إنها حقا التفاتة مولوية كبيرة نحو واقع كرة القدم الوطنية وإنها لإلتفاتة نوعية جاءت لتخفف من جوقة التباكي بعد الهزائم التي عرفها المنتخب الوطني وبعد خيبة الأمل الكبيرة التي سيطرت على الساحة الرياضية عامة. نعم صدرت الأوامر علنا وبالأرقام الواضحة بصرف مبالغ هامة للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم وتحديدا لمكتبها الجامعي الجديد كي يتصرف في برمجة هذا الدعم السخي، لكن بين شفافية الدعم وحجمه ووضوح قيمته وبين مسلكية تصريفه تظل العديد من الأسئلة الوجيهة تفرض نفسها قبل تفعيل هذا الدعم، وأهمها: 1 - دعم من؟ وماذا؟ إذا ما أخذنا بعين الاعتبار هرمية النظام الكروي الوطني الذي ما كانت لتكون له قمة ونخبة لو لم تكن له قواعد وآليات (أندية) تتحكم ببطولاتها وديناميكيتها في فرز الأجود والأحق بالتموضع إلى جانب الأندية الكبيرة. وغير خاف أن هذه القواعد هي العصب الاحدى عشرة وما تتوفر عليه من أندية في درجات متدنية عبر التراب الوطني من طنجة إلى لكويرة ومن وجدة إلى اكادير. والمعروف أن هذا النسيج العصبوي يعاني من غوغاء دعم مفترض تلهج به المجالس المنتخبة مرة ومرة أخرى تلوح به - وباحتشام كبير نظرا لفقر الأرقام الممنوحة - برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية لكنه يظل في معظمه مرتهنا بالامكانيات الهزيلة عند بعض المحسنين وبعض المتطوعين، وهي كذلك لأنها تفتقر إلى موارد قارة ولا يلتفت إليها الاشهار الذي يطلب ود الاندية الكبرى فقط ولن نغالي إذا قلنا بأنها تمارس الاسترزاق وعندما التفتت إليها الجامعة دعمتها بمنحة سنوية مخصصة لأداء واجبات الحكام لا تتجاوز بالنسبة لأندية الدرجة الثالثة وما دونها ثلاثة إلى خمسة آلاف درهم في السنة وبذلك تكون الجامعة تمنح هذه الاندية باليد اليمنى ما تسحبه منها باليد اليسرى. وعلينا أن نتصور كيف يذهب التفكير والانصاف بعيدا عند المسؤولين الجامعيين السابقين عندما يبرمجون في بطولات العصب مباريات الفئات الصغرى بالتساوي مابين الاندية الكبرى والأندية القاعدية التي يكاد اليقين عند صناع القرار يذهب إلى أنها تربي الدجاج أو الفئران في حين أن الأندية الكبرى هي المحظوظة بتربية اللاعبين الذين يمارسون - بعد نضجهم - مع النخبة ... وأي حيف أكبر من أن هذا الدعم الذي تستفيد منه الاندية الكبرى يتوزع جزء منه على »الكوادر« المكلفة في »مدارسها« بالفئات الصغرى في حين أن تأطير نفس الفئات بالأندية الصغرى متروك للإبهام والارتجال والتطوع. 2 - بعد سؤال دعم من؟ وماذا؟ نتساءل عن منهجية الدعم الحالي أي كيف؟ وعلى أي أساس؟ ووفق أية معايير؟ إذ لا نعتقد أن جلالة الملك وهو يمد يده الكريمة لانعاش رياضة أبانت عن بوادر سكتة قلبية (كرة القدم) على الأقل على الصعيدين القاري والعربي، لا نعتقد أنه فعل ذلك بانتقائية وبتفضيل هذا الفصيل عن ذاك من أبناء شعبه عبر التراب الوطني. 3 - وثالث الاسئلة يختص بالاسبقيات في برمجة الدعم. أي ماهي البرامج الاستعجالية المقترحة التي تحتاج إلى هذا الدعم باعتباره تمهيدا للمضي قدما نحو الفصل بين الهواية والاحتراف، إذ المفترض ألا يذهب الدعم إلى شراء العتاد الرياضي أو أداء واجبات الأطر أو ركوب مخاطر المنشآت أو السفريات الماراطونية عبر القارات فقط، بل هناك أسبقية كبرى وهي الاعتناء بالعنصر البشري فيما يخص تكوين الأطر التقنية لتغطية حاجيات الأندية من المدربين والمربين وهي النقطة التي تشكل خصاصا كبيرا في الحركة الكروية الوطنية رغم أنها أساس أي مجهود يروم التوجه الفعلي نحو المستقبل علما بأنه لا تنمية ولا تتطور ولا عبقريات بدون تعليم ولا تعليم بدون معلمين ولا معلمين بدون تكوين ولا تكوين بدون منهاج وطني موحد وهادف.