من المنتظر أن يعرض على أنظار الوكيل العام لجلالة الملك نهاية هذا الأسبوع أو بداية الأسبوع المقبل ملف سوق الجملة للخضر والفواكه بالدارالبيضاء ، بعد أن شارفت التحقيقات الجارية من قبل عناصر الشرطة القضائية بأمن مولاي رشيد على الانتهاء. ملف سوق الجملة الذي سيشكل أكبر فضيحة تلاعب بالمال العام والتزوير - إذا ماتمكن التحقيق من أخذ مجراه الطبيعي بعيدا عن التدخلات- يعتبر ثاني محاكمة على التسيير الجماعي بمدينة الدارالبيضاء بعد ملف السليماني والعفورة بالمركب السكني أولاد زيان، وبالنظر إلى عدد الأشخاص الذين تم الاستماع إليهم طيلة الأشهر الماضية والتحركات التي قادتها عناصر مختلفة لتحوير مسار التحقيق عن مجراه الطبيعي فإن كل المؤشرات تفيد بأن الملف أكبر من أن تحجب حقيقته محاولات البعض لطمس الحقائق إن بالترهيب أو الترغيب . مصادر مقربة من التحقيقات أفادتنا أن مجموع مايمكن أن يكون قد تم اختلاسه على سنوات وفي فترات متقاطعة يناهز 60مليار سنتيم خلال السنوات الأخيرة مابين عمولات التفويتات ولعبة تغيير السلع والتلاعب في الميزان والإقرارات وكراء المحلات التجارية لتخزين الصناديق الفارغة، بالإضافة إلى عمليات أخرى كانت تتم تحت جنح الظلام وبمسميات مختلفة. نفس المصادر لم تستبعد أن تنطلق جلسات التحقيق التفصيلي مباشرة بعد إحالة الملف على القضاء وأن يتم استدعاء أسماء شخصيات عمومية للإستماع إلى إفادتهم في المرحلة الأولى مع إمكانية أن تتم متابعة بعضهم على خلفية المشاركة في الاختلاس وتبديد المال العام والتلاعب بمداخيل مرفق عمومي واستغلال النفوذ والتزوير، وهي على الأرجح التهم التي سيتابع بها المتورطون في فضيحة سوق الجملة للخضر والفواكه بالدارالبيضاء. من جهة أخرى أفادتنا مصادر من داخل السوق أن الإدارة وفي سياق الضغط على التجار لتغيير أقوالهم، التجأت إلى أسلوب المساومة والتدليس، حيث يتم استدعاء التجار الذين يكترون المحلات التجارية لاستغلالها في تخزين الصناديق الفارغة ويتم تلقينهم التصريحات التي سيدلون بها أمام عناصر الشرطة القضائية بحيث يقرون بأنهم مجرد عاملين عند الوكلاء المسجلة هذه المحلات بأسمائهم، وهو الأمر الذي اكتشف خلال الاستماع إليهم، حيث لم يقدروا على إثباث علاقة تشغيل بينهم وبين الوكلاء، خاصة إذا علمنا أن مدة استغلال هؤلاء لهذه المتاجر يفوق الست عشر سنة وهناك آثار معاملات مالية سنوية معهم. يذكر أن الاختلالات المالية والتلاعبات في سوق الجملة كانت محل متابعات صحفية مكثفة في الآونة الأخيرة قبل أن تتحرك النيابة العامة لتباشر عناصر الشرطة القضائية التحقيق بعد أن فاحت رائحة الفساد وأصبح الحديث يدور حول هوية المستفيد الحقيقي من الأموال المختلسة، خاصة بعد أن تم نشر خبر اعتبار السوق صندوقا أسود خاصا وهو ما يتداول حاليا مع استمرار التحقيقات وتصريح أحد المسؤولين بمجلس المدينة بحسب ما أورده أحد التجار الذين تم الاستماع إليهم- انه سيلتجئ إلى جهات عليا لوقف أية متابعة، الأمر الذي يطرح التساؤل عن هوية هذه الجهات العليا، خاصة إذا علمنا أن ملفا مماثلا لاختلاس سابق بسوق الجملة للدار البيضاء قد تم إقباره وتوقيف مسطرة المتابعة فيه من دون سبب أو تبرير قانوني منطقي، فهل ستتدخل جهة ما لوقف المتابعة واستكمال التحقيق، أم أن المسطرة ستأخذ مجراها الطبيعي، ذلك ما ستكشف عنه الآتي من الأيام.