الأسرة هي بناء شرعي، أخلاقي ووجداني. وكما يقول «نيكولاس جورني»، مؤلف كتاب حول سلطة المال داخل الأسرة، إن الأسرة كيان محكوم، خلال حياة الزوجين، بتشارك الأموال وتقاسم الموارد والتعامل على أساس واجب التضامن والمساعدة والدعم، بل يتجاوز ذلك إلى مابعد حياة الزوجين... فهو محكوم أيضا بأن يرث أحدهما الآخر في حالة وفاة أحدهما. وعلى العموم، فالمال هو وسيلة للمقايضة، للتبادل وأحيانا للعوض، كما أنه قد يكون وسيلة لإتمام سعادة الزوجين وأحيانا يكون سببا في التطويح بهذه السعادة بعيدا عن الأسرة، كما قد يكون باعثا لتقويض عرى وأواصر المحبة والترابط بين طرفيها. إذن، سلطة المال بين الزوجين هي، دوما، ملفتة للاهتمام، لذلك يجب مراعاتها وأخذها بعين الاعتبار مع ضرورة الحذر من منزلقاتها... حتى لاتذيب العلاقات العاطفية والشخصية... ومن البديهي أنه بالنسبة للعديد من المغاربة، الحب، الحنان، التضامن والتكافل قيم مهمة لهيكلة بناء العلاقات الأسرية... الملف التالي يتحدث عن إمكانيات تعايش العلاقات العاطفية والوجدانية مع الروابط المالية والمصالح المادية للزوجين. فمن جهة، الأفعال تبين أن مضمون العلاقات الأسرية غير حساس للمقايضة الحسابية، ولا لمراقبة الكتلة النقدية للزوجين لضبط اقتصاد الأسرة، ولا لواجبات التضامن، التعاون، المساندة والدعم بين طرفيها. ومن جهة أخرى، فالملاحظة الدقيقة لدوافع تعامل وسلوك الزوجين تجاه بعضهما البعض، تبين أن الروابط الأسرية والعلاقات الزوجية، تقتضي إبعاد منطق المصالح... لذلك فعالم الحميمية، وعالم الاقتصاد داخل الأسرة يجب أن يتحاشيا أي تماس، تفاديا لأن يلوث أحدهما الآخر. ومع ذلك، فالعالمان متشابكان في زخم المعيش اليومي... وبالتالي يفرض السؤال التالي نفسه: هل تعيش الأسرة المغربية في وفاق أم تعيش في خلاف بسبب المال؟... الأمثلة الواردة في ملف اليوم، تؤكد أنه -في كل الحالات المعروضة الإيجابي منها والسلبي- هناك اقتصاد خاص بالعلاقات الأسرية ليس أهمه توازن المصالح وتدبير الموارد وضبط ميزانية الأسرة، بل الأهم أن يستدعي الزواج، قبل كل شي، سيادة القيم الأخلاقية والوجدانية والعاطفية بين الزوجين. إذ يجب أن تحكم العلاقات المالية داخل الأسرة -بالأساس- قوانين الإنصاف والعدالة ومبادئ التضامن والتكافل وقيم المحبة، الوئام، التعايش والتساكن.