إلى حدود الساعة لا يزال سكان جماعة أم الربيع بإقليم خنيفرة، ومختلف المهتمين بالشأن العام المحلي بهذه الجماعة، ينتظرون إيفاد لجنة مركزية أو إقليمية لتقصي الحقائق في الفضائح المالية التي لم يتوقف الرأي العام عن الحديث عنها، والتي أكد المجلس القروي الجديد اكتشافها، ولم تكن لتضع تحت الضوء لو عاد العابثون والمفسدون إلى مقاعد التسيير من جديد، إذ أن الجميع بهذه الجماعة «المحگورة» لا يجادلون في أمر الخراب المالي الذي خلفه السابقون ممن فتحوا أبواب الجماعة على مصراعيها لاجل «البزنس» والاغتناء اللامشروع ، ولولا يقظة بعض المنتخبين الذين استيقظ ضميرهم واختاروا التخطيط لقلب نظام الرئيس الذي سبق لوزارة الداخلية أن عزلته بطرده من الباب ليعود من النافذة الخلفية بوسائله الخاصة، وقد عمد كعادته إلى تهريب عدد من المستشارين نحو العاصمة الإسماعيلية حيث أخذ في «تعليفهم» تحت حراسة مشددة، غير أن ما لم يكن في حسبانه هو «المقلب» الذي لم يكن يتوقعه يوم تشكيل مكتب المجلس حين وجد نفسه يهوى من فوق «فرسه البرتقالي»، وبعدها أسقطت خيامه التي بناها لغاية إقامة «عرس الرئاسة» وسط قطيع من الخرفان المشوية، وربما كان بديهيا أن يصاب الرجل بهستيرية عنيفة إثر تبخر حلمه بمقعد الرئاسة، وكم أدرك الجميع درجة الهذيان التي إصابته وهو يقذف الرئيس الجديد بقنينة ماء معدني، بينما شوهد أحد أشقائه (عون) وهو يحاول بكل ما لديه من مناورات إجهاض عملية تشكيل المكتب، إلا ان صمود المنتخبين أصابه بالخيبة. أول خطوة باشرها المجلس الجديد هي التنقيب في ملفات التسيير والتدبير، حيث وقف على سلسلة من الاختلاسات والجرائم المالية الخطيرة التي خلفها الرئيس السابق الذي كان قد أخذ مكان الرئيس المعزول لفترة قصيرة (حوالي 3 أشهر) ما قبل انتخابات 12 يونيو الأخير، مما أكد مجددا للمتتبعين مدى النهب الذي يطال جماعة أم الربيع، وكيف أن وزارة الداخلية نفسها وقفت على ذلك من خلال لجوئها إلى اتخاذ قرار عزل الرئيس بسبب تورطه في العديد من مظاهر الفساد والتجاوزات، والجرائم المالية والمشاريع الوهمية التي كشفت عنها الجريدة الرسمية، ليأتي خلفه الذي «عوض أن يعالج المرض قتل المريض»، كما يقول المثل الشعبي، ويمكن إجمال فضائح هذا الأخير في ما تم اكتشافه من شبهات لا علاقة لها لا بالحقيقة ولا بأرض الواقع، ومن ذلك على سبيل المثال شراء الاسمنت (79236,00 درهم) والوقود والزيوت (85000,00 درهم) وقطع الغيار (55152,00 درهم) وإصلاح العربات (39972,00 درهم) والمواد المطهرة (4981,00 درهم) وعتاد الكهرباء (9960,00 درهم) والفرق الرياضية (80000,00 درهم) ولوازم الرياضة (19998,00 درهم) وصيانة المقابر (79980,00 درهم) وعتاد الصيانة (59976,00 درهم)، ثم عتاد التزيين (28800,00 درهم)، وعن هذه الأخيرة مثلا لا أحد من المتتبعين عثر على ما يبرر رواية مصاريف ما سمي بالتزيين، والرأي العام ظل يتحدث بامتعاض وسخط حيال العلم الذي كان يرفرف فوق مبنى الجماعة وهو على شكل خرقة رثة وممزقة (انظر الصورة)، وفي مشهد لن يقبل به أي مواطن مغربي غيور على وطنه ووطنيته. وكل المبالغ التي تمت الإشارة إليها قد تم التلاعب فيها بصور فاضحة، أضف إليها «المشاريع المنجزة»، أو في طور الانجاز، وقد تم صرف فيها اعتماد بمبلغ مليوني ومائتي وتسعين ألف درهم من طرف «الرئيس العابر» وتقني الجماعة، هذا الأخير الذي كان مستعدا في أية لحظة للتوقيع على الوثائق بعينين مغمضتين لمقابل يعرفه الجميع، ويمكن الوقوف على ملابسات شطر 5,5 كلم من الطريق المؤدية إلى عيون أم الربيع. كل هذه الخروقات وجد الرئيس الجديد أن من حقه عدم القبول بالتوقيع أو المصادقة على بعض الفصول، خاصة أمام تهرب «رئيس الأشهر الثلاثة» من تسليم السلط لتحل محله لجنة حاولت إقناع الرئيس الجديد بالرضوخ للأمر الواقع، وبعد شد وجذب تم تحرير محضر في شأن «الرئيس الهارب»، ولم يفت الرئيس الجديد التشديد على إيفاد لجنة للتحقيق في المبالغ الخيالية والمشاريع الوهمية ومصير مشروع طريق أگوز التي يبلغ طولها 2,5 كلم، هذه التي سبق للسكان أن قاموا بتعبيدها بوسائلهم البسيطة قبل أن يفاجأ الجميع بقيام الرئيس المعزول بصرف اعتمادها المقدر ب 40 مليون سنتيم، ولعله «استعمل المبلغ في شراء الذمم أثناء الحملة الانتخابية»، كما هو متداول في تعاليق الخاص والعام، وإلى جانب ذلك تحضر قضية سيارة لاَندْ روفير (69.522 J) التي انتهت صلاحيتها بمحضر مؤرخ في 1997 وانبعثت بقدرة قادر بين فصول ميزانية التسيير من أجل تبرير ما تيسر من الوقود والزيوت باسمها في تلاعب سافر لن يدعو فعلا إلا لمباشرة الإجراءات اللازمة وإخضاع المتورطين للمساءلة والعقاب.