هذه البناية كانت قبل حلول ملك البلاد بالدارالبيضاء، عبارة عن ملحقة لأزبال المطرح البلدي مديونة، حيث كانت يقصدها في كل يوم عدد من شاحنات الأزبال أو شاحنات تحمل بقايا ومخلفات البناء، وإلى حدود ذلك التاريخ أيضا كانت بمثابة «الفندق» الأساسي لعشرات المشردين والمتسولين و «الشمكارة»، ومخبأ استراتيجيا للصوص...! كنا قد أثرنا هذا الموضوع في عدد سابق حين أشرنا الى أن المسؤولين في العاصمة الاقتصادية لايشمرون على سواعدهم إلا خلال الزيارات الملكية، وما عداها تتحول الدارالبيضاء إلى «زريبة» حقيقية لانظام فيها، لا في الشوارع أو الأزقة، ولاحتى أمام المرافق السياحية والحيوية الكبرى في المدينة وغيرها...! في يوم صدور هذا الكلام، فوجئت ساكنة الدارالبيضاء يوم الأربعاء الأخير، بالجهات المسؤولة تسيج هذا المبنى /المطرح بصفائح قصديرية لحجب ما بداخله من أزبال وأعشاش عن الأعين، لتحوله بذلك إلى وكر حقيقي يختبئ فيه كل الفارين من العدالة وكل اللصوص المحتملين في مستقبل الأيام. هذا «الترقاع» الذي سيتحول لامحالة إلى كارثة حقيقية في الأيام المقبلة، هو النهج المتبع من طرف المسؤولين في هذه المدينة، والذين لم تظهر خراطيم مياههم لتنظيف الممرات وبعض الشوارع، ومنها أساسا نفق مسجد الحسن الثاني إلا مخافة أن يمر العاهل الملكي من تلك الأماكن، أما حين سيغادر الدارالبيضاء فستعود المصالح الصفراء الخافتة إلى هذا النفق وستتخذ الحفر والشقوق مواقعها السابقة في جل الشوارع، بما فيها تلك التي يتم تزفيتها حاليا، كما سيعود اللصوص آمنين إلى الأحياء، والأزبال مطمئنة إلى أماكنها السابقة في مختلف الشوارع والأزقة، وسيعتمر المتسولون والمشردون أماكنهم الطبيعية بملتقيات الطرق وأمام الإشارات الضوئية، وأمام الفنادق والمطاعم دون الحديث عن الأسواق والأحياء الشعبية. وهو «الترقاع» الذي أنسى مسؤولي مدينة الدار البيضاء حين كانوا يزينون منطقة عين الذئاب، أن يشيدوا مرحاضا ولو واحدا لزوار هذه المنطقة، وهو أيضا ما أنسى في العديد من الأيام سلطات المدينة بأن ساعة الولاية غير «محققة»، وهو أولا وأخيرا ما ساعد على رهن المدينة في يد «المنهشين» العقاريين وتجار «الريح».