هي سلسلة حوارت مع كتابنا المغاربة، أو من أصل مغربي، المقيمين في الضفة الأخرى. ننصت لهم ولهواجسهم في هذا الصيف المغربي. منهم من يعرفه القارئ المغربي جيدا ومنهم من نقدمه لأول مرة عبر جريدتنا. يكتبون ويعيشون الكتابة وأسئلتها وقلق اليومي وهشاشته في مجتمعات متعددة، إما هاجروا إليها، أو ولدوا فيها وينتمون لها، أو أنهم يعيشون بين الضفتين متنقلين في عوالم مختلفة زادهم الحروف و الكلمات. ولد نفيس مسناوي في نونبر سنة 1982 بالرباط ويقيم بفرنسا التي زاول بها العديد من المهن، وسافر جما بين مدنها وقراها. بدأ النشر في الجرائد والمجلات وهو تلميذ في الثانوي، وترجمت بعض نصوصه إلى لغات أجنبية. حصل على الإجازة في اللغة الفرنسية وآدابها من جامعة محمد الخامس بالرباط، والماستر في الدراسات الفرانكفونية من جامعة ليموج. أصدر ديوانين شعريين هما «الضوء المنبعث من البعوضة (2006)« و«ابتهال البردية (2008)», ومجموعة قصصية بعنوان «فتنة الشمس (2009)». يعد أطروحة عن الشعر اللبناني المعاصر من جامعة ليموج. { هل لك أن تخبرنا عن البرنامج الصيفي؟ > سأسافر إلى بوردو لتمديد صلاحية جواز سفري المغربي لدى القنصلية المغربية العامة ببوردو. { ماذا تقرأ عادة في الصيف؟ > فعلا قد لا أقرأ أي شيء في الصيف. أنصت على الأخص إلى ما يقترحه علي أصدقائي للقراءة، يكون اقتراحهم صائبا غالب الأحيان، قد يعيرونني كتبا ومجلات نادرة. أطالع مجلات متخصصة في السيناريو والترجمة والرحلات والتربية، وأنتهز الفرصة كذلك لأقرأ روايات أثارت جدلا. { وما هو حظ الكتابة؟ > الكتابة مطلق. مع مرور نصوصي بدأت أنظر إلى الكتابة كجمع طقوس أو كضرب من الصلاة. تحقق الذات الكاتبة ربوبيتها وهي تحفر منقذفة صوب منبع الأشياء لأجل اكتمالها عساها تروي ظمأها الروحي. أنا لا أخجل إذن من أن أنظر إلى الكتابة كفعل تطهير دون العكس، محتفظا في الوقت ذاته في العديد من كتاباتي بثوريتي ونزقي وبحثي. { هل لك أن تعطينا فكرة عن آخر ما قرأت؟ > بالإضافة إلى مجموعة دواوين شعراء لبنانيين منقولة إلى الفرنسية، عكفت على قراءة نتاج الكاتب المغربي الجديد عبد الله الطايع. بما أنه ترعرع في تابريكت مثلي فقد اهتممت به. كان يلزم مدينة سلا، حقيقة، كاتب عميق وصدوق مثل الطايع، بل اضطرت سلا لإنجابه... بدأت برواية «عسكر النجاة» وأتبعتها «شجن عربي». ما شدني إلى عوالمه، هو طفولته التي تشبه إلى حد طفولة العديد من أبناء سلا، طفولة هامش كتبها الطايع بجرأة وصدق نادرين. لا يغطي الطايع الواقع بغربال، بل يكشف الشمس ويتعرى دونما عقدة في أسلوب يتوخى البساطة بما أنه ينقل ما هو مسكوت عنه. وذهب الطايع بعدها أبعد مما يتصور لمساءلته حرية الغرب ومجادلتها ورصد التصور المادي لحياة الرجل الغربي من خلال تجارب الحب المثلية التي خاضها الطايع والتي انتهت بالفشل تقريبا كلها. { ما هي أحداث آخر فيلم سينمائي شاهدته؟ > استهواني فيلم «زمن لثمالة الخيول» للمخرج الإيراني بهمان غوبادي، فيلم مدته ساعة وعشرون دقيقة، حصل على الكاميرا الذهبية في مهرجان كان لسنة 2000 وتوج كأحسن فيلم في مهرجان ساو باولو لنفس السنة. تدور أحداثه ما بين كردستان العراق وكردستان إيران في الجبال التي كانت بعضها مسرحا للحرب قبل أعوام، وحيث تنشط كذلك رحلات تهريب السلع على ظهر الخيول التي يسكرها أصحابها حتى تتحمل البرد والثلج، ومن هنا عنوان الفيلم. تقبل الأخت البكر لعائلة من الصبيان اليتامى أن تتزوج بعراقي مقابل تمويل عملية جراحية لشقيقها الأحدب فيما شقيق آخر يراكم عددا من المهن لنفس الغرض ومنها التهريب ويصير مثالا للإيثار والتضحية. سرعان ما تتبد آمال علاج الطفل الأحدب المريض بإلغاء زواج الأخت. يمرر بهمان غوبادي عبر الفيلم مشكل وضعية الأطفال الأكراد وظروف معيشتهم الصعبة، هم وحدهم أبطال الكاميرا، لعبوا في نضح رجولتهم، وقبل الوقت شاخوا. يحمل الفيلم دلالات سياسية كبيرة فيما يخص الهوية الكردية المشتتة. المخرج هو نفسه من أصل كردي.