- هل لك أن تخبرنا عن البرنامج الصيفي؟ - برلين مدينة تسبح بين الانهار والخضرة و القناطر ، التي تربط بين اجزائها ، يفوق عددها في البندقية. . فالصيف فيها سكون، وحين ينسل اكثر الناس منها الى شواطئ بحر شرق او شمال المانيا، استمتع كعدد من المتبقين في هذه المدينة الحمقاء بالتيه في مساحاتها الخضراء المفتوحة وانهاء ما تبقى مما يجب اعداده للموسم المسرحي القادم و كذالك كتابة و قراءة الاعمال المؤجلة. - ماذا تقرأ عادة في الصيف؟ - نفسه، الذي اقرأه في الفصول الثلاثة الاخرى من السنة. القراءة عندي ليست موسمية بقدرما هي ضرورة يومية، انني اقرأ كل ما يصل الى يدي، بل انني لا انتقي ما اقرأه و انما هو من يفرض نفسه علي. فغالبا ما اقرأ عددا من الكتب والمواد المختلفة في آن واحد. فالقراءة لم تكن يوما في حياتي موطن المتعة و انما هي بحث محفز و استفزاز للكتابة او الابداع عامة. - وماهو حظ الكتابة؟ - يقول الحسن بن هاني: انتهيت مني و ماانتهيت منك يازمن لكل حادث غد اما غدي فهو الدهر مذابا ليل على نهار هكذا هي الكتابة مذابة ليل على نهار، لا تنتهي في ساعة ، في لحظة ، تهرب ساعات النهار من الزمن بردى و الكتابة لم تصل بعد اوج بدايتها. انها العلاقة الابدية ، عقد رباط كاتوليكي لا ينهيه الا الموت. الكتابة عندي شبه ادمان ، لكنه ادمان جميل، متعة حين توضع نقطة الخلاص ، عناء حين نعتصر ثنايا الذهن ولا تسعف الكلمات. - هل لك أن تعطينا فكرة عن آخر ما قرأت؟ - جرمانيا، يوميات الكاتب المغربي عزيز الحاكم، انها ترحالات مفتوحة بين1997 و2006 في وطن المانيا، هذا الكتاب ، الذي استمتعت به و انا عائد الى برلين من رحلة فنية اخيرة الى المغرب. فمن خلاله يفتح امامنا الحاكم نافذة نطل منها على عوالم المشهد الالماني من خلال عين مغربية، بكل حماقاتها، جنونها، مشاهداتها الكائنة و المتخيلة بلغة ترشح بالوان العبارة، بنسيج شاعري، بل درامي احيانا. ان الكتابة في الثلتين الاولين من هذا الكتاب تكتسيها قوة التعبير الذاتي عن الاحاسيس العامة، الاحاسيس التي قد يلقاها كل انسان عاش مثل او ما هو شبيه بهذه التجربة. - ما هي أحداث آخر فيلم سينمائي شاهدته؟ - المطمئن لا يضيع، هذه هي العبارة التي قالتها الفتاة الصغيرة إشتار لمسافر وحده يبحث عن موسم لقاء صوفي. انه الرحيل في قساوة الصحراء، رحيل عناء لا يُهينُه غير الشوق الى لقاء الاحبة، الى لقاء الذين عانوا الاهوال مثلهم. الفتاة اشتار وجدها - بابا عزيز- يسافران في وهاد بيداء قاحلة ، مضنية و شاقة ، مدفوعين بذالك النغم السري ، محمولين على اجنحة الشوق الروحي مركبته حكايات الجد عن الامير و الغزالة ، عن العشق، الذي لا ينضب ، الذي يمنحهم كل صباح قوة التجدد. انه فلم بابا عزيز للمخرج التونسي ناصر الخمير. - ما هو الكتاب الذي قرأته وأثر في حياتك؟ - ان الحياة تجدد، تطور، تحول ، محطات، للقراءة فيها دور الصحبة. فلا يمكن في نظري ان يكون لكتاب واحد دور الفعل في مسيرة حياة كاملة. ان لكل فترة من حياتنا كتابها و لكل كتاب مرحلته. غير ان هناك كتب تصاحب ذاكرتنا في كل مرحلة بل حتى الرمق الاخير مثل ترجمان الاشواق. - هل كان للهجرة تأثير على كتابتك؟ في حالة الايجاب كيف؟ - على مستوي الافق المعرفي ، على النظرة الى الاشياء ، لقد اخذت الاشياء بعدا مغايرا و اصبح للمشهد تذوق طعم اخر، اكثر قوة و حرارة. اصبح للالوان و لما هو يومي كثافة و عمقا، بل وحتى ما كان ينظر اليه سالفا بعين التفاهة، اصبح الان يحمل دلالات و ابعاد. ان الاحتكاك بالاخر يثير فينا مواطن السؤال دون تحديد نوع الاسئلة و الكتابة شئنا ام ابينا مرآة تعكس هذه التساؤلات، بيد ان الاحاسيس، التي هي في الغالب شرط للكتابة، لا تتغير. - يقال أحيانا أن كتابات الكتاب المغاربة المقيمين في الخارج، ما هي إلا كتابات مغربية تحمل طابعا بريديا أجنبيا. هل توافق هذا الرأي، أم أن لها قيمة مضافة في المشهد الثقافي سواء لبلد الأصل أو بلد الاستقبال؟ - لا يمكن لكتابات كتاب الهجرة المغاربة الا ان تكون مغربية ، انطلاقا من تحديد لمن يكتبون اولا ، و ثانيا بدافع المحركات الانية للكتابة او المعيشية الان او في الوطن الام. فحتى حين يكتب كتاب الهجرة بلغة البلدان المقيمين فيها، فلا يكون في العينين الا الوطن و لا في الافق الا صور و خيالات صادرة من الاعماق ، من القلب ، من المعاناة، بمعنى من غياهب وهاد الاصل ، و بذلك يكون لها ميزة اثراء الساحة الثقافية في كلتا البلدين. - هل من مشروع جديد في الكتابة؟ - كما سبق وقلت ، الكتابة مذابة ليل على نهار. مع ذلك هناك مشروع ترجمة كتاب لرحالة الماني من القرن التاسع عشر .