صرح مدير الأسرة والتضامن في وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن، بأن المبالغ المالية التي يستخلصها المتسولون سنويا تناهز 7 ملايير درهم وذلك باحتساب مدخول يومي لا يتجاوز 150 درهما لكل متسول، وبأن الأموال المستخلصة سنويا من لدن المتسولين تفوق الميزانية المرصودة للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية،هذا التصريح، يثير أكثر من علامة استفهام حول حقيقة هذه الأرقام خاصة وأن الإحصاء كان تقديريا بالنظر لطبيعة الناس الذين شملهم بحث وزارة التنمية الاجتماعية والذين لايمكن بأي حال من الأحوال أن يصرحوا بحقيقة دخلهم. ويقدر عدد المتسولين، على المستوى الوطني، حسب نفس البحث ب 195 ألفا و950 متسولا، أغلبيتهم نساء واللواتي تصل نسبتهن إلى 51.1 في المائة، مقابل 48.9 في المائة رجال. البحث خلص إلى أن أسباب التسول المصرح بها هي الفقر 51.8 في المائة، الإعاقة 12.7 في المائة ، في حين تصل نسبة المتعاطين للتسول بسبب المرض إلى 10.8 في المائة، و24.7 في المائة تعود لأسباب أخرى، وتصل نسبة التسول الاحترافي إلى 62.4 في المائة. هكذا إذن نمت ثقافة الكسب السهل والاتكالية في مجتمعنا، هكذا يبدأ عدد «السعاية» في التكاثر والتناسل بالرغم من برنامج المساعدة الاجتماعية الذي أطلق مؤخرا والذي ثبت عدم جدواه على الأقل بشكله الحالي مالم ينخرط المجتمع بكل عناصره في هذا المشروع. فإذا كان الجانب القانوني يمنع ظاهرة التسول، فعلى المستوى الاجتماعي، نلاحظ تضامن وتعاطف المجتمع المغربي تجاه هذه الظاهرة، هذا التعاطف يجد امتداده في الموروث الديني والذي يتم فهمه بشكل مغلوط. فالقبول بإعطاء الصدقة، في حد ذاته ليس اعترافا بحاجياتهم بل يساهم في تشجيع مجموعة من الأفراد «الممتهنين» وتفضيلهم طلب الصدقة عوض البحث عن العمل والمساهمة في بناء المجتمع. الاحصائيات التي قدمها مدير الأسرة والتضامن في وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن تبقى نسبية في تقدير المدخول الحقيقي لهؤلاء الذين اتخذوا من السعاية حرفة لهم، فالأكيد أن التصريح بحقيقة الدخل أمر يحجم المتسول عن ذكره، ليس خوفا من الضريبة العامة على الدخل بل فقط تفاديا للإصابة ب « العين!» -اللهم لاحسد -. المثير في الأمر هنا، ليس تنامي جيوش المتسولين، بل أكثر من ذلك، تشكل مجموعات منظمة قد تتحول إلى مافيات التسول وتتطور الأمر لتتخذ أبعادا أخرى قد تصل إلى بروز شبكة الإتجار في الأطفال المعاقين ولم لا التحول إلى تجارة أكثر ربحا، من يدري؟ قد يبدو للبعض أننا نبالغ شيئا ما، لكننا في حقيقة الأمر إلى وضع قد نجد أنفسنا في مواجهته في السنوات القادمة مالم يتم تدارك الأمر من الآن، فحادثة الطفلة نجلاء التي اختطفت قبل سنوات وكانت مختطفتها تعرضها «للكراء» من أجل استغلالها في التسول لاتزال عالقة بالأذهان، وظاهرة انتشار النساء رفقة الرضع في الشوارع لاتزال قائمة بالرغم من حملات دوريات المساعدة الاجتماعية المحدودة، وظاهرة استغلال الأطفال من ذوي الإعاقات المختلفة في التسول لاتزال سارية .