سقط وزير الثقافة المصري فاروق حسني في الجولة الخامسة من الانتخابات التي جرت بباريس بمقر اليونيسكو من أجل انتخاب المدير العام لهذه المنظمة، وفازت المرشحة البلغارية إيرينا بوكوفا، وهي سفيرة لبلدها بفرنسا ووزيرة سابقة للخارجية بعد أن حصلت على 31 صوتا مقابل 27 صوتا لمرشح مصر . وقد شهدت رحاب اليونيسكو حملة شرسة تقدم إليها 9 مرشحين ودامت الانتخابات لخمس جولات، وهي وضعية لم تشهدها اليونيسكو من عقد الثمانينات. وكانت الحظوظ بجانب مرشح مصر أثناء الجولات الثلاث الأولى، وأثناء هذه الانتخابات تعرض مرشح مصر والجامعة العربية إلى حملة شرسة من طرف الجمعيات الإسرائيلية ومثقفيها بفرنسا خاصة، وأوربا بصفة عامة، رغم أن إسرائيل لم تعارض مرشح القاهرة. وقد احتفلت بهذا السقوط، لفاروق حسني، اللوبيات الإسرائيلية بأوروبا وكذلك جماعات الإخوان المسلمين الذين يحاربون أيضا الرجل لموقفه من الحجاب في بلاده. ولخلافة الياباني كيوشورو ماتسورا لا بد من جولة ثانية بالتصويت السري في شهر أكتوبر من طرف المؤتمر العام الذي يضم 193 عضوا. الأوساط الرسمية الفرنسية كانت منقسمة حول دعم المرشح المصري لهذا المنصب الذي كان يتوفر على حظوظ كبيرة للفوز. ومن خلال مختلف المصادر الفرنسية المتتبعة لهذا الموضوع، يبدو أن قصر الجمهورية كان يدعم المرشح الرسمي لمصر من خلال التحركات التي قام بها مستشار الرئيس الفرنسي هنري غوينو وصاحب مشروع الاتحاد من أجل المتوسط. لكن وزير الخارجية بيرنار كوشنير لم يكن له نفس الرأي، بحكم مسؤوليته، ولم يدل بموقفه خلال تصريحاته للصحافة الفرنسية، واكتفى بالقول إن فرنسا تستضيف مقر هذه المنظمة الأممية، وبالتالي فهي لا تتدخل في الانتخابات. لكن موقف بيرنار كوشنير عبر عنه مثقفون فرنسيون مثل برنار هنري ليفي نايلي ويزيل وكلود لنزمان الذين يعتبرون المرشح المصري معادٍ لإسرائيل، لأنه صرح أثناء العدوان الإسرائيلي على غزة سنة 2008 أنه سيقوم بإحراق الكتب الإسرائيلية الموجودة بالمكتبات المصرية، وهو نفس الموقف الذي رددته بعض الصحف الأمريكية. كما تمت مؤاخذته على دعوته للكاتب الفرنسي روجي غارودي المعادي لإسرائيل إلى مصر. وإذا كانت باريس تدعم هذا الترشيح رسميا، فإن واشنطن ليس لها نفس الرأي. حسب جريدة لوموند، فإن مستشار الرئيس الفرنسي هنري غوينو قدم دعمه الكبير لهذا الاقتراح، بل إنه حسب نفس الجريدة طلب منه كتابة مقال يعتذر فيه عن ما صدر منه تجاه الدولة العبرية. هذا الاهتمام الفرنسي ورئاسته هو لحاجتهم الى دعم مصر من أجل إحياء الاتحاد من أجل المتوسط الذي يوجد في غرفة الانعاش منذ العدوان الإسرائيلي على غزة، لرغبة الرئيس الفرنسي لعب دور في مباحثات السلام المرتقبة بين الفلسطينيين والإسرائيليين فرصة لإعادة إحياء الاتحاد من أجل المتوسط، وبدون المصريين الذين يوجدون وسط هذا الصراع لاعتبارات الجوار والتاريخ لا يمكن لمشروع الفرنسي أن ينجح. وتعتبر الفائزة البلغارية إيرينا بوكوفا أول أمرة ستفوز بهذا المنصب في تاريخ اليونيسكو والتي تهتم بقضايا حوار الثقافات وقضايا التربية والحفاظ على الثرات العالمي.