إن جارك في حاجة إلى مساعدتك، فهل تهبّ للمساعدة؟ هل تحجز لنفسك أسبوع إجازة على شاطئ كابو أو بويرتو فلارتا ، أو من أجل اكتشاف معالم مكسيكو سيتي أو إحدى المدن الكولونيالية في قلب المكسيك من أجل المصلحة العامة. والواقع أن السنة الحالية سنة جيدة لسياحة التعاطف والتآزر؛ وإذا كان العديد من الأميركيين الذين تقاطروا على نيويورك بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر وعلى نيوأورليانز بعد إعصار كاترينا فعلوا ذلك نتيجة إحساس بالواجب، فالحقيقة أن المكسيك اليوم في حاجة إلى زيارات مماثلة وتستحق الإحساس نفسه. فجارنا الجنوبي يواجه سنة كارثية لأن الظروف الحالية هناك ليست جيدة، في ظل الارتباط القوي للاقتصاد المكسيكي باقتصاد الولاياتالمتحدة؛ غير أن تزايد القلق جراء العنف الناتج عن الحرب على المخدرات وانخفاض أسعار النفط ومجيء إنفلوانزا الخنازير، زاد من إلحاق الضرر بالمكسيك كعلامة تجارية. ومما زاد الطين بلة، قيام واشنطن في وقت سابق بمنع دخول الشاحنات المكسيكية إلى الولاياتالمتحدة، في خرق سافر لاتفاقية التجارة الحرة بين بلدان أميركا الشمالية، المعروفة اختصارا ب«نافتا«، ثم اعتباراً من الأسبوع الماضي، وجوب توفر الأميركيين الذين يعبرون الحدود إلى المكسيك على جواز سفر من أجل دخول البلاد مرة أخرى، وهو تغير يتوقع أن يعمق الأزمة في البلدات الحدودية المكسيكية التي يتردد عليها الأميركيون. يعد قطاع السياحة الأكبر من حيث توفير فرص العمل في المكسيك، وثالث أكبر مصدر للعملة الأجنبية بالنسبة لهذا الاقتصاد الذي يبلغ حجمه تريليون دولار، وذلك بعد صادرات النفط والتحويلات المالية التي يرسلها المكسيكيون العاملون في الولاياتالمتحدة. لكن التقديرات تشير إلى أن إنفلوانزا الخنازير وحدها ستكلف البلاد نحو 5 مليارات دولار من العائدات (هذا مع العلم أن السفر إلى المكسيك كان متراجعاً أصلا نتيجة الركود في الولاياتالمتحدة). فعلى سبيل المثال، فإن معدلات شغل الفنادق في مدينة كاكون في شهر مايو لم تصل حتى إلى الثلاثين في المئة. وإذا كانت أعلى درجات الحذر بخصوص الفيروس قد رُفعت في المكسيك، فإنه لا أحد يعرف على وجه اليقين مدى استمرار تأثيره على السياحة. وفي هذه الأثناء، من المتوقع أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي الخام للمكسيك بنحو 12 في المئة خلال الربع الثاني من هذا العام. ولكن، لماذا على الأميركيين أن يكترثوا؟ أولا بسبب الواجب الأمني القومي. فقل ما تشاء عن المكسيك، والحق أن ثمة الكثير من الأشياء السلبية التي يمكن قولها في هذا الباب، إلا أن جارنا الجنوبي كان ومازال شريكاً صديقاً ومستقراً، ويمكن الاعتماد عليه منذ ما يزيد على نصف قرن، ومن مصلحتنا أن نحافظ عليه كذلك. إن الخطاب السياسي لبلدنا قد لا يعكس دائماً حظنا الجغرافي الجيد، الذي نعتبره دائما من الأمور المسلم بها، إلا أن الولاياتالمتحدة محظوظة لأن لديها جارين هما المكسيك وكندا. فهل هناك بلد نامٍ آخر يفوق عدد سكانه 100 مليون نسمة نود لو أنه كان على حدودنا الجنوبية؟ بعبارة أخرى، كم من القوى العالمية الأخرى في التاريخ كان لديها ترف التوفر على حدود برية طويلة لا تحتاج إلى حماية جيش كبير؟ غير أن البنتاجون والعديد من المراقبين المحسوبين على اليمين زادوا فجأةً احتمال تحول المكسيك إلى »دولة فاشلة« ممكنة على حدودنا نتيجة الفوضى وانعدام القانون اللذين تتسبب فيهما كارتيلات المخدرات القوية. غير أنه إذا كان الخطاب قويا أكثر من اللازم والتشبيه بباكستان في غير محله، فإن القلق بشأن ما يحدث في المكسيك، التي تمثل ثالث أكبر شريك تجاري لنا، يستحق الإشادة لأن لدينا مصلحة قومية كبيرة في بقاء المكسيك ديمقراطية مسالمة ومزدهرة. أهمية المكسيك بالنسبة للولايات المتحدة حقيقة لا يتم الجهر بها كثيرا، ولكن يُعترف بها أحياناً بالأفعال. فتقليدياً، تحتل المكسيك مرتبة بين الأردن والأرجنتين على قائمة أولويات مؤسسة السياسة الخارجية؛ ولكن الموارد التي تخصَّص لتنمية المناطق الحدودية معها أو تلك المخصصة للأمن المشترك قليلة، (حتى بعد المبادرة المناوئة للمخدرات والمعروفة باسم مخطط ميريدا) مقارنةً مع مساعدات التنمية أو المساعدات العسكرية التي تُمنح لبلدان أخرى، ناهيك عن المقارنة مع الاعتمادات المالية المخصصة للتنمية الإقليمية داخل السوق الأوروبية. وعلاوة على ذلك، فإن الأميركيين يتحملون بعض المسؤولية عن الفوضى الناتجة عن المواجهة بين الدولة وكارتيلات المخدرات العنيفة في المكسيك، مثلما أشار إلى ذلك، وعن حق، خلال الأشهر الأخيرة كل من أوباما وهيلاري؛ وذلك على اعتبار أن مستعملي المخدرات في الولاياتالمتحدة هم الذين يدعمون ويمولون الحرب في المكسيك، كما أن الحرب تُستعمل فيها أسلحة قادمة من الولاياتالمتحدة. إن أميركا ليست على وشك تجريم الأسلحة وتقنين المخدرات من أجل مساعدة المكسيك، ولكن الأميركيين يستطيعون المساهمة في مساعدة جارٍ صالح عبر حجز رحلة الى جنوب الحدود. * زميل بمؤسسة «نيو أميركا فاونديشن» عن «لوس أنجلوس تايمز»