- هل تعتبر الموسيقى دواءا شافيا في بعض الحالات المرضية المستعصية كالتوتر النفسي والضغط العاطفي والأرق المزمن؟ - أم أنها وسيلة للترويج عن النفس وإفراغ المكبوتات فقط؟ نلاحمس من خلال هذه الورقة بعض مجالات العلاج الطبي بالموسيقى، مع إطلالة تاريخية حول هذا الموضوع: بإطلالة سريعة حول التاريخ البشري السحيق، نجد أن الموسيقى رافقت السير النبوية. بل إن من معجزات سيدنا داوود عليه السلام ما يعرف ب »ترنيمة داوود«، حيث كانت ترانيم مزامره القضبية عند حلول صلوات الفجر من توقطنه لأدائه والتقرب من الله. كما أن الدواء »الشافي« للرسول سليمان كان استماعه للغناء ونبرات »الهارب« من وعكته الصحي عند اليهود القدامى، كما تروي الأساطير والقصص القديمة. وفي الثقافة اليونانية العتيقة توصل الفيلسوف أريسطو أن دقات الإيقاع »الفؤادي« للقلب البشري تتزامن زمنيا مع الإيقاع الموسيقي عند استاع العليل للموسيقى... كما اعتبر الفيلسوف أفلاطون أن الغناء يساعد على التغلب على الأمراض المزمنة، خصوصا منها الأمراض النفسية كالقلق والتوتر النفس يوالاكتئاب والانطواء الشخصي.. وهو ما يؤمن بالفعل علميا الهدوء والسكون والاستقرار العافي لديه بتفريغ مكبوتاته.. وهذه خلاصات أكدها العلم الحديث اليوم. وهكذا، ظل ومازال، الارتباط عضويا بين العلوم الطبية والعلوم الموسيقية قائما.. وهكذا، خلال القرن التاسع عشر، استطاع المغني المشهور والعالم المرموق مانييل اختراع الة فريدة تسمى آلة »لرينسكوب« Largynoscope للشكف العلمي بها عن أمراض الحنجرة.. وهي آلة تجمع بين الكشف الطبي والبحث الموسيقى في »علم الآلات الموسيقية l organologie وخلال نس الفترة توصل الدكتور رديكاميي Récamier إلى ضرورة تدوين وصفات طبية لزبنائه المرضي الذين يشتكون آلام البطن بأخذ العلاج الدوائي بالموازاة مع الاستماع للموسيقى. حيث كان يؤكد أن البطن يجب الإيقاع، ويخفف ذلك حدة الأوجاع بالطب البطاني.. وبفرنسا، كتب الموسيقي ماران ماري 12 »صوناطة« لآلة »الكلافسان« بغية تخفيف آلام المرضى بداء »القطرة«... وهذكا، إذا تصفحنا كتب التاريخ القديم والحديث، نتحقق بالفعل من العلاقة الترابطية بين الطب والموسيقى، إلى درجة أن جل الأطباء كانوا من أشهر المولعين بالموسيقى الكلاسيكية التصويرية... وقد ينصحون بالاتعاد عن العقاقير المهدئة واللجوء إليها في الحلات القصوى المرضية، وتعويضها بحصص الاستماع الموسيقي والاسترخاء الكامل... ولا ننسى بالمناسبة وفي هذا المقام، التذكير بأعمال الدكتكور والموسيقي السويدي »بونطفيك« pontvilc الي أسس، بناء على أبحاث علمية دقيقة، سنة 1942م أول عهد للعالج الطبي بالموسيقى Musicothérapie بمدينة ستوكهولم.. ونذكر أيضا بهذا الصدد بالبحث العلمي المتميز للدكتور »جون مال« الذي قام بدراسة «تأثير الإيقاع الموسيقي علي الأشخاص المصابين باختلال الشخصية وازدواجية - السلوك.. وحاليا الأبحاث الناجعة متواصلة داخل المستشفيات الاستشفائية منذ سنة 1970 بإدراج »العلاج الطبي بالموسيقى« بأ:كثر من 400 مركز استشفائي.. وهكذا تم عقد أول مؤتمر طبي دولي للعلاج الطبي - الموسيقي بالمركز الاستشفائي - ب »سالبترير« salpetriere . هذا ولقد ذكى ذلك الفيلسوف والمفكر الإسلامي أبو حامد الغزالي بقولته المشهورة: »من لم يعجبه الربيع