انتظر أهل الرياضة أن تفي مؤسسات القطاعين العام والخاص، بالتزاماتها وفق اتفاقياتها مع وزارة الشباب والرياضة المبرمة في أكتوبر 2008 بمناسبة انعقاد المناظرة الوطنية حول الرياضة، لكنها لم تفعل، وظلت تلك الاتفاقيات التي وقعت لدعم الرياضة الوطنية، بدون تفعيل ولم تترجم إلى أرض الواقع! انتظر الجميع منذ ذلك التاريخ، وعاين المتتبعون كيف انحبست مخططات واستراتيجيات المناظرة الرياضية في قفص غابت معه كل إمكانيات التفعيل والتطبيق، تعددت النكبات والانهزامات، و«بُهدلت» الحكامات والديمقراطيات، وعاد جل رؤساء الجامعات الرياضية إلى مواقعهم بدعم من جموع عامة مفبركة ومهيأة لتغييب التغيير! ولأن الحال ينطبق عليه «كيخافو وما يحشمو»، فإن تلك المؤسسات المالية والاقتصادية التي لم تحترم ما التزمت به في الاتفاقيات المبرمة، عادت لترضخ في النهاية وتحركت تنفيذا للتعليمات الملكية! ووفقا لهذه التعليمات، سيتم ضخ 25 مليار سنتيم سنويا في صناديق جامعة كرة القدم الوطنية.. نعم الكرة ولاسواها! ولتنتظر الأنواع الرياضية الأخرى دورها في القادم من الأيام! فهل نعتبر هذا الدعم المالي المهم والكبير، بداية انفراج للأزمة الكروية الوطنية؟ وهل المال وحده كفيل بتحقيق الإقلاع المرجو والارتقاء بهذه الكرة لمستوى الطموح؟ في هذا الإطار، من المفروض استحضار التجارب السابقة، خصوصا تلك الاتفاقية الشهيرة التي وقعتها الحكومة المغربية في سنة 2005 مع جامعة الكرة، وتم بموجبها ضخ 12 مليار سنتيم في صندوق جامعة الجنرال حسني بنسليمان، وكيف تم الالتفاف على ذلك الدعم، وتحويله لاتجاهات لم تستفد منها كرة القدم الوطنية، بعد أن اقتصر صرف جزء كبير منها على تحويل العشب الطبيعي للملاعب إلى عشب اصطناعي استنزف أموالا طائلة جدا، وجزء آخر خصص للمنتخب الوطني! وكان من المأمول حينها، وكما طالب بذلك فاعلون رياضيون، أن يتم توجيه ذلك الدعم الحكومي للأندية الوطنية، حتى تتمكن من تقوية هياكلها، وتعزيز بنياتها، وحتى يكون بمستطاعها إيلاء كل العناية للاعبيها والاهتمام بشكل أفضل بفئاتها الصغرى وبالتكوين والتأطير! لم يحدث ذلك، وظلت الأندية تصارع الخصاص والعوز، وانشغلت عنها الجامعة بمنتخباتها ولاعبيها القادمين من الخارج، واكتفت بمدها من فترة لأخرى، بفتات ما تجنيه من عائدات النقل التلفزي..! ورحل مسؤولو الجامعة من دون أن يخضعوا للمحاسبة ولا للسؤال حول طريقة صرف كل تلك الأموال! اليوم، وقد ضمنت الجامعة 25 مليار سنتيم، ستنضاف إلى عائدات النقل التلفزي والإشهار، أصبحت ملزمة بتوجيه كل اهتمامها للأندية الوطنية والعناية بإطار الممارسة المحلية، والتفكير جديا في إطلاق صافرة انطلاق العمل بنظام الاحتراف، فذاك هو المطلوب، وذاك هو المنطقي، وليس فقط الاقتصار على تخصيص هذا الدعم للمنتخبات الوطنية فحسب! لكن وقبل كل ذلك، يفترض أن يعاد تأهيل العنصر البشري المسؤول عن تسيير كل الهيئات المسيرة من جامعة، عصب وأندية. فتدبير صرف كل هاته الأرقام المالية الكبيرة، يتطلب حكامة جيدة، وبعد نظر، وتكوينا علميا بخصوصيات محددة، وهي الأمور التي يتفق الجميع على أنها ظلت مغيبة وغير حاضرة حاليا وسابقا! إنها مبالغ كبيرة جدا، والأندية تنتظر نصيبها على أحر من الشوق.. والصيف سيكون ساخنا بشكل غير متوقع وسط أندية الكرة.. التهافت على الظفر بالرئاسة سيكون حادا.. والرهان معروف! المطلوب حاليا تدبير عقلاني لصرف هذه الأموال.. والمأمول وضع نظام فعال للمراقبة.. والمحاسبة، وإلا فسيكون الأمر كمن يدفع بالشاة للرقص مع الذئاب!