ألقى محمود عباس (أبو مازن)، الزعيم الفلسطيني والقائد العام لحركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح في المؤتمر الوطني السادس، وهو المؤتمر الذي لم يعقد منذ عشرين سنة خلت، ألقى خطابا مفصليا وتاريخيا وضع خلاله النقط على الحروف. هذا الخطاب الذي سارعت إسرائيل إلى الرد عليه من خلال رئيسها شيمون بيريز، والذي اعتبره بالخطير جدا، وبأنه إشهار لحرب عليها، وبأن لا وجود بين الفلسطينيين لمعتدل ومتشدد، وأنهم كلهم سواسية. وقد تخلل خطاب أبو مازن شهادته التاريخية عن الأحداث والوقائع التي عاشها إلى جانب قادة حركة فتح، وعلى رأسهم القائد الشهيد ياسر عرفات، كما تخللته نظرته التقييمية لمسار الحركة وما عرفته من نجاحات وما قدمته من تضحيات وما اعترى عملها من إخفاقات أحيانا. وهكذا عالج عباس مجموعة من القضايا، وفي مقدمتها ظروف استشهاد ياسر عرفات الذي تزامن انعقاد المؤتمر مع ذكرى ميلاده الثمانين، وشدد، بهذا الصدد،«لن يهدأ لنا بال حتى نكشف أسرار موت الزعيم ياسر عرفات بعيدا عن كل الترهات» في إشارة منه إلى أبو اللطف. كما تناول الوضع في قطاع غزة التي تسطير عليه حماس وتصرفات العدوان الإسرائيلي في حق العزل، واقترح حلولا عملية لأزمة الانقسام، متحديا حركة حماس، حيث قال بلغة الواثق، «ضرورة الإحتكام إلى صناديق الاقتراع وبطريقة تضمن إجراءها بشكل نزيه وشفاف وبإشراف وضمان جميع الأصدقاء والرأي العام الوطني الديمقراطي والعربي والإسلامي والدولي»، قائلا «الانتخابات الرئاسية والتشريعية يجب أن تتم في جميع أنحاء الوطن في غزة والضفة والقدس». وأضاف«لن نسمح لكائن من كان بلعب دور الطابور الخامس لتقويض هذا الأساس الديمقراطي لحياتنا وعلاقاتنا، لن نسمح لكائن من كان أن يكرس قسمة الوطن، بتخريب الانتخابات، ذلك أن الانتخابات ليست بدعة تستخدم لمرة واحدة من أجل الوصول إلى السلطة، وعند الوصول يتم إلغاؤها، ولا هي مطية لمصالح فصائلية ضيقة». كما حدد أبو مازن الهدف من المؤتمر، واعتبره مطالبا بأن يقدم من خلال قراراته وتوصياته الرؤية والأهداف المستقبلية التي تشكل مجال عمل السلطة الوطنية الفلسطينية: طبيعة الدولة التي يناضلون لبنائها، «دولة نريدها أن تكون وطنا حرا لشعب من الأحرار، دولة ترسخ سيادة القانون، وتحترم حقوق الإنسان، وتصون الحريات العامة، وتحقق المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص، رافضة لكل شكل من أشكال التمييز، دولة تقوم على تكريس التعددية والممارسة الديمقراطية واعتماد صناديق الاقتراع وتداول السلطة، والتسامح وقبول الرأي الآخر، والانفتاح على العالم كي تكون فلسطين كما كانت في حقب تاريخية متعددة ..» وشدد أبو مازن على حقوق الشعب الفلسطيني كاملة غير منقوصة، وفي مقدمتها إقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الخالية من الاستيطان، وعودة اللاجئين كما ينص على ذلك القرار الأممي 194 .