خلد الشعب المغربي وفي طليعته أسرة المقاومة وجيش التحرير، امس الثلاثاء، الذكرى40 لاسترجاع مدينة سيدي إفني إلى حظيرة الوطن التي تمثل معلمة بارزة في مسلسل الكفاح الوطني من أجل استكمال الاستقلال وتحقيق الوحدة الترابية. وذكرت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، في بلاغ بالمناسبة، أن منطقة آيت باعمران قدمت، كسائر مناطق المغرب، الأمثلة الرائعة على روحها النضالية العريقة ومواجهتها للوجود الاستعماري ومقاومتها لكل مخططاته، إذ أن الباعمرانيين كانوابالمرصاد، منذ بداية الأطماع الأجنبية والغزو الاستعماري، لكل محاولات التوغل والتوسع، وواجهوا مخططات المحتل وخاضوا عدة معارك جسدت أروع صور الجهاد وأصدق آيات البطولة والفداء صيانة لوحدة الوطن ودفاعا عن حوزته. واستطاع أبناء قبائل آيت باعمران تحقيق النصر وصناعة المعجزات رغم محدودية إمكانياتهم. ولقنوا المستعمر دروسا في التضحية والصبر ونكران الذات. وقد كان لتحديات المستعمر وتطاوله على مشاعر الباعمرانيين بمحاولة ضمهم للشعب الإسباني وإعلان «إسبانية المنطقة» الأثر الحاسم في تفجير طاقتهم لتحقيق الكرامة والنصر برغم تواضع مقدراتهم العسكرية قياسا بما لدى المحتل الأجنبي. وتواصلت مسيرة استكمال الاستقلال، وتحقيق الوحدة الترابية مع استرجاع منطقة طرفاية سنة1958 ولم تتوقف أشكال النضال في سبيل الوحدة وبلغت معارك جيش التحرير شأوا كبيرا وحققت انتصارات باهرة أبان فيها المجاهدون عن أرقى صور البطولة والشهامة والوطنية الخالصة لم يجد معها الاستعمار الإسباني بدا من التحالف مع نظيره الفرنسي لمواجهتها. وظل المغرب مع ذلك متمسكا بمطالبه في تحرير أراضيه وظل أبناء الصحراء يقاومون الاحتلال الإسباني، واستطاع المغرب من جديد أن يحقق خطوة جبارة على درب استكمال التحرير باسترجاع مدينة سيدي إفني من قبضة الإسبان في30 يونيو1969 . وكانت منطقة سيدي إفني، بحكم موقعها الاستراتيجي، محط أطماع استعمارية وهدفا سعت قوات الاحتلال إلى تحقيقه باعتبارها بوابة بحرية مؤهلة للإنزال العسكري والعمليات الحربيةولطبيعة سيدي إفني وأرضيتها الصالحة لهبوط الطائرات وتضاريسها التي تجعل منها حصنا يطل على امتدادات شاسعة من عمق تراب آيت باعمران والأقاليم الجنوبية عموما. وهكذا حطت جيوش الاحتلال بكل ثقلها في المنطقة منذ سنة1934 وعززت وجودها بكثافة متوخية منها أن تؤدي وظيفة عسكرية. وقد خاض المغرب بقيادة جلالة المغفور له الحسن الثاني قدس الله روحه حملة دبلوماسية قوية وموصولة واستطاع أن يجعل مطلب المغرب في استرجاع أراضيه المحتلة قضية تحظى بالأولوية في المحافل الدولية، محبطا كل المناورات لإحقاق الحق، وتكللت جهوده باسترجاع مدينة سيديإفني إلى حظيرة الوطن الأب حيث قال رضوان الله عليه في خطابه المولوي عند زيارته لمدينة سيدي إفني في18 ماي1972 «أرجوكم أن تبلغوا تحياتنا إلى سكان الإقليم، وبهذه المناسبة أبلغ سكان المغرب قاطبة افتخاري واعتزازي وحمدي لله وتواضعي أمام جلاله لكونه أنعم علي بأن أكون ثاني الفاتحين لهذه البقعة». وكان تحرير مدينة سيدي إفني منطلقا لتقوية جهود المغرب في استعادة باقي أجزائه المحتلة. وهكذا، تكللت هذه الأعمال المتواصلة بمعجزة اندهش لها العالم أجمع تمثلت في إبداع الملك الموحد جلالة المغفور له الحسن الثاني لمبادرة رائدة في ملاحم التحرير عندما قرر جلالته تنظيم مسيرة شعبية سلمية استقطبت آلاف المتطوعين وساندها أشقاء من العالم العربي والإسلامي ومن مختلف الدول وساروا في طلائعها يوم6 نونبر 1975 ، فكان جلاء آخر جندي أجنبي عن الصحراء المغربية يوم28 فبراير1976 ورفرفت الراية المغربية خفاقة في سماء العيون، تزف بشرى انتهاء عهد الاحتلال الإسباني للصحراء المغربية وبزوغ فجر الوحدة الترابية للمغرب من الشمال إلى الجنوب. وإحياء لهذه الذكرى الوطنية المجيدة، احتضنت مدينة سيدي إفني بإقليم تزنيت برنامجا احتفاليا امس الثلاثاء، تضمن إقامة مهرجان خطابي القىت فيه كلمات وشهادات تستحضر الدلالات العميقة لهذه الملحمة الوطنية الخالدة ، وتكريم صفوة من13 من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير وتوزيع مساعدات اجتماعية وإعانات مالية على عدد من المنتمين لهذه الفئة المكافحة الجديرة بكل عناية ورعاية. كما شمل البرنامج توقيع اتفاقية تعاون وشراكة بين المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير والمجلس العلمي المحلي بتزنيت في مجال صيانة الذاكرة الوطنية والتعريف بمضامينها الخالدة. وأشارت المندوبية إلى أن تخليد الذكرى40 لاسترجاع مدينة سيدي إفني إلى حظيرة الوطن يندرج في سياق التعبئة الموصولة للدفاع عن المكاسب الوطنية، وتثبيت الوحدة الترابية بإجماع الشعب المغربي وقواه الحية في مواجهة التحديات وكسب رهان المقترح المغربي القاضي بمنح الحكم الذاتي الموسع للأقاليم الجنوبية للمملكة في ظل السيادة الوطنية.