسؤولون ومعهم أعوان السلطة من شيوخ ومقدمين الذين يجرون الأبحاث، هو الادلاء بوثائق طبية تفيد بأن المعني بالأمر أو أحد أقربائه مطالب بإجراء فحوصات الأشعة أو الراديو ...أو غيرها، لتصبح هي السند لتأسيس تسليم هاته الوثيقة حتى وإن كان المعني بالأمر في حاجة يُسر ويمكنه تسديد مصاريف المستشفى، مما يؤدي إلى عدم تكافؤ الفرص وتراجع الخدمات الطبية المقدمة بالمستشفيات العمومية التي يُثقل كاهلها بالمصاريف وبشهادات الاحتياج التي لم تعد تميز بين فقير وغني، والتي ، بكل أسف، تسلم أحيانا للميسورين ويُستثنى منها «المعسرون»! مجال آخر تسلم فيه شهادات / شواهدالاحتياج وهو المتعلق بالإعفاء من مسطرة الإكراه البدني بالنسبة للمُعسرين المحكوم عليهم الذين منحهم المشرع المغربي هذا الحق انطلاقا من المادة 635 من قانون المسطرة الجنائية، إلا أن عدم وجود إجراءات موحدة من أجل التقيد بها في هذا الإطار ، فتح الباب للاجتهاد الذي زاغ عن البعد الاجتماعي الذي لأجله يتم تسليم هاته الوثيقة الإدارية، مما يتطلب من الجهات المعنية التعامل مع الأمر بنوع من الصرامة والجدية التي من شأنها تسمية الأشياء بمسمياتها، حتى لايحرم الفقير منها وتمنح للغني من أجل التهرب الضريبي أو القضائي، الأمر الذي يدفعنا من جديد للتساؤل حول السر في عدم تعميم بطاقة الاحتياج التي فرض من أجل تسليمها احترام عددمن الشروط/المواصفات، يعهد إلى لجنة مختلطة النظر فيها ودراستها، والتي تغني المعني بالأمر من التقدم أمام مصالح السلطة في كل مرة لطلب وثيقة لتأكيد عوزه!