وأزهاره، ويرقه الطير وتغريده، ويسحره العود وأوتاره ، فذاك مريض المزاج عليل النفس محتاج للعلاج«. ويقول الموسيقار محمد الموجي بخصوص نجاعة الموسيقى في تربية النفس وتهديب الذوق وعلاج الداء، وهو يقارن بين الفنان - المربي والطبيب النفساني: »الفن عند الفنان - المربي أسلوب علاجي - تربوي يلفظ القلب من خلاله ما في أعاقه من أحاسيس وشجن وحزن وفرح.. كل الأطباء وجدوا دواء لكل علة إلا الحزن والقلق والألم النفسي.. وكان علي الفن منذ الأزل أن يكون هذا الدواء« الناجع الشافي، ونحن الفنانون أطباء الفؤاد.. فرق واحد يوجد بين الاطبيب والفنان: هو أن الطبيب رجل سليم، و جل يداوي المرضى.. ولكن الفنان لابد له أن يحمل في ذاته وقلبه علة المريض التي يداويها ويعالج منها الناس.. وليس من المفروض أن يحس الطبيب ألم المريض، ولكن الفنان طبيب يعطيك الدواء بلغة الألم«. وصدرت الاحكام على هؤلاء الاشخاص بسبب فرارهم من الجيش او مقاومتهم النظام او مساعدتهم يهودا وحتى لمجرد انتقادات بسيطة للنازيين عبروا عنها في جلسات خاصة ونقلت الى السلطات. وألغى البرلمان الالماني في 2002 كل العقوبات التي صدرت على فارين أو اشخاص يرفضون الخدمة ولكن القرار لم يشمل «الخونة في الحرب». وحضر جلسة البرلمان الثلاثاء لودفيع باومان (87 عاما) الذي فر من الخدمة العسكرية وخاض المعركة لتبرئة المتهمين بالخيانة ايضا. وقد افلت باومان في اللحظة الاخيرة من حكم بالاعدام في 1942 بعدما فر من الجيش الالماني الى بوردو في فرنساالمحتلة. لكنه خضع للتعذيب بعد اعتقاله وعانى من التمييز والتهديدات لعشرات السنين بعد انتهاء الحرب. وحتى اليوم، ما زال باومان يتلقى رسائل من مصدر مجهول. وقال مؤخرا لصحافيين «كنا نعتقد اننا سنلقى تقديرا بعد الحرب لكنهم اهانونا ووصفونا باننا جبناء ومجرمون وخونة وهددونا». واضاف ان «كثيرين منا لقوا نهاية مرة ومهينة ولم يقف احد الى جانبنا». وأسس باومان الذي أرسل في كتيبة الى الجبهة الشرقية في اطار اجراءات تأديبية، في1990 الاتحاد الالماني لضحايا القضاء القومي الاشتراكي للعمل على الغاء كل هذه الاحكام. ومنذ ذلك الحين قام بعدة محاولات لدفع البرلمان الى تبني قانون جديد. ودعا المحافظون الى دراسة الاحكام النازية «كل على حدة» بدلا من اصدار عفو عام لتحديد الاحكام «القانونية». لكن في نظر مؤيدي رد الاعتبار بشكل كامل، تشكل القوانين العسكرية النازية ادوات قمع وكان بعضها مبهما ومفتوحا لكل التفسيرات. وبعد ايام من احياء ذكرى اندلاع الحرب العالمية الثانية في الاول من شتنبر 1939 في بولندا، يستعد النواب لطي صفحة الماضي. وأكد باومان أنه فر بسبب تعاطفه مع ضحايا النازية. وقال «كنت أعتبر هذه الحرب جريمة وابادة». وقد اوقف بعد يوم واحد على فراره وصدر عليه حكم بالاعدام خفف الى السجن 12 عاما والعمل في معسكر اعتقال، بفضل ثروة والده. وبعد ذلك الحق «بالكتيبة التأديبية» التي نشرت على الجبهة الشرقية. وأسس في 1990 الاتحاد الالماني لضحايا القضاء العسكري للقومية الاشتراكية ويعمل منذ ذلك الحين من اجل رد الاعتبار لهؤلاء الضحايا. وتجري حملة في النمسا ايضا من اجل اعادة الاعتبار ل 1200 الى 1400 نمساوي حكم عليهم النازيون بالاعدام بتهمة الفرار، ولإقامة نصب لهم مثل النصب الذي دشن في كولونيا غرب ألمانيا